استكمالاً لموضوع الأمس، وهو: هل القلب مخزن للعواطف: للمشاعر الحميمية، للحب.. وحتى لمشاعر الانكسار والكره (عذابات الحب أو مشاعر ردّات الحب المعاكسة)، بحسب ما يعتقده الحالمون، الرومانسيون، والمرهفون من الفنانين والأدباء والشعراء؟ أم أن القلب لا يعدو أكثر من كونه عبارة عن عضو يقوم بوظيفة مضخة مهمتها تدوير الدم عبر شبكة من الأوعية إلى عموم خلايا الجسم؟.. رغم أهمية هذه الوظيفة وضرورتها للحياة؟ * كنا وصلنا إلى قول السيدة: ".. صارت لي رغبات واهتمامات لم أكن أحبّها من قبل أن يُزرع لي القلب الجديد"!... حتى تقول: "دفعني هذا التحول لأن أحاول أن أعرف من كان ذلك المتبرع صاحب القلب الذي ينبض الآن في صدري؟". * تم للسيدة ما كانت تود معرفته،عبر إدارة المستشفى، فتعرفت على أسرة المُتبرع بقلبه.. كان شاباً غاوي ركوب "موتوسيكلات"، ولقي حتفه في حادث سير وهو على دراجته النارية، وعن رغباته وما يحب وما لا يحب، فهذا الشاب كان يشرب الخمرة فعلاً، وأكثر ما كان يفضل الجعة (البيرة). وكان كذا.. وكذا.. الخ. اللافت في الأمر أن كل ما كان يهواه الشاب أو يحب انتقل إلى السيدة المتلقية قلبه.. ليس هذا فحسب.. فهذه حالة أخرى مماثلة: * سيدة أخرى قيل أنه تم زرع قلب بديل لها لملاكم. وهذه السيدة لم تكن تحب الرياضة، بل أنها كانت تكره مشاهدة العنف الذي يكتنف عادة مباريات الملاكمة أو المصارعة. ولكن، وبمجرد أن صار قلب الملاكم المتبرع ينبض في صدرها، حتى تغيرت رغباتها وعواطفها تماماً.. صارت أكثر حرصاً على متابعة و مشاهدة البرامج الرياضية. وما عادت تخاف من مناظر العنف في المصارعة أو الملاكمة. باختصار صارت تحب كل ما كان ذلك الملاكم المتبرع يحب.. حتى قيل أنها صارت أيضاً تكره كل ما كان يكره. الخلاصة: مخزن العواطف: أهو العقل.. أم القلب؟ لازال الأمر لم يتم حسمه بعد. والأكثر من ذلك: بين فرضية أن يكون الدماغ هو مخزن العواطف، وفرضية أن يكون القلب مخزن العواطف ومؤججها، هناك فرضية ثالثة تقول بالاثنتين، أي أن مخازن العواطف والذكريات الرومانسية هي في الدماغ والقلب معاً.. علماً أن مؤيدي هذه الفرضية من العلماء أنفسهم (إضافة إلى بعض الأدباء والفنانين الذين يوافقونهم فرضيتهم هذه) حججهم في ذلك: أن الحقل المغناطيسي للقلب، إلى جانب أنه يفوق ما لدى الدماغ ب 400 مرة، فالقلب في كل نبضة يتبادل مع الدماغ شحنة تواصل كهربي.. وأكثر من ذلك، فربما أن العواطف والذكريات تُخزن في مواقع أخرى - أيضاُ - من الجسم البشري، و هناك دراسات وأبحاث توصلت إلى أن أي بتر من أعضاء الجسم ينجم عنه فقد قدر من الذاكرة، بل أنه حتى خلع سن من الفم، وما يرافق ذلك من قطع للعصب الذي يربطه بالدماغ، يؤدي إلى فقدان جزئي من الذاكرة.. [email protected]