د/عبدالرحيم السامعي: العلاقة الزوجية تتطلب الوعي .. والإسلام لا يتعارض مع الثقافة الجنسية المحامية سلوى القدسي: هناك قصور في الوعي .. ومن الضروري فهم العلاقة دينياً وعلمياً مشكلات اجتماعية عديدة تعترض كل من يحاول أن يلج على استحياء شديد عالم الثقافة الجنسية ومعرفة بعض خفاياه، كون ذلك من وجهة نظر المجتمع من المحظورات الواجب بقائها طي الكتمان.. وهذا ما يجعل العلاقة الجنسية قبل الزواج عالماً مغلفة بالغموض والأسرار ولمخاوف.. التحقيق التالي يحاول رصد بعض جزئيات خاصة بالمشاكل الجنسية بعض المسكوت عنه. الخجل حجر عثرة ظل «عصام» طيلة عام ونصف بعد زواجه يعاني من قصور جنسي يتمثل في عدم الانتصاب والإثارة الكاملة.. الحيرة تملكته من هذا القصور الذي أثر بصورة سلبية على علاقته الزوجية. الخجل وقف حجر عثرة في طريق علاجه.. والنتيجة كانت الطلاق، وحالة نفسية تسللت إليه وتمكنت منه!! الزوجة ضحية العلاقة الحميمة والخاصة جداً بين الزوج «و.م» والزوجة «ن.ص» لم تكن أبداً كما كان يرتبان لها ويتمنيانها بل العكس من ذلك ما حصل .. آلام وأوجاع مبرحة كانت تفسد متعة هذه العلاقة والسبب مفاهيم مغلوطة ظلت مسيطرة على الزوج حول الفحولة وأنها لا تتجلى إلا بمقدار الألم الكبير الذي تشعر به الزوجة، نتج عنه مضاعفات حولت هذه العلاقة إلى كابوس مرعب للزوجة المسكينة، وبالرغم من أنها حاولت مراراً وتكراراً أن تفهم الزوج ضرورة مراعاة حالتها الصحية المتدهورة وعرضها على طبيب أو طبية اختصاصية ولكن دون فائدة .. لأن ذلك ومن وجهة نظر الزوج الفحل«عيب»؟!! ستة أشهر صعبة «بشير......» تعايش مع القلق المتزايد خاصة مع اقتراب موعد زفافه .. استسلم لحالة الخوف من ليلة الدخلة.. وإمكانية تعرضه لانتكاسة جنسية تضعه في موقف محرج أمام أهله وأصدقائه.. هذا بالاضافة إلى اعتياده ممارسة العادة السرية الشائعة جداً بين أقرانه من الشباب والتي بالمقابل ستضعف قدرته الجنسية. وبالفعل فكل ما أقلقه حدث يوم زفافه.. وانتكاسته حصلت واستمرت ستة أشهر طويلة ثقيلة جداً بالنسبة إليه عاشها داخل غرفة نومه أسيراً لحيطانها الموحشة وأفكاره الموجسة القلقة التي قادته إلى طرق أبواب المشعوذين والمدعين كذباً العلاج بالقرآن حتى قبل أن يعرض نفسه على طبيب مختص يشخص حالته تشخيصاً دقيقاً ويصف له علاجاً نافعاً.. وكل ذلك ناتج عن خوفه من اكتشاف أمره. انتكاس متعة إمرأة في الثانية والثلاثين من عمرها.. تتمتع بقدر عال من الجمال.. تزوجت زوجها الأول وعاشت معه مدة ست سنوات.. وبعد وفاة الزوج بأشهر قليلة تزوجت من آخر مدة شهرين.. انفصلا بعدها كونهما اختلفا حول مسائل مادية.. إلا أنها تصف حياتها الجنسية مع الزوج الثاني بكثير من الارتياح.. وتؤكد أنها لم تهنأ بممارسة جنسية ممتعة ومكتملة إلا معه وهذا عائد لظروف الزوج الأول الصحية وإصابته بانتكاسات جنسية ظلت مصاحبة له ويتعايش معها ويقبل بها كأمر محتوم حتى وفاته. الخوف بالمرصاد أخرى في السابعة والعشرين: الزواج أمنيتها غير أن الخوف من واقع سمعت عنه أشياء وخبايا جعلها تؤجل الفكرة حتى حين.. وسرعان ما تعاودها فكرة الزواج مجدداً وهذا شيء طبيعي وغريزي فهي مثل غيرها تمتلك مشاعر وأحاسيس ورغبات عاطفية وجنسية وتبحث عن زوج يتعامل معها بصورة راقية .. زوج يقدر ويؤمن بضرورة اكتمال العلاقة بينهما جنسياً وقبل ذلك عاطفياً. صدمة عنيفة «أحمد....» 22 عامآً .. قروي.. جاء به أهله إلى عيادة طبيب اختصاصي في الأمراض الجنسية وهو في حالة لا وعي ناتجة عن صدمة عنيفة تعرض لها ليلة دخلته.. والسبب ان «أحمد» وبعد إلحاح شديد «دام أربعة أعوام» على والده ييزوجه، تحقق له ما أراد ومن الفتاة التي اختارها هو «بنت عمه» بعد انقضاء مراسيم الزواج دخل إلى غرفة نومه.. أطفأ الضوء واقترب ببطء شديد من عروسه وبهمجية تعامل معها كي يبرهن للحشد الكبير من أهله وأقاربه المنتظرين خارج الغرفة أنه رجل.. بيض وجوههم بسرعة .. وعكس ذلك ما حدث.. رفضته العروس وامتنعت عنه ليال عدة. تخطي القصور في الوعي سلوى القدسي.. محامية متخصصة في قضايا الشخصية وناشطة في اتحاد نساء اليمن/تعز.. سألناها عما اذا كان هناك حالات انفصال سببها الرئيس المشاكل الجنسية عند أحد الزوجين فأجابت: في الغالب لا تفصح الزوجة أو الزوج عن السبب الحقيقي لرفع دعوى الطلاق من الطرف الآخر.. خاصة اذا كان السبب مشكلة جنسية تتمثل في قصور أو عجز ولعل الدافع من وجهة نظري هو قصور في وعي المجتمع ورفضه تخطي حاجز العيب المتوارث بصورة تقليدية بحتة.. بعيداً عن تعاليم ديننا القيمة التي واجهت مثل هذه المشكلات يتحضر مثير للدهشة.. ومن الظلم انتهاء علاقة بين زوجين تحرجا من عرض مشكلتهما على طبيب مختص بعيداً عن تدخل الأهل والمجتمع.. لذا فالمشكلة في وعي المجتمع وهذا الوعي يمكن أن نرتقي به من خلال الفهم الكامل لهذه العلاقة دينياً وعلمياً. الدكتور / عبدالرحيم السامعي رئيس البرنامج الوطني لمكافحة الجذام والمستشار لعدد من المنظمات الصحية العالمية من خلال حالة صحية عرضت عليه تطرق لأسباب المشكلة وحدد أهم أسبابها في التالي: نتيجة لثقافة المجتمع والتراكمات الاجتماعية السلبية نجد أن كل شاب يتصرف تصرفاً تلقائياً وليس نابعاً من معلومات متجددة لا يتحدث عن الجنس مع زوجته ولا يتقبل منها التعامل بإثارة لأن ذلك من وجهة نظره يعني أنها تعلم الكثير عن الجنس وهذا عيب. الفتيات أكثر فهماً ونحن نلاحظ من خلال حالات كثيرة أن الثقافة الجنسية لدى الشابات جيدة على العكس من الشباب والسبب أن كثيراً من هؤلاء الشباب يلجأ لإفراغ طاقته الجنسية بطرق شتى بعيداً عن محاولة الثقافة في هذا الجانب تكون لديهم مفاهيم عن العلاقة الجنسية ومشاكلها.. ولهذا نجد أن الفتيات أكثر فهماً ووعياً وإدراكاً لهذه العلاقة وكيفية التعامل معها. الإفصاح عن المشكلة الغريب أنه وحتى يومنا هذا لا تزال الثقافة الجنسية محرمة في مجتمعنا.. الثقافة الجنسية ممكن أن تعلم بطريقة دينية لا أن تكون مبهمة ينتج عنها فهماً جنسياً خاطئاً.. الثقافة الجنسية لا تعني أنك تثقف الشباب فقط بكيفية ممارسة الجنس.. لذلك فإن كثيراً من هؤلاء الشباب عندما تواجهه مشكلة جنسية لايستطيع البوح بها لا لأهله ولا حتى للطبيب لاعتقاده أن الطبيب سيوبخه نفس التوبيخ الذي سيتلقاه من الأسرة.. الطبيب في هذه الحالة لا يجب أن يقف موقف القاضي ويحكم على هذا المريض حكماً عقابياً وانما يجب أن يمارس مهنته كطبيب دوره يقوم على إخراج هذا الشاب من مشكلته الجنسية وعلاجها بغض النظر ان كانت ناتجة عن ممارسة جنسية خاطئة حتى يشجع هذا الشاب وغيره الإفصاح عن مشاكله الجنسية. الخروج من دائرة القلق وأضاف : أؤكد أن العلاقة بين الطبيب والمريض خاصة المريض جنسياً يجب أن تكون علاقة ثقة متبادلة تشجع المريض على تجاوز المشكلة والخروج من دائرة القلق والخوف من المجتمع.. هذا المجتمع الذي لا يقبل أن تكون هناك أمراض جنسية يجب علاجها.. ويفضل اخفاءها مثل أن يصاب شاب بالجنس عن طريق نقل الدم وليس بالمباشرة الجنسية وهذا قصور في الوعي والفهم نرفضه ويرفضه العلم والدين.. يزيد من مضاعفات هذه الأمراض العدو الأول وحدد د.عبدالرحيم بعض الأمراض بالقول: هناك أمراض جنسية بسيطة ممكن أن تظهر أعراضها على الشاب وتختفي.. منها على سبيل المثال الأمراض الفيروسية التي تنتقل عن طريق الجنس وهي ما نسميها علمياً ب«الحلا الجنسي» وهي عبارة عن فالول مخملي الملمس يظهر علي العضو الحساس يأخذ فترة معينة ويختفي.. أما الأعراض التي تتسبب في حدوث عجز جنسي يجيء في المقام الأول المرض النفسي.. كل من يمارس العملية الجنسية غير المشروعة يصاب بعجز نفسي ناتج عن التوبيخ النفسي والشعور بالذنب وهذا مرتبط بطبيعة مجتمعنا وثقافته المحافظة،لأن الممارسة الجنسية خارج النطاق الزوجي الشرعي مذمومة دينياً واجتماعياً وبالتالي قد يصاب الشاب بضعف جنسي مصدره نفسي. كذلك هناك أمراض تتسبب في حدوث عجز جنسي مثل مرض السيلان الذي يسبب تضييفاً في مجرى الإحليل قد يؤدي إلى الإصابة البكتيرية فهذا المرض من الإحليل إلى القصيب والخصيتين.. واذا وصل إلى هذه المرحلة فإنه يصل إلى الخلايا التي تقوم بتوليد الحيوانات المنوية وبالتالي تؤدي إلى موتها مما يترتب عليه عدم القدرة على الانجاب وهذا يعني تناقص الهرمونات الذكرية التي تسبب العجز الجنسي. تدارك المشكلة وعن إمكانية تدارك المشكلة قال: أؤكد أن العجز النفسي من الممكن أن تتداركه من خلال تأهيل المصاب نفسياً واعادة الثقة إليه حتى يتمكن من العودة لممارسة حياته الجنسية بشكل طبيعي.. وأحب أن أشير هنا إلى أن عامل الخوف من العملية الجنسية نتيجة لعدم وجود الخبرة.. وخاصة الزرواج المبكر من الأسباب الرئيسية للعجز.. بعض الأمراض التي تمنع افراز الهرمونات الجنسية الذكرية قد تؤدي إلى الضعف الجنسي المستديم. العلاج ممكن وأغلب الحالات الجنسية يمكن علاجها بشرط سرعة عرضها على الطبيب المختص وأن يمارس الطبيب مهنته كطبيب وليس كقاض من أجل أن تشجع الشباب لأن الأمراض الجنسية قد تختفي في المجتمع وتكون كالجمر تحت الرماد.. وأنوه إلى أن ضعف العاطفة بين الزوجين هي أيضاً سبب من الأسباب الرئيسية للضعف الجنسي وعلاج ذلك يتطلب التجديد في نمط العلاقة الزوجية من ناحية الممارسة وطريقتها والملبس وغيرها. الثقافة تكتسب ذاتياً هذا ما أكده الدكتور السامعي قائلاً: انا أجد أن الثقافة الجنسية تكتسب ذاتياً بعد الزواج في مجتمعنا نظراً لقصور ملحوظ في هذه الثقافة.. صحيح ان هذه العلاقة خاصة لكنها تتطلب معرفة كيفية التعامل معها بطرق صحيحة باستطاعتنا أن ندرس الثقافة الجنسية قبل الزواج من ناحية دينية والرسول عليهالصلاة والسلام يقول في معنى الحديث «لا تأتوا نساءكم كما تؤتى اأنعام» أيضاً الطب النبوي عالج المشاكل الجنسية ووصفها لها الدواء اللازم.. اذن الدين الإسلامي لا يتعارض مع الثقافة الجنسية شريطة أن تسير هذه الثقافة في الاتجاه البناء وليس الهدام.. تلاحظ مثلاً ان المدارس في الغرب تدرس الثقافة الجنسية ولكن للأسف هذه الثقافة تساعد على الإنحلال بممارسة الجنس خارج العلاقة الزوجية وبعيداً عنها.. ولقد تفاجأت عند قراءتي لدراسة تشير إلى أن 42% من الأطفال داخل بريطانيا من آباء غير شرعيين وهذه ثقافة منحلة نرفضها.. وما نطلبه أن تكون ثقافتنا الجنسية من منظور ديني كونه رادع وملزم للشباب يعطيهم نوعاً من الحرية التي لا تنزلق إلى الخطأ خاصة الجسيمة منها.. عصرنا الحالي منفتح واذا ما أغلقت الأسرة كل أبواب المعرفة بداعي الخوف على الأولاد رغم ضرورة معرفتها. قبل الختام دعونا نعترف بحقيقة عدم امتلاكنا الشجاعة على اتخاذ قراراتنا خاصة التي تتعلق بحياتنا الزوجية وعلاقاتنا الجنسية ومايحيط بها ويصاحبها من مشاكل وكيفية مواجهتها ومعالجتها دون تحرج.. ودون تدخل أطراف لا علاقة لها بذلك أدباً وذوقاً وأخلاقاً.. في الأخير المشكلة إن وجدت تخص طرفين .. اذا واجهاها بشجاعة حتماً سيعمان بحياة زوجية حميمة وعاطفية رائعة.