على مدى ثلاثة أيام هي عمر ورشة العمل التربوية التي احتضنتها رحاب جامعة تعز والمتعلقة بأساليب وطرق تدريس مادة اللغة الإنجليزية في مدارسنا، والمعنونة ب «اللغة الانجليزية..التعليم الذي نريد»..كانت بحق ثلاثة أيام مثمرة طرحت فيها قضايا وهموم المدرس والمعلم في الميدان، وكانت الورشة عبارة عن مصب معلوماتي يصب فيه كل معلم خبراته وعلومه المتراكمة، بل حتى ومايعانيه أثناء تدريسه للمادة، وتلاقحت الأفكار المتوافدة من كل صوب لتشكل في الأخير اتفاقاً جماعياً على ضرورة الارتقاء بأداء المعلم باعتباره محور التعليم وتطوير قدراته بشكل دوري ذاتياًَ بعيداً عن أي مطلب رسمي أو حكومي، ليجسد الجميع من خلال مناقشاتهم ورؤاهم مبدءاً مهماً تمثل في «النمو المهني». ماالذي نريده من الإنجليزية؟ هل نحن بحاجة لتدريس اللغة الإنجليزية وتعلمها؟ وعلى أي أساس نتعلمها؟ ومن أجل أي هدف نسعى تحقيقه لتعلمها؟ أسئلة كثيرة طرحت نفسها بقوة في أعمال الورشة، وأجاب عليها بإسهاب الدكتور عبدالله الذيفاني المفكر التربوي ومدير إدارة المكتبات والترجمة والنشر بجامعة تعز، وذلك في حفل افتتاح أعمال الورشة يوم الاثنين الماضي السادس من الشهر التي حضر افتتاحها وكيل محافظة تعز محمد العنسي ورئيس جامعة تعز الدكتو/ محمد الصوفي، حيث فصل الدكتور الذيفاني تلك الاجابات بقوله: إن تدريس اللغة الانجليزية يجب ألا ينطلق من منطلق تعلم اللغة من أجل اللغة أو من أجل اكتساب مهارة المحادثة، كل ذلك مهم، لكننا ينبغي أن نركز على الأهم من ذلك وهو تعلم اللغة لنتعلم كيف يفكر الآخرون، ولنطلع على ثقافتهم وعاداتهم وأساليب تفكيرهم.. وهي الأسرار والمقاصد التي احتواها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله «من تعلم لغة قوم أمن مكرهم». الحث على البحث والتلخيص ووضع الدكتور الذيفاني عدداً من الأسئلة والاستفسارات في كلمته حيث قال: إن الهدف من تدريس اللغة الإنجليزية عندنا غير معلوم، ولايزيد على كونه إضافة شكلية في السيرة الذاتية للطالب أو المتعلم وبشكل سطحي دون أن يضيف شيئاً إلى ثقافته. وأضاف :إن تعلم اللغة الأجنبية لايعني بحال من الأحوال الاستغناء عن اللغة القومية للبلاد، واستدل على قوله بعدة دول درست علوماً عدة بلغتها الأصلية اعتماداً على الترجمة، وقال: إن شيوع لغة ما وانتشارها ليس سبباً في تعلمها كما يعتقد البعض تجاه اللغة الانجليزية حيث أنه ليس كل منتشر حسناً. وطالب بأن تكون أسلوب تعلم اللغة بشكل يحفز الطالب ويحثه على البحث والاطلاع والتلخيص أفضل ممانعطيهم المواد بشكل جاف، وأنه يجب أن يكون لنا هدف أقوى من اكتساب المحادثة أو إضافة بند آخر إلى السيرة الذاتية وهو أن يكون تعلمنا للغة الاحتكاك بالآخرين وتبادل الخبرات والثقافات، والاطلاع على مالدى الغير. مؤكداً أن مايتم تدريسه حالياً ليست لغة علم، وهذا لايكسب الطالب ملكات الحوار في قضايا علمية أو ثقافية، ولاتتيح للطالب إمكانية البحث، وهذا يعد ظلماً وهدراً للمال وللوقت وللجهد. كن متتبعاً..ولاتكن تابعاً ويضيف المفكر التربوي د.الذيفاني:إن أوائل المسلمين المترجمين، قاموا بترجمة علوم الحضارات دون المساس بهويتهم ولغتهم القومية، وتتبعوا علوم الآخرين لكنهم لم يكونوا تابعين، كما هو حال كثير من متعلمي الانجليزية اليوم، الذين ربما يضحي بأفضل مالديه من هوية وثقافة في سبيل تعلم لغة قوم ما، فعلينا تعلم اللغة دون التفريط بهويتنا وقيمنا. كما تطرق في حديثه إلى بعض الاحصائيات والأرقام والدلائل حول واقع تعلم الانجليزية في مدارسنا وقال :إن 70% من الطلاب يشكون من أن المعلمين لايستخدمون وسائل تعليمية، كما يشكون خلو طرق التدريس من التنويع والتشويق، بالإضافة إلى أن مانسبته 38% من الطلاب يحول الدافع النفسي والرغبة الذاتية في التعلم حائلاً بينه وبين التعلم الجيد، وخاصة جانب الخوف من اللغة والخوف من الرسوب.. مختتماً حديثه بالقول إن اللغة إلانجليزية ماهي إلا دراسة وثقافة وخبرة ومعرفة. جو الورشة تميز الجو العام للورشة بالنقاش الهادف والحوار الايجابي، واستعراض مايعانيه المعلم والمتعلم من صعوبات تحول دون توصيل المادة التعليمية بشكل مستوعب أو مدرك. كما تم فيها عرض عدد من المحاضرات لعدد من المتخصصين في مجالات مختلفة.. منها محاضرة الدكتورة نبيلة الشرجبي حول نفسيات ودوافع التعلم عند الطالب، الأسباب، والحلول، وبعض الاقتراحات في كيفية تدريس المقرر المدرسي بمادة اللغة الإنجليزية من الموجه فيصل عبدالله، ومحاضرة أخرى للموجه عبدالغفور أحمد حول مخاطبة الكتاب المدرسي للمعلم والمتعلم ومدى توفر البيئة المدرسية وغيرها كما أثيرت قضايا التوجيه التربوي وضرورة أن يتحلى بالمرونة ويفسح المجال أكثر لكل جديد متعلق بأساليب وطرق تدريس المادة، التي أجمع المشاركون على ضرورة تنويعها لتكون أكثر امتاعاً وتشويقاً للطالب لتحبب إليه المادة وترغبها إليه ولاعيب إذا احتوت تلك الاساليب على الألعاب والموسيقى، والاشتراك الجماعي في الاستماع والقراءة، وتطبيق نظام «الكتاتيب أو المعلامة» لكسب الوقت، وكسر الروتين الممل التقليدي الطاغي على الحصص والدروس. التوصيات والنتائج في ختام الورشة التي حضرها الدكتور محمد الصوفي رئيس جامعة تعز والذي أثرى النقاشات وقدم استعداده لعرض نتائج الورشة على لجنة المناهج بصفته عضواً فيها، كما أبدى استعداده لفتح أبواب الجامعة أمام أي منتدى أو لقاء تعليمي أو تربوي أو ورشة عمل قادمة، حيث كانت التوصيات على النحو التالي .. ضرورة سد الفجوة بين مستويات الكتب الدراسية بين الصف السابع والثامن من جهة وكتاب الصف التاسع من جهة أخرى.. وضرورة تفعيل التوازن بين المهارات الأربع التي يتعلمها الطالب «استماع قراءة تحدث كتابة» .. إثراء الكتب المدرسية بطرق ووسائل تدريس مشوقة للطالب.. والعمل على تقسيم الكتاب إلى جزئين على فصلين.. وتجاوز الأخطاء المطبعية للكتاب المدرسي.. وضرورة أن يرفق بالكتاب خطة لكيفية استخدام الوسائل التعليمية وتكون ملحقة بالمنهاج المدرسي.. وجعل مقررات اللغة الإنجليزية متناسبة مع مستوى الطالب خاصة الصف السابع.. تلك توصيات خاصة بالمناهج الدراسية،وبالإضافة إليها هناك توصيات أخرى أقرها المشاركون كانت على النحو التالي.. على المعلم الارتقاء بمستواه وتثقيف ذاته.. وعدم إرجاع أسباب التدهور في تعليم المادة لعوامل خارجية خارجة عن قدرة المعلم والبعد عن وضع الأعذار، بل على المعلم المبادرة الذاتية والتفكير بحلول مبسطة لمشاكله التي يواجهها في الفصل من خلال مهارة البحث الإجرائي.. وتشخيص المشكلات وحلها والتغلب عليها. وإنشاء منتدى للمعلمين لمعالجة ومناقشة همومهم، وتبني مجموعة من الورش والتدريب المستمر، بالتنسيق مع الجهات المختصة.. وتجاوز الفجوة بين مايقدم للمدرسين في كلية التربية ، وما يتم عمله في الميدان وضرورة النزول الميداني للموجهين لتقييم المعلمين بالإضافة إلى العديد من التوصيات الأخرى التي من شأنها رفع مستوى تدريس المادة والرقي بمستوى المعلم بدءً بكلية التربية وعدم الاكتفاء بما وصل إليه من معرفة. صناع الحياة كانت ومازالت تلك المؤسسة النهضوية التي أخذت على عاتقها بناء أجيال المستقبل وحسن تنشئتهم ومافتأت تذهلنا بأفكارها الطموحة الهادفة إلى الرقي بواقعنا، فلها منا كل الشكر والثناء، باعتبار أنها صاحبة فكرة إقامة هذه الورشة ممثلة بدار الترجمة واللغات التابع لمؤسسة صنّاع الحياة فرع تعز.. فإلى صنّاع الحياة نقدم هذه التحية..