ما يلفت النظر في تصريحات نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني أنه استبعد الوسائل المختلفة التي يمكن ان تلجأ إليها الإدارة الأمريكية إذا ما أحست بالخطر من هذا البلد أو ذاك معتبراً ان كل ساكت عن الإرهاب شريك ناجز في الفعل الإرهابي !! ولا تفسير لسكوت هذه الدولة أو تلك إلا باعتباره تقصيراً عن مطاردة الذين يوسمون بصفة الإرهاب . ديك تشيني اعتبر ان سياسات الحصار المباشر او الذكي لم تعد تجدي في الظروف الراهنة .. وليس أمام الولايات المتحدة إلا أن تقوم باستخدام قوتها العسكرية لتدمير من تعتقد انهم يشجعون الإرهاب .. تماماً كما تم في العراق وأفغانستان . وفي معرض إشارته إلى أحداث سبتمبر أعاد إلى الأذهان مبدأ بوش القائل «بأن من ليس معنا فهو ضدنا». من الواضح والأمر كذلك أن الإدارة الأمريكية لم تعد قادرة على الصبر والأخذ بسياسة النفس الطويل بل تريد مسارعة المعنيين في تطبيق الروشتات والنماذج التي قدمتها الخارجية الأمريكية والتي توجهت تحديداً للبلدان العربية . المطلوب أمريكياً تجفيف منابع الإرهاب .. أيضا التخلي عن جزء من المنظومة الثقافية والتقاليد والأعراف والعادات التي أصبحت تمنع ولوج العرب إلى عالم المثال الأمريكي . لكن البنى الهيكلية والمؤسسية العربية ليست مؤهلة لخوض غمار مثل هذه الاستحقاقات الثقيلة والمطلوبة فوراً ودونما تأخير .. وإذا كان الحال كذلك فالمتوقع ان تتخبط الأنظمة العربية وان تجد نفسها في مواجهات صعبة مع الذات ومع تطلعات الآخرين سواء كانت مشروعة أو انقلابية متهورة . المطلوب عربياً أن تقوم الأنظمة بتفكيك منهجي لبناها وآلياتها باتجاه التماهي مع المشروع الأمريكي مهما كان الثمن صعباً وفادحاً .. والمطلوب من الأنظمة أن تكون شريكة فعلية في ترجمة الرؤية الأمريكية الخاصة بالإرهاب وإلا فإنها لا تختلف عن نظام صدام أو حركة طالبان الأفغانية . وعلى خط الأولويات المحتملة ستوالي الولايات المتحدة ضغطها المتصاعد ضد إيران .. وإذا ما استجابت إيران لدواعي الأمان والخروج من محنة المواجهة المحتملة مع العسكرية الأمريكية المدججة بالقوة الكاسحة فإنها ستتحول إلى حليف قد يكمل الحصار الأمريكي ضد الأوضاع العربية غير المقبولة أمريكياً !.. تلك واحدة من مفاجآت الدهر المحتملة استناداً إلى الملف الإيراني العربي المثقل بالمشاكل وعدم الود وخاصة بعد ثورة الخميني وأثناء الحرب العراقية الإيرانية .. مضافاً إلى كل ذلك التطلعات الإيرانية في الشريط الخليجي وشرق المملكة العربية السعودية والجنوب العراقي . هكذا تجري سيناريوهات ما قبل الانعطافة القادمة التي لاندري متى ستأتي .. ولكن ما نراه ويراه كل الحصيفين أنها قادمة لا محالة