سيكون على اليمنيات تصفية خلافاتهن عاجلاً وليس آجلاً، فثمة شرطيات خّيالات على وشك إكمال تدريبات الفروسية، وسيسمع الجميع قريباً صهيل خيولهن يتهادى من خلف جدران الأمن المركزي. العميد يحيى محمد صالح- أركان حرب الأمن المركزي- قال ل"نبا نيوز"- على هامش بطولة الفقيد محمد عبد الله صالح العسكرية للفروسية:إنهم وجدوا أن العنصر النسائي في الأمن المركزي كان أكثر حماساً في المشاركة بالفروسية، لذلك عملوا على تشجيعه، إلاّ أنه لم يكتم "أنه كانت هناك صعوبات اجتماعية من قبل بعض القيادات والأشخاص الذين لم يستوعبوا التطور" والذين ما زالوا يعيشون أفكاراً ظلامية"..! وكشف أن هناك توجه لدى قيادة الأمن المركزي لإنشاء إسطبل خاص يتبعها "يشارك في تدريب كوادر الأمن المركزي، ويستفاد منه في عمليات فض الشغب". وأعرب عن أمله بأن يتم دعم هذا المشروع من قبل الإخوة في وزارة الداخلية. إحدى الفارسات - رفضت كشف اسمها- قالت: إن هناك حماساً غير عادي لدى شرطيات الأمن المركزي لتعّلم ركوب الخيل، مؤكدة أنه لو فُتحوا لهن المجال لالتحقن جميعاً - باستثناء حالات نادرة- بدورات التدريب. وحول معارضة البعض للفكرة، قالت: أصلاً موضوع الشرطة النسائية واجه معارضة شديدة في البداية، لكن بعدين المعارضين أنفسهم "شافوا" فوائد الشرطة النسائية عندما يسافروا مع عوائلهم، حيث أنهم كانوا يحرجون جداً عندما يقوم رجل بتفتيش حقائب يد نسائهم أثناء السفر أو دخول أماكن حساسة، فاقتنعوا.. ولأن الشعب اليمني شعب محافظ فهو محتاج فعلاً لشرطة نسائية.. وكذلك الحال سيكون مع ركوب الخيل، تكون البداية صعبة! ولكن لا يبدو أن الأمر سهلاً داخل المؤسسة العسكرية والأمنية نفسها، فالأمن المركزي يعتبر المؤسسة الأمنية الرائدة في التحديث، إذ أنشأ قوات مكافحة إرهاب نسوية، وفتح معهد لغات وكمبيوتر داخل معسكره لتدريب منتسبيه من الضباط وذي الرتب، ولديه ناد رياضي يُجري انتخابات دورية لإدارته، والعميد يحيى محمد نفسه يعتبر أحد أبرز الناشطسيناتور أميركي يهدد بقصف مكة والمدينة ين في المجتمع المدني... إلاّ أن الحال قد يختلف في مكان آخر!. فالفارسة أحلام السياغي - أول فارسة يمنية تشارك في بطولات داخلية- عجزت عن دخول الكلية الحربية العام الماضي للمشاركة في بطولة تقام على مضمارها.. مُنعت من المشاركة، بحجة أن في الأمر إحراجاً إذا ما سمح لإمرأة بركوب الخيل وسط هذا الحشد الذكوري الهائل في الكلية. لكن "كيد النساء عظيم"، فقد دخلت الفارسة أحلام مبنى الكلية بسيارة الفضائية اليمنية التي تعمل مقدمة برامج فيها، وارتدت زي الفارسات الرسمي، واعتمرت خوذتها، ونقلت وقائع المنافسة من داخل المضمار، وأجرت لقاءً مع مدير الكلية، وحال انتهاء البطولة امتطت ظهر أحد الخيول وصالت وجالت في مضمار الحربية، وتقافزت فوق الموانع - كما الفراشة الجميلة- حتى أطفأت نار قلبها. فهؤلاء القادة "يقدسون" القانون والنظام، لذلك كانوا ينظرون لها مقدمة برامج تلفزيونية، وليست فارسة - هكذا تقول الرسالة الرسمية التي حملتها إليهم، وأذنوا لها بموجب ذلك بالدخول..! أما موقفهم من مشاركتها فذلك إرث ثقافي تحكمه عادات وتقاليد البلد. إن اليمن تتعاطى مع متغيرات ساحتها الداخلية بشكل جيد، فالحراك الديمقراطي دفع بالمرأة اليمنية إلى تأطير نفسها في مسيرات ومظاهرات واعتصامات.. وأصبح المشهد مألوفاً أن تحتشد مئات أو حتى آلاف النساء أمام مجلس النواب، أو مجلس الوزراء، أو غيرهما معلنات عن اعتصامهن احتجاجاً على ممارسة ما، أو للمطالبة بحقوق معينة. ولم تكن هذه التجمعات النسوية تخلو من الاحتكاكات بين أطراف العمل السياسي النسوي المختلفة. ففي 2 أغسطس 2003م إندلعت في أمانة العاصمة صنعاء أعمال شغب نسوي خلال انتخابات اتحاد نساء اليمن بعد قيام عضوات أحد الأحزاب المعارضة بالاعتداء على ممثل وزارة الشئون الاجتماعية، وإشهار سكاكين ومطاوي، ثم الاشتباك مع أخريات من أحزاب أخرى، ولم يتم إنقاذ الوضع إلاّ بعد تدخل الشرطة النسائية وأفراد أمن الحراسة، واستخدام خراطيم المياه لتفريق النساء المشتبكات، فيما نقل ممثل الشئون الاجتماعية الى المستشفى. صحيح أن الحادث لم يتكرر لكن لغة المسيرات والمسيرات المضادة بين النساء ظلت مشهداً مألوفاً يكرره الحراك الديمقراطي اليمني، الأمر الذي يجعل من شرطة الخّيالة النسوية احتياجاً وارداً في الحسابات المستقبلية للتعامل مع أي شغب محتمل..