منذ قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر تغير واقع الحياة وابتسم ثغرها واشرقت عيناها السودوان بعد أن ذبلتا بالدموع ، رفعت اليمن رأسها عالياً عزةً وأجمع الشعب ينشد الحياة بكرامة وحرية. بدأت ملامح الحياة تتغير تدريجياً بإزالة الظلم والاستبداد عن كاهل الشعب والتخلص من الحكم الرجعي الكهنوتي الذي فرض واقعاً متخلفاً معزولاً عن العالم وعانى الشعب اليمني معاناة قاسية لا مثيل لها في تاريخه القديم والحديث. ثورة سبتمبر الخالدة نقطة تحول جذرية في حياة شعبنا اليمني ورداً على واقع مرير عاشته اليمن طيلة تلك المرحلة ، في سبيل الوصول لهذه الثورة لم يبخل الشعب بالغالي وقدم كوكبة من الشهداء والتضحيات الثمينة، أكد مدى التصاقه بالثورة والدفاع عنها انتصاراً للإرادة وكسراً لحاجز الخوف والإذلال . الثورة السبتمبرية ليست مجرد انقلاب عسكري قام به مجموعة من الضباط العسكريين المغامرين لتحقيق طموحاتهم الشخصية في السلطة والشهرة والمجد فهي لم تكن وليدة اللحظة فقد سبقتها تضحيات كثيرة، ثورة الدستور48 وانقلاب عام 55م فكان لابد أن يستجيب القدر لتلك التضحيات و لانتشال الشعب من الجهل للّحاق بركب الحضارة وتحقيق نهضة سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية . التفاف الشعب حول قيادة الضباط الأحرار دفعت بمسيرة الحياة نحو الأمام مما انعكس بشكل إيجابي على واقع حياة الناس ومضت الثورة بأهدافها منطلقة بخطى واسعة ثابتة نحو مسيرة البناء والتحديث، ليصبح الإنسان غاية الحياة وهدفها وعملت على بنائه وتهيئته لأداء دوره الحضاري والإنساني ورسخت الديمقراطية والدولة العصرية ونقلت اليمن من عهود الانغلاق والعزلة والحرمان إلى مظاهر الحداثة وبناء مؤسسات المجتمع المدني وتسخيرها لخدمة الشعب ورفع مستواه المعيشي وإنقاذه من تخلف القرون السحيقة واحترام آدميته وكرامته . لقد برهنت الثورة اليمنية اليوم عن مدى الارتقاء والنهوض في مستقبل دولة الديمقراطية والتعددية السياسية، والتمسك بالنظام والقانون وسطرت تاريخها المعاصر بحروف من ذهب بفضل هذه الثورة المجيدة وما شكلته من انعطاف كبير تذوقت الأجيال الحديثة نعمة الحرية والكرامة وتحققت الوحدة كإنجاز وطني قل مثيله في العالم نعتز اليوم به ، والحفاظ عليه أمانة الأجيال القادمة .