لم يذهب الرئيس الروسي بوتين بعيداً بإطلاقه تلك الأوصاف القاسية على الإدارة الأمريكية، لقد فاض الكيل بالعالم، وقال بوتين ما كان ينبغي قوله منذ مدة طويلة، ففي معرض حديثه عن السياسة الحالية للادارة الأمريكية أشار إلى أن هذه الإدارة تريد أن تمد قضاياها الداخلية إلى كل مكان في العالم مُعتبرة العالم عمقاً استراتيجياً لها ومهدداً لأوضاعها الداخلية، وقال :إن هذه الإدارة تتجاوزالقوانين الدولية وتجيز لنفسها التدخل في أي مكان وفي الوقت الذي تراه.. ونصح بوتين الإدارة الأمريكية بمراجعة النفس والاعتراف بأن العالم لايستقيم خارج التعددية القطبية والقانون الدولي. تلك كانت أكثر التصريحات إثارة لردود فعل داخلية أمريكية، فقد أومأت ضمناً إلى أن الدب الروسي صحا من سباته، وانه انتظر طويلاً حتى يقدم رسالة ناجزة للصقر الأمريكي، وأن التوقيت جاء متناسباً تماماً مع ورطة الإدارة الامريكية في المستنقعين العراقي الافغاني، والتهديدات المتجددة تجاه ايران، والتوسيعات المرئية في حلف شمال الاطلسي، وهو أمر طالما حذرت منه روسيا. تكشف التصريحات اْيضاً عن حالة من التعافي الروسي بعد مرور جسر المتاعب والحرائق، فقد استعاد الاقتصاد الروسي عافيته مُسجلاً نسب نمو ملحوظة، واعتمرت الخزانة الروسية بالمزيد من اْموال النفط والغاز وبيع السلاح ، وتمددت التكنولوجيا الروسية بتفاعل شامل مع التقنيات الحديثة ذات الميزات النسبية ،فيما تعمْلقت الصناعات الاستراتيجية الروسية مُسجلة أنواعاً من الصواريخ الجديدة العابرة للقارات، والعديد من منظومات الاختراق الاستراتيجي بشقيها السلمي والحربي، وتمكّنت روسيا من تسوية أمورها مع منظومة دول الاتحاد السوفيتي السابق بروحية متأنية صبورة، فلم تفلح كافة العوامل المثبطة لنموها.. والآن بدأ الاتجاه نحو استعادة تقاليد العلاقات التاريخية مع دول الجنوب وخاصة في العالم العربي. كل تلك المؤشرات تدل على صحوة روسية مترافقة مع منعة متجددة، بمقابل إخفاقات متتالية للسياسة الامريكية، ولهذا يمكننا استيعاب مضمون الرسالة الروسية التي قالها بوتين وقضّت مضجع بوش ورفاقه الأشاوس في البيت الابيض حتى أن وزير الدفاع الأمريكي فارق اللياقة الأدبية وهو يصف بوتين ب "الجاسوس الروسي السابق " !!. [email protected]