قال الله تعالى في سورة الشورى: «ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور» وفي سورة لقمان قال تعالى: «يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك، إن ذلك من عزم الأمور». فقد أوصانا ربنا تعالى في الآية الأولى سورة «الشورى» بشيئين: الصبر والمغفرة لمن أساء إلينا فقال سبحانه: «ولمن صبر وغفر»..وأوصى لقمان ابنه بالصبر في الآية الثانية «سورة لقمان» فقال: «واصبر على ما أصابك».. والأول أشق على النفس من مجرد الصبر، فاحتاج إلى زيادة التوكيد، فقال تعالى: «إن ذلك من عزم الأمور». جاء في كتاب «البرهان في متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان» لمحمد بن حمزة الكرماني: إن سبب ذلك «لأن الصبر على وجهين: صبر على مكروه، ينال الإنسان ظلماً كمن قتل بعض أعزته، وصبر على مكروه ينال الإنسان ليس بظلم، كمن مات بعض أعزته.. فالصبر على الأول أشد، والعزم عليه أوكد.. وكان مافي هذه السورة من الجنس الأول لقوله تعالى: «ولمن صبر وغفر» فأكد الخبر باللام». ومن ذلك بحسب كتاب «التعبير القرآني» للدكتور فاضل صالح السامرائي، ماجاء في قوله تعالى في سورة البقرة: «ومن يبدل نعمة الله من بعد ماجاءته فإن الله شديد العقاب» وقوله سبحانه في سورة المائدة: «وتعاونوا على البر والتقوى، ولاتعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله، إن الله شديد العقاب» وقوله تعالى في سورة الانفال: «ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب».. فكلها قال فيها تعالى: «إن الله شديد العقاب» مؤكداً ب «إن» وحدها.. في حين قال تعالى في سورة الرعد: «ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات، وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب» فأكد ب «إن» واللام.. وقد زاد اللام في آية الرعد لما مر قبلها من ذكر العقوبات وهو قوله تعالى: «وقد خلت من قبلهم المثلات» و«المثلات هي العقوبات» ولما ذكر من عقوبات الكافرين بقوله تعالى: «وأولئك الأغلال في أعناقهم، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون» وليس السياق كذلك في الآيات الأخرى ، ولاشيء فيه، فلما كان السياق في آية الرعد سياق العقوبات اقتضى زيادة توكيدها.