- أحمد قنبر .. في الآيات الكريمة لسورة «عبس» يوجّه الله عز وجل العتاب لرسوله الكريم «صلى الله عليه وسلم» إذ جاءه فقير ضرير هو ابن أم مكتوم يرجو الهداية.. فانشغل عنه النبي «صلى الله عليه وسلم» ببعض كبار القوم الذين لا يضير الدعوة أن يستمروا في ما هم عليه.. بل عبس في وجهه وتولى عنه وعلى نفس المنهج والقياس «مع الفارق طبعاً» نتوجه باللوم والعتاب إلى بعض المسئولين للغضب الذي يعتريهم تجاه النقد المسئول.. ويكاد غضبهم يصل إلى درجة الانذار والتحذير من عواقب الأمور.. ولو تفهم هؤلاء مافي النقد من تعرية للعيوب وكشف للانحراف ومحاولة تصحيح المسار، وإذا أرادوا الحقيقة لأيقنوا أن الذين يزينون الواقع ويزخرفونه بالخيال هم الخطر الحقيقي على مسيرة البلاد. لقد وعى الرسول الكريم الدرس الإلهي المشار إليه في الآيات الواردة في السورة المذكورة جيداً وحرص ألا يضيق صدره بالنقد والمعارضة .. فذات يوم وهو يوزع بعض الفيء على الناس أخذ اعرابي نصيبه فاستصغره وبسط يده بالسوء وجذب رسول الله من طرف ثوبه جذباً غير رقيق.. وقال: يامحمد زدني فليس هذا المال مالك ولا مال أبيك.. فاستل عمر «رضي الله عنه» سيفه صارخاً: دعني يارسول الله أضرب عنق هذا المنافق فابتسم رسول الله في حنان ورفق وقال: دعه ياعمر إن لصاحب الحق مقالاً. إنه لم يثر في وجهه رغم خروجه عن كل حدود التخاطب واللياقة والأدب.. ولم ينذره إذا لم يرجع بعد ذلك فلابد من الدعوة إلى التفكير في «اتخاذ الإجراءات التي تمنع مثله الوقوف مثل هذه الوقفة» والذي يستقرئ كلام وأحاديث بعض المسئولين يلاحظ هذا الخيط المتصل والمستمر في كل مره: وهو عدم الرضا والضيق بما تكتبه بعض الصحف الرسمية والأهلية والحزبية والنظر إليه على أنه يشكل خطراً على الأمن والاستقرار واتجاهاً نحو الفوضى وإثارة البلبلة.إن سيادة رئيس الجمهورية يؤكد دائماً في خطاباته الدور الرائد للصحافة ويؤكد أن شعب اليمن يمارس الحكم الديمقراطي ويصف الديمقراطية بأنها الصفحات المعلنة وليس القرارات التي تصدر في الظلام وأن الديمقراطية هي الأبواب والنوافذ المفتوحة لا حكم الغرف المغلقة والمقايل المنعزلة عن نبضات الشعب وآماله.. وهي عبارات رائعة من غير شك تهتز لها القلوب وينتشي لها الوجدان بهجة وفرحة فيكاد أن يرى ما يحلم به وقد تحقق في الواقع واصبح قريب المنال.ومن أجل هذه المعاني الجميلة والأفكار السامية التي يبشر بها الرئيس نناقش قضايا هذا البلد ونسعى بالكلمة الصادقة والفكر الملتحم بحركة الناس لتعرية العوائق والمشكلات المتمثلة في صور الانحراف، لأن المعاني الجميلة لا يمكن لها أن تعيش وسط تلوث اجتماعي «وإداري» واقتصادي خانق يحيط بها من كل جانب.