بثلاث يختبر الرجل، وبعبارة أخرى يتم اختبار الرجل بالمرأة وبالمال وبالسلطة فمن لم يضعف أمام واحدة منها يكون قد نجح في الاختبار، أما الذي لم يضعف أمامها مجتمعةً فقد ارتقى إلى مصاف المتميزين عن غيرهم والنماذج النادرة في حياة الناس. المرأة، المال، السلطة ثلاثي له قوته الشبيهة بالنار عند اختبار الذهب.. وبهذا الثلاثي تتم عملية اختبار معادن الرجال.. نقول هذا عن الرجال فقط، فماذا عن الإنسان عموماً ؟ هناك إجابة واضحة على هذا السؤال وضعت أمام عقول الناس منذ حوالي الفين وثلاثمائة عام.. إنها للفيلسوف اليوناني أفلاطون العظيم فهو من قسم شهوات الإنسان إلى ثلاث، شهوة الجنس، وشهوة المال، وشهوة السلطة. هكذا رأى أفلاطون العظيم جاعلاً من وظيفة العقل السيطرة على هذه الشهوات، واخضاعها لفضيلة الاعتدال. هناك من لم يتقبل ما فعله افلاطون عندما جعل من المال والسلطة شهوة مساوية لشهوة الجنس الغريزية المرتبطة بالحفاظ على النوع ؟ وما نراه، أن أفلاطون العظيم لم يبالغ بل نظر إلى الأمر بعين وحكمة الفيلسوف فحب المال والتمازج مع مغريات السلطة يتحول إلى شهوة لها لذاتها ودوافعها ودواعيها المتعددة، وإذا ما كانت قوة الشهوة الجنسية تكمن في كونها غريزية وفسيولوجية، فإن قوة شهوتي المال والسلطة تكمن في تناميها مع تقدم العمر والافراط فيها.. ولهذا مبحثه الذي نتركه لمكانه المناسب ونعود إلى اختبار الرجال أو الإنسان عموماً. وخلاصة القول هو أن هناك الكثير من معايير اختبار الإنسان في توازنه وخضوعه لعقله وتمكسه بقيمه واخلاقياته ومبادئه، ولكن هذا المثلث الذي جعل افلاطون اضلاعه من شهوات ثلاث، هو المثلث الذي إذا ما تغلب عليه الإنسان بفضيلة الاعتدال والتوازن، يكون قد بلغ مرتبة النجاح المتميز واستحق مكانة القدوة الحسنة. نكتفي بهذا لنتأمل في تعاليمنا الإسلامية.. وكيف دعتنا إلى الاستعاذة من شرور أنفسنا فالشر الكامن في النفس هو ما يضعف صاحبه أمام ماهو دون الشهوات الثلاث.