عندما كنت طفلاً في السابعة من عمري .. كان معلمي يقول لنا: إن رمضان هو شهر الرحمة والتوبة والغفران ، وكنّا نسمعه وهو يقول : في رمضان تفتح الجنة أبوابها استقبالاً للصائمين والصائمات ، وتُغلق أبوب جهنم ترغيبًا للعاصيين أو بالأحرى للعصاة في رحمة الله .. وبعد مرور سنوات طويلة بدأت أتساءل هل لايزال رمضان كما كان يحدثنا عنه معلمي وأنا طفل ؟ أم أن رمضان اليوم تغيّر عن رمضان الأمس ؟ هل لا يزال رمضان هو شهر النقاء الروحي والصفاء القلبي والتعاون الإنساني كما كان يقول معلمي ؟ هل .. وهل ؟ وهل ؟ وهل ؟ من ينظر إلى واقعنا اليوم وما آلت إليه الظروف ومع تغير الزمن سيدرك تمامًا أن رمضان اليوم لم يعد رمضان الأمس .. لم يعد ذلك الرمضان الذي حدثني عنه معلمي عندما كنت طفلاً . رمضان الأمس، ورمضان اليوم شتان ما بينهما لا يلتقيان .. فرمضان الأمس كان الناس فيه يتزاحمون في المساجد ، أما اليوم فيتسابقون إلى الصالات وخيم الرقص والاغاني . رمضان الامس، كان الناس فيه يتقربون ويزدادون قربًا إلى الله، أما اليوم فيتقربون ويزدادون قربًا إلى الشاشات والمحطات الفضائية اكثر . رمضان الأمس، كان لدى الكثيرين موسمًا للمتاجرة الكبرى مع الله ، واليوم صار موسمًا للمتاجرة بقوت الناس وأوقاتهم وكما قال تعالى ((إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) وهكذا هو شهر رمضان لا يغير أحدًا إن لم نكن نحن من يريد التغيير فعلاً.