منذ العام 1882م وهو العام الذي أكتشفت فيه عصيات مرض السل إلى أن تم التوصل إلى اكتشاف الأدوية المقاومة للمرض إبتداءً من العام 40 70 م من القرن المنصرم وحتى اليوم مرض السل يأتي في مقدمة كل الأمراض المعدية التي تحصد ثلاثة ملايين نسمة كل عام ، وبعد ظهور جيل جديد من عصيات المرض قادرة على مقاومة المرض تبنت العديد من الدول ومن ضمنها بلادنا الجمهورية اليمنية تنفيذ السياسات الدوائية الجديدة لمنظمة الصحة العالمية والمتمثلة بالعلاج اليومي المراقب «الدوتس» إضافة إلى استخدام وتعميم المركب الدوائي الرباعي وفي هذا الاتجاه سعى البرنامج الوطني لمكافحة السل إلى التفعيل الجاد لتلك السياسات من خلال التطبيق العملي لنظام الدوتس والذي بدأ العمل به فعلياً ابتداءً من العام 95م إضافة إلى تكثيف الدورات التدريبية للمشتغلين في المراكز والوحدات الصحية .. وفي هذا الإطار نظم البرنامج سلسلة من الدورات التدريبية في محافظة تعز اعتباراً من 1 6 من شهرنا الحالي على قاعة الرعاية الصحية الأولية ، وقاعات فرع البرنامج وبمشاركة فاعلة لمنتسبي القطاع الخاص بعد أن تبين للبرنامج أن نصف الحالات المتوقع اكتشافها تختفي في المستشفيات الخاصة ، وللتعرف على الفعاليات والسياسات التدريبية والدوائية للبرنامج الوطني لمكافحة السل كان «لصحيفة الجمهورية» حضورها المواكب وكانت الحصيلة التالية: اشراك القطاع الخاص الدكتور شاهر علي محمد سعيد رئيس قسم التدريب والتأهيل بالبرنامج الوطني لمكافحة السل في الجمهورية ردَّ على تساؤلاتنا قائلاً : نحن هنا في تعز لإقامة دورات تدريبية للقطاع الصحي الخاص للكوادر والجمعيات والمنظمات غير الحكومية وتأتي هذه الدورة بعد سلسلة من الدورات التي عقدت في محافظة تعز ،حيث شارك فيها 144 مشاركاً ومشاركة يمثلون القطاع الصحي الخاص والجمعيات والمنظمات غير الحكومية من أطباء وعمال رعاية ومديري مرافق والهدف من الدورات السابقة تغطية محافظة تعز ، ونحن كبرنامج وطني لمكافحة السل يهمنا أن نغطي الجمهورية بخدمات مكافحة السل وعندما نتحدث عن هذه الخدمات فإننا نتحدث عن ايصال المكافحة والتدريب إلى مراكز كل المديريات في الجمهورية اليمنية، وكان هدفنا في البداية إيصال الخدمات إلى مراكز المحافظات إلى أن وصلنا إلى مراكز المديريات ومن ثم وصلنا إلى الوحدات الصحية ويردف الدكتور شاهر قائلاً : في الوحدات الصحية لاتوجد وسائل تشخيصية والآن أصبحت هذه الوحدات مسؤولة عن معالجة المرضى والإشراف على العلاج بعد أن يتم التشخيص في مراكز المديرية. وهذه السلسلة من الدورات تأتي مكملة لهذا العمل ولهذه الخدمات لأن كثيراً من مرضى السل لايذهبون إلى مستشفيات ومراكز القطاع العام بل يذهبون إلى المستشفيات والعيادات الخاصة ، وقد توصلنا إلى معرفة هذه الأوضاع من خلال اكتشاف الحالات في الجمهورية ، حيث كنا نتوقع اكتشاف ثمانية الآف حالة «بوزايتف» كل عام لكننا لم نصل إلا إلى نصف العدد المذكور إذاً النصف الآخر أين يذهب ؟ بالتأكيد إلى القطاع الخاص ولهذه الأسباب تم اشراك القطاع الخاص في عملية التدريب والتأهيل لطرق المكافحة لمرض السل ، حيث كانت محطتنا الأولى محافظة صنعاء ومن ثم انتقلنا إلى عدن والآن نحن في تعز لتدريب الكوادر المستهدفة ،حيث سيتولى الأطباء إرسال الحالات المشتبهة بالتيبي إلى أقرب مركز تتوفر فيه خدمات المكافحة للمرض ومن ثم سيعود ذلك المريض إلى مستشفى القطاع الخاص للمتابعة والعلاج. ويواصل الدكتور شاهر حديثه قائلاً: إن مراكز القطاع الخاص لاتوجد لديها أدوية للسل والأدوية تتواجد في المراكز والوحدات التابعة للبرنامج الوطني لمكافحة السل وهي تصرف مجاناً كما أنها لاتصرف للمريض نفسه بل تصرف لمن يتولى عملية الإشراف على معالجته ونحن نتوقع أن يكون هؤلاء الناس الذين يتدربون معنا الآن سواء أكانوا أطباء أم ممرضين فهم من سيقومون بهذه العملية مستقبلاً ونحن بدورنا سوف نزودهم بالأدوية اللازمة مجاناً. التدريب التقليدي والتدريب التنشيطي وعن عدد الكوادر التي تولى البرنامج تدريبها يقول الدكتور شاهر: طبعاً هذه الأرقام موجودة لدي بالتفصيل سواء على مستوى الجمهورية اليمنية أو محافظة تعز أو حتى على مستوى المديريات لكني سأعطيك فكرة مبسطة أنا لدي 300 مديرية في الجمهورية وفي كل مديرية نقوم بتدريب «طبيب منسق فني مختبر + 2 عمال رعاية» وعملياً نحن أكملنا هذه المهمة على مستوى المديريات.. وهنا قاطعته قائلاً : يعني نضرب 5*300 فرد على التوالي ، لكن العدد يفوق هذا الرقم بثلاث مرات فهناك تدريب البدلاء الذين يحلون بدلاً عن الأطباء والفنيين الذين يتركون مواقعهم بسبب الانتقال إلى محافظات أخرى. إضافة إلى قيام البرنامج بعمل دورات تنشيطية ،حيث أكملنا في هذا الشأن سبع عشرة محافظة ممن قمنا بتدريبهم قبل أربع سنوات وسوف تبقى لنا خمس محافظات فيما يتعلق بالتدريب التنشيطي والذي نهدف من خلاله إلى تجديد المعلومات والمهارات وفترة التدريب التنشيطي أقل من التقليدي «3 أيام تنشيطي 6 أيام تقليدي». حجم المشكلة وعن حجم المشكلة بالنسبة لمرض السل في بلادنا أوضح الدكتور شاهر قائلاً : مشكلة السل في كل بلد وعندنا بشكل خاص أنه من الأمراض التي تحتاج إلى فترة طويلة للعلاج من 6 8 أشهر بحسب السياسة الدوائية للبرنامج الوطني في أي بلد من البلدان، وهذه الفترة الطويلة تجعل مريض السل يمل استخدام الأدوية بل تجعله يترك الدواء وهذه واحدة من المشاكل التي تواجهنا على مستوى البلد ، حيث تبدأ حالة المريض تتحسن بعد مرور شهرين إلى ثلاثة أشهر من تناول العلاج فيعتقد المريض بأنه شفي من المرض بينما هو لم يشف بعد وهنا أؤكد بأنه المريض لابد أن يأخذ العلاج كاملاً وللفترة المقررة حتى يتحقق له الشفاء التام إن شاء الله ، وعلاج السل في امريكا واليابان أو في أي بلد هو نفس العلاج الذي يوجد لدينا، ويواصل د شاهر حديثه فيقول : وفي السبعينيات عندما كان يشخص مريضاً مصاب بسل رئوي إيجابي فإن ذلك يعتبر بمثابة الحكم بالاعدام على المريض ، وبعد ذلك تم اكتشاف أدوية السل وبدأ الناس يتعالجون وفي 93م بدأت تظهر بكتيريا جديدة ذات مقاومة متعددة للأدوية وظهور هذا النوع من الكبتيريا أعادنا إلى الفترة السابقة وبالذات في البلدان النامية وقد جاءت هذه الظاهرة لتثير اهتمام المنظمات والجهات المسؤولة بالإضافة إلى ذلك الاستخدام العشوائي للعلاج ومثل هذه الدورات سوف تجعل المشاركين من القطاع الخاص يتعرفون على الكيفية الناجحة لعلاج السل إضافة إلى التوثيق والإبلاغ عبر سجلات واستمارات خاصة لكل الحالات المكتشفة وفق سياسة البرنامج وبما يساعد على تنظيم العلاقة بين القطاع الخاص والبرنامج . نظام الدوتس والتحديات من جهته تحدث الدكتور ياسين ردمان الأثوري مدير البرنامج الوطني لمكافحة السل بمحافظة تعز عن أهمية التعريف بالعلاج اليومي المراقب لمنتسبي القطاع الخاص قائلاً : إن ذلك سوف يسهم إلى حد كبير بتحقيق النسبة المرجوة في الاكتشاف الكامل والمتوقع لحالات السل والمقدر بثمانية الآف حالة في العام الواحد خصوصاً بعد أن تم التوصل إلى تعميم خدمات المكافحة على مستوى الجمهورية بشكل عام وبهذه الآلية سترتفع نسبة الاكتشاف للمرض ونسبة مؤشر الشفاء الذي نأمل أن يتجاوز ال 85% وفي هذا السياق يضيف الدكتور ياسين الأثوري بأن مرضى السل الذين بدأوا علاجهم بالأدوية الفردية يجب أن يستمروا باستخدامها حتى نهاية فترة العلاج لأن من ضمن أهم التحديات في مكافحة السل عدم اكمال المريض لفترة المعالجة بالكامل ولهذا جاءت استراتيجية المعالجة قصيرة الأمد عبر الإشراف اليومي المباشر لتشكل مساعدة حيوية وجوهرية في استمرارية المريض على العلاج وذلك بعد أن عززت منظمة الصحة العالمية استراتيجية المعالجة قصيرة الأمد تحت الإشراف المباشر «الدوتس» كحزمة أساسية ذات جدوى كبيرة في مكافحة السل منذ العام 94م مشيراً إلى أن هناك 148 بلداً تبنت الدوتس بما فيها بلادنا وكلها تحت الخطر من أجل تحقيق الأهداف المرسومة والمتمثلة باكتشاف 70% من حالات السل + اللطخة المعدية إضافة إلى تحقيق نسبة شفاء تصل إلى 85% ، منوهاً إلى عدد الدول التي طبقت نظام الدوتس تأتي ضمن 192من الدول ذات العضوية في منظمة الصحة العالمية وواصل الدكتور ياسين الاثوري حديثه قائلاً: بالرغم من القبول الواسع لمبادئ الدوتس إلا أن هناك العديد من البلدان لم تتمكن من نشره بالسرعة المطلوبة كما أنها فشلت في بلوغ الهدف الدولي للعام 2000م والمتمثل باكتشاف 70% من الحالات المعدية وشفاء 85% من هذه الحالات ، وكما أوضحت لجنة وبائية السل المنعقدة في لندن 98م فإن المعوقات الأساسية أمام التوسع السريع للدوتس تمثلت بالآتي : 1 ضعف الالتزام السياسي. 2 موارد مالية غير كافية وغير مشتغلة بشكل فاعل. 3 اهمال تنمية القوى البشرية. 4 ضعف النظام الصحي والقدرة الإدارية لمكافحة السل. 5 نوعية غير ملائمة وامداد غير منتظم بالأدوية