- د. عمر عبد العزيز لا يختلف اثنان في أن العروبة هوية راسخة وموازية لكامل الهويات الإثنية والثقافية الأكثر أهمية في العالم.. ذلك أن العرب خرجوا من تضاعيف رسالة التوحيد الشامل،واكتسبوا مع قوة دفعها التاريخية مكانة عالمية ما زالت تتداعى حضوراً إلى يومنا هذا . وقديماً تحدث المؤرخون عن عرب عاربة وأخرى مستعربة. لكن التاريخ يثبت أن هذا التقسيم الثنائي له ماله و عليه ما عليه، فالعرب لم يتواجدوا تاريخياً في شبه الجزيرة العربية فقط، بل كانوا متواجدين في عموم الشام و جزء من فارس و حتى مصر الممتدة إلى صحراء سيناء والنقب. وتدل القرائن اللغوية والأثرية إلى أن لسان العرب المعروف ليس بعيداً عن اللغة الآرامية التي كان يتحدثها السيد المسيح عليه السلام وقومه، بل إن تلك اللغة تكاد لا تختلف جوهرياً عن العربية فيما يشبه العلاقة الجمالية بين الإسبانية والبرتغالية، أو بين الرومانية والإيطالية حين تتشابك هذه اللغات في القاموس والقاموس والصوتيات وأوجه عديدة من القواعد. والشاهد أن عرب الجزيرة العربية كانوا على صلة مؤكدة بما يتجاوز جغرافيّة الجزيرة.. وقد ورد في القرآن الكريم إشارة إلى رحلة الشتاء والصيف التي كان يقوم بها عرب الحجاز إلى الشام واليمن. وقد دعا النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يبارك الله في الشام واليمن قائلاً : "اللهم بارك في شامنا ويمننا" ، وأشار المتصوف الشيخ الأكبر/ محيي الدين بن عربي إلى الشام واليمن بوصفهما توأم اللقاء التاريخي بين عرب الجزيرة و عرب الأطراف قائلاً : أيها المنكح الثريا سهيلاً عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استهلت و سهيل إذا استهلّ يمان التفسير : يقصد بالثريا نجمة ترى من جانب اليمن ، أمّا سهيل فهو نجمة ترى من جانب الشام . و كانت لفظة (النكاح) تعني عند ابن عربي التفاعل بين الثنائيات التي تتواصل وتتفاصل عبر برازخ معنوية ومادية . وهو هنا يرى أن الحجاز برزخ اللقاء التاريخي بين اليمن والشام . و مفهوم ابن عربي الجغرافي والدلالي للشام واليمن يتجاوز مفهوماتنا المعاصرة التي تحصر اليمن التاريخي باليمن السياسي و الشام بجزء من سوريا..!! [email protected]