تريم مدينة عدد مساجدها بعدد أيام السنة!! مدينة مأذنة مسجد المحضار التي تعانق في إجلال وشموخ عنان السماء، وتجهر كل يوم ولخمس مرات، بصوت الحق، والتوحيد، والفلاح، فتطبع على الأفئدة الإيمان.. والخشوع. وتريم هي مدينة الأربطة التعليمية، ومقصد الطلاب، وملتقى العلماء من كل ربوع الوطن اليمني، ومنها انطلقت وفود حضرموت في السنة العاشرة للهجرة لتبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتريم من أقدم مدن وادي حضرموت للاستيطان البشري، بحكم موقعها الفريد، وخصب تربتها، وفيض مياهها، قال لسان اليمن ،الهمداني: «وتريم مدينة عظيمة» وعندما قدم نشوان الحميري إلى تريم ورأى بها العلماء والعدل والأمان قال من قصيدة له: رعى الله إخواني الذين عهدتهم ببطن تريم كالنجوم العوائم وهذه النجوم التريمية سمت وتجلت وتلألأت في سماوات خارج جغرافية الوطن، لتسهم وفي جنوب شرق آسيا في إدخال الناس إلى دين الله أفواجاً بالسلوك الطيب..والمعاملة الحسنة.. والكلمة الحق. تريم مدينة تحمّل صباحاً ومساءً مآذن فضاء مساجدها تلك الرشفات الروحية العاطرة.. وأصداء من أناشيد وموشحات في حب ومدح الله ورسوله.. وتجدد التمسك بقيم واخلاقيات الإسلام السمحاء. مدينة تجسد في ملابس أبنائها وطلابها البيضاء.. روح التسامح.. وبريق الفضيلة.. ومعدن الصفاء.. وعظمة البساطة وتعلي من قيمتها العلمية والدينية. وحده هنا صوت المآذن يعلو.. وينشر آيات من المودة.. ويفرش ألف سجادة صلاة.. وتقرأ في وجوه وملامح الناس ماقاله الشاعر: إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع إذن هو الركوع والسجود من سماتهم، وهما مفتاح الصباح وقفل المساء.. قال الحق تعالى: «قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون» صدق الله العظيم. وتريم مدينة سلاحها الدعاء إلى الله جل جلاله.. قال ابن عبدربه: «ماقرعت أبواب السماء بمثل مفاتيح الدعاء» وهي المدينة التي تحف بطلاب العلم فيها الملائكة وتظلهم بأجنحتها.. وتضيء لهم قلوبهم ودروبهم!! ولهذا.. ومن خصائص هذه المدينة الكريمة جاءت الأمثال الشعبية اليمنية لتجسد مكانتها، والتشبث بحبها، فقالوا: «تريم لاتروم غيرها» لاتروم: لاتفضل و«تريم ولوعلى ذلق شريم» الذلق: الحد المسنون الشريم: المنجل وهي دون شك جديرة بكل ذلك.. جديرة لأن تمضي معها إلى حيث الصفاء.. والنقاء... وحديث الروح... وترتيل القرآن... وتكبير حبات المسبحة. وأن تمشي بجوار مساجدها وقبابها البيضاء، وتردد مع البحتري: ومشيت مشية خاشع متواضع لله، لايُزهى ولايتكبَّر