هل القلب مخزن للعواطف: للمشاعر الحميمية، للحب.. وحتى لمشاعر الإنكسار والكره (عذابات الحب أو مشاعر ردات الحب المعاكسة)، بحسب ما يعتقده الحالمون، الرومانسيون، والمرهفون من الفنانين والأدباء والشعراء؟ أم ان القلب لا يعدو أكثر من كونه عبارة عن عضو يقوم بوظيفة مضخة تقوم بتدوير الدم عبر شبكة من الأوعية إلى عموم خلايا الجسم؟.. رغم أهمية هذه الوظيفة وضرورتها للحياة؟ لفتني برنامج عبارة عن مادة علمية مترجمة قدمتها قناة الجزيرة الوثائقية قبل بضعة أيام. محور موضوع المادة المذكورة كان يدور حول هذا المسألة العلمية والفلسفية في آنٍ معاً. قدّمت المادة العلمية المذكورة مقاربة طريفة، ولكنها غنيّة المُعطىَ.. استندت على وقائع وحقائق دقيقة على ألسنة شهود عيان ممن عاشوا تجربة "تغيير" قلوبهم بأخرى لأناس لم تكن لهم صلة بهم من قبل، بل لم يكونوا على معرفة بهم قبل إجراء عمليات زرع هذه القلوب في مستشفيات أمريكا. قالت سيدة، ذكرها البرنامج بأنها كانت من أولى السيدات الأمريكيات اللاتي أجريت لهن عملية زرع قلب جديد. وكانت الصحافة وقتها (قبل مدة غير قصيرة) تتهافت عليها لأخذ أحاديث منها. تتحدث هذه السيدة عما كانت تقوله للصحافة بعد نجاح عملية زرع قلب جديد لها: أنه من ضمن ما كانت سألتها إحدى الصحف سؤال في ختام مقابلة.. مفاده "ماذا أول ما ستفعلينه بعد ختام هذا القاء معك؟" تقول السيدة: " أجبت بدون تفكير، سوف آخذ كأس جعة" (بيرة).. وأوضحت السيدة: "لست أدري، ما دعاني لقول ذلك، فأنا لم أتعاطَ الجعة في حياتي قط!".. ثم تضيف: "لم أتحول إلى متعاطية للخمرة فحسب.. وإنما صارت لي رغبات واهتمامات لم أكن أحبها من قبل أن يُزرع لى القلب الجديد"!... حتى تقول: "دفعني هذا التحول لأن أحاول أن أعرف من كان ذلك المتبرع صاحب القلب الذي ينبض الآن في صدري؟". كان من تقاليد المستشفى الأخلاقية الذي أجرى لها عملية زرع القلب أن لا يعرّفها باسم صاحب القلب المتبرع.. إلاّ انه وأمام إصرار السيدة، ولأغراض البحث ودراسة هذه الظاهرة سمحت لها إدارة المستشفى بأن تتعرف على أسرة صاحب القلب المتبرع. ولنا عودة لإستكمال الحكاية..