ليلة حزينة عاشها أبناء يمن الإيمان والحكمة يوم الإثنين 2/7/2007م خيم عليها الوجوم والذهول إزاء الحادث الإجرامي الإرهابي الذي استهدف فوجاً سياحياً إسبانياً على مقربة من موقع عرش بلقيس الأثري بمأرب مخلفاً سبعة قتلى من الأصدقاء الإسبان ويمنيين وإصابة 12 شخصاً بجروح متفاوتة بينهم ستة من الجنسية الإسبانية. الشارع اليمني والأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات السياسية والاجتماعية أدانت الحادث واستنكرته بشدة واعتبرته موجهاً لضرب الوطن وتعكير صفو الأمن والاستقرار في عموم ربوعه وأصابت القطاع السياحي في مقتل بعد أن شهد نمواً مضطرداً خلال السنوات الثلاث الأخيرة شهد معها النشاط السياحي في اليمن قفزة نوعية أسهمت في دعم الاقتصاد الوطني بالعملات الصعبة التي يدفعها السياح خلال زيارتهم المواقع الأثرية. وهذه المواقف الوطنية وهذا الإجماع الوطني على إدانة هذه الجريمة نابع من عراقة وأصالة مجتمعنا اليمني المسلم والمسالم الذي يمقت لغة الإرهاب والتطرف والتشدد والغلو ويعلي قيم الوسطية والاعتدال والنهج السليم الذي كان سبباً جوهرياً في دخول العديد من البلدان والقبائل الأسيوية في ماليزيا وأندونيسيا وغيرها دين الإسلام والتزاماتهم بالقيم والمبادئ الإسلامية التي جسدها اليمانيون الأوائل في تعاملاتهم التجارية. التوقيت الذي وقع فيه الحادث كان مدروساً ومخططاً له من قبل الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة هذا الكيان الذي أعلن نفسه منذ أحداث 11 سبتمبر بؤرة للتآمر والعداء والنيل من الإسلام والمسلمين من خلال تصوير الدين الإسلامي بأنه دين متطرف وإرهابي قياساً على الجرائم التي يرتكبونها على اعتبار أنهم حسب فكرهم الشاذ وعقائدهم الفاسدة أهل الإسلام وقاداته والممثل الشرعي والوحيد له، يمنحون أتباعهم صكوك الغفران ومفاتيح دخول الجنة ويسوغون لهم فعالهم الإجرامية وعملياتهم الانتحارية التي يرتكبونها في حق الأبرياء والعزل من المواطنين دونما وازع ديني يردعهم ويردهم عن غيهم أو يحرك فيهم ضمائرهم الميتة وسلوكياتهم الإرهابية التي تتنافى جملة وتفصيلاً مع قيم ومبادئ وفضائل ديننا الإسلامي الحنيف. وهذه الشرذمة الإرهابية بعملها الجبان والغادر أثبتت وبما لا يدع مجالاً للشك أن الإرهاب لا دين له ولا ملة وإنما هو آفة دولية خطيرة نمت وترعرعت في أحضان جهات ومنظمات استخباراتية لتقويض أمن واستقرار الشعوب ويجب على شعوب وقادة العالم قاطبة العمل على تجفيف منابعه واستئصال شأفته لأن الجميع قد اكتوى بنيرانه من وقت لآخر، وما أريد الإشارة إليه هنا هو الرد الحكيم الذي عبر عنه رئيس الوزراء الإسباني في اتصاله مع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح حول الحادث وتأكيده أن هذا الحادث العرضي لن يؤثر على عمق ومتانة العلاقات اليمنية الإسبانية بل على العكس سيزيدها ثباتاً وتماسكاً وهو ما يشكل صفعة قوية في وجه الإرهابيين والمجرمين والسفاحين أعداء الإسلام والإنسانية وستتواصل بإذن الله مسيرة البناء والعطاء والتشييد في عموم أرجاء الوطن ولن تثنيها أو تحد من عزمها مثل هذه الأعمال الوحشية الخرقاء التي لن تزيدنا إلا عزيمة وإصراراً على مواجهتها بكل الوسائل المتاحة ليعم الأمن ويسود الاستقرار ربوع وطننا الحبيب. والمطلوب منا جميعاً العمل على تخفيف الآثار السلبية التي سيخلفها هذا الحادث من خلال البرامج التلفزيونية والكتابات الصحفية والمؤتمرات الصحفية المباشرة التي تعطي العالم صورة حية للحالة الأمنية المستقرة والهدوء والطمأنية التي تشهدها بلادنا وتعكس حالة من الارتياح في أوساط السياح الراغبين في زيارة بلادنا والتعرف على ثقافاتها وموروثها الحضاري والتاريخي العريق والعمل لما من شأنه تجاوز هذه الحادثة ووضع الحلول والإجراءات الكفيلة بعدم تكرارها دون الحاجة إلى التهويل والتخويف والرعب الذي تزرعه للأسف بعض صحفنا المحلية في عقول زوار اليمن من السياح الأجانب من خلال أخبار الحوادث الجنائية وحتى تلك العادية التي لا يكاد يخلو منها مجتمع والتي تحاط بزوابع إعلامية منقطعة النظير. وما ينبغي أن نعيه جميعاً أن اليمن ليس ملكية خاصة لحزب أو قبيلة أو فئة و إنما هو ملكية عامة لكل اليمنيين ومادام كذلك فلا يجوز أن يتوانى أحد في حمايته والذود عن حماه والحرص على أمنه واستقراره. وفي الأخير عزاؤنا لأسر وأقارب وذوي الضحايا الأبرياء الذين سقطوا في هذا الحادث المؤلم من الأصدقاء الإسبان والإخوة اليمنيين والأمنيات للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل والصحة والعافية، والخزي والعار والذل والمهانة وجهنم وبئس المصير لأولئك الهمج الرعاع أتباع الفتنة وعشاق الدماء والدمار من أصحاب الأفكار الضالة والعقائد الفاسدة والضمائر الميتة. ولا نامت أعين الجبناء.