المكان : مدينة عدن الزمان : 22مايو 1990م المناسبة : إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في ذلك اليوم المشهود والخالد شخصت أنظار اليمنيين قبل أنظار العالم إلى مدينة عدن ثغرهم الباسم وحضنهم الدافىء إلى تلك اللحظة التاريخية التي ارتفعت فيها عالية وخّفاقة رأية الجمهورية اليمنية، حينئذ سالت دموع الفرح .. واطلقت زغاريد البهجة فيما رددت جبال شمسان وعيبان وردفان وجر وضبضب وفرتك وكل الجبال اليمنية الشماء قول أبي الأحرار الشاعر الشهيد/محمد محمود الزبيري: يوم من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا نعم لقد التقت في ذلك اليوم الأغر أيادي سبأ بعد شتات طويل، وجاءوا من كل حدب وصوب بقلوبهم الرقيقة وافئدتهم اللينة وبإيمانهم وحكمتهم اليمانية ليعلنوا للدنيا ميلاد فجر جديد وليعيدوا لأمتهم العربية من المحيط إلى الخليج الأمل والبشرى في زمن التشرذم والانكسار..!! في ذلك اليوم قالت قلعة «صيرة» لقلعة «القاهرة» وقالت أمواج خليج عدن وبحر العرب لأمواج بحر العرب ، وقالت «شبام حضرموت » ل«شبام كوكبان» : إن اليمن لا يقبل القسمة على اثنين، وإن الوحدة أعادت الاعتبار للأرض والإنسان اليمني .. وشكلت نقطة البدء للانطلاق إلى فضاءات أوسع وارحب في الحياة الكريمة ومنذ تلك اللحظة بكل أبعادها ودلالاتها وضع اليمنيون فجر وحدتهم في حدقات عيونهم وشغاف سويداء قلوبهم .. واسكنوها عقولهم .. وجرت مجرى الدم في عروقهم .. بل ورسمت على ملامح وجوههم عنواناً جديداً ساطعاً بالأمل والعنفوان. واليوم ونحن نحتفي بالذكرى السابعة عشرة لعيد أعيادنا المجيدة فان في كل عام من عمر الوحدة المديد بإذن الله ألف حكاية وحكاية لمجد ومكاسب وتطورات وعلى مختلف الأصعدة تجسدت بصورة جلية على كل بقعة من تراب الوطن الغالي .. وغدت تتحدث عن نفسها بلغة الحقائق والأرقام ، وأصبحت أجمل نشيد وقصيدة عشق في أعماق الإنسان اليمني. فقد امتزجت كل الوان وأطياف ونسائم اليمن في جسد واحد متناغم ومتطلع إلى الأفضل والأجمل، وهبت رياح التغيير لتصنع مجداً رائعاً يزداد تألقاً وبريقاً مع الأيام. إن اليمن الذي انتصر بانتصار ثورة 26 سبتمبر و14 اكتوبر على أكثر من عشرين سلطنة ومشيخة وإمارة وجمهوريتين ، وأصبح في يوم 22 مايو 1990م وطناً وجمهورية واحدة تحت علم ونشيد واحد اثبت قدرته الفائقة وإرادته الوطنية العميقة في رفضه لتركة الماضي ومأسيها. قال الحق تعالي :« واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» صدق الله العظيم ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « عليكم بالجماعة، فإن الذئب يصيب من الغنم الشاردة».. وقد استوعب أهل الإيمان والحكمة الدرس .. وكان لسان حالهم يردد مع معن بن زائدة : كونوا جميعاً بابني إذا اعترى خطب ولا تتفرقوا أفرادا تأبي العصي إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحادا.