سألت صديقي (المتليبر) عن معنى مقولة علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل فقال: بحثت عنها في القاموس الغربي باب الاستعمار فصل العنصرية مع الشين والقاف فوجدتها تعني: تعلم البعد عن الدين والثوابت.. فلم يدخل هذا التعريف دماغي، فقلت له هل يمكن أن تريني هذا القاموس المحيط فقال لي لن تراه ولكن إذا رأيت «حلمة ودنك» فسوف تراه. فاحترت كثيرا وجربت جميع الطرق التي تؤدي إلى رؤية حلمة «الودن» دون جدوى فقلت له متوددًا يا صديقي ألا يمكن استبدال رؤية حلمة «الودن» بحلمة الثدي ؟ ! قال لي أنت رجل عكروت !! تريد استبدال الصعب بالسهل وهذا في قانون (الليبرة) لا يمكن !! ظللت طويلاً أحاول أن أرى حلمة أذني دون طائل. أتحسسها ؟ نعم . أراها في المرآة ؟ نعم ولكن المشكلة أني لأبد وأن أراها كحقيقة وليست كصورة. يئست من الرؤية كالتي يئست من المحيض !! ولكن طيلة هذه السنين من المحاولة - كلما فتحت التليفزيون لا أرى إلا الهيافة !!، كلما تعاملت مع الأطفال والشباب لا أجد إلا السفالة !!، كلما نزلت إلى الشارع لا أجد إلا سب الدين !! كاد عقلي يشت من الاستغراب !! كيف يتحول الحديث من علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل إلى البعد عن الدين والثوابت. قلت أبدأ القصة من بدايتها حتى أتلمس الخيط الإسلامي من الخيط الليبرالي !! ففتشت عن أصل علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل فوجدت الآتي: - منذ ألف وأربعمائة سنة علمنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كيف نكون أقوياء، وكيف نعتز بإسلامنا، وكيف نرفض الانهزامية، وكيف نبث الرعب في قلوب أعدائنا، وكيف نكون فئة قليلة تغلب فئة كثيرة بإذن الله كما فعل حزب الله مع إسرائيل. ويسعدني ويشرفني أن أنقل بعض أحاديثه الشريفة ومواقفه المشرفة :- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "ما رأيت أحداً أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكأنما تطوى له الأرض، وكنا إذا مشينا نجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث.. وفي رواية… وإنا لنجهد أنفسنا ولا يبدو عليه الجهد "ومن حديث طويل يصف فيه النبي صلى الله عليه وسلم يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " كان إذا تمشى تقلع كأنما يمشي في صبب "والتقلع: الارتفاع عن الأرض. وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر في الجنة: صانعه يحتسب في عمله الخير، والرامي ومنبله، وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إليّ من أن تركبوا، كل لهو باطل، وليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله ورميه بقوسه ونبله "وفي رواية "وكل ما يلهو به المسلم باطل إلا رميه بقوسه ونبله" وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من علم الرمي ثم تركه فليس منا " وفي رواية "فقد عصى" رواه مسلم وفي رواية "من ترك الرمي بعد ما علمه رغبة منه فإنها نعمة كفرها أو جحدها". وعن جابر بن عبد الله بن عمير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أن يكون أربعة: ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين الغرضين، وتعليم الرجل السباحة" والمشي بين الغرضين أي الهدفين، هدف السهم المرمي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير لهو المؤمن السباحة وخير لهو المرأة الغزل). وبعد هذه المواقف المشرفة عدت لنفسي أحاسبها كيف لنا برسولنا العظيم يحضنا علي السباحة والرماية وركوب الخيل منذ 1400سنة ونحن قد حولنا هذه العناصر إلى البعد عن الدين. فبعد أن أنار الإسلام مشارق الأرض ومغاربها وعلَّم بلاد الدنيا أصول التقوى والورع والإذعان لأوامر الله عز وجل، إذا بفلول الكفر والعصيان ممن تسللوا إلى موائد الأمراء والسلاطين المماليك والعثمانيين واستهدفوا إضعاف المسلمين بغوايتهم وخططهم العبقرية ردحًا من الزمن. إلى أن حل موعد الذبح فإذا ببلاد الإسلام تصبح فرائس لقوى البغي والاستعمار، ومما لا شك فيه أنه لكي يتعايش المحتل مع البلاد المحتلة لا بد وأن يلبس ثيابها ويتقمص عاداتها وتقاليدها كما فعل نابليون والقيصر وأتباعهما إلى أن يمحوا بالتدريج ثوابت وتقاليد هذه الأمم ثم يبثوا سموم أفكارهم ونظرياتهم عن طريق الإرساليات والتهجين والمعاشرة والمزاوجة وغيرها من أساليب الإندماج النوعي، فنحن نرى مصريين وكذلك عربًا ذات الأصول التركية والمغولية والفرنسية والإيطالية والإنجليزية واليونانية وغيرها نتيجة التهجين وخلط الدماء، والذي أدى بدوره إلى اختلاط الأنساب وتشابك العادات والتقاليد. ومن هنا بدأت تختلط المفاهيم وتتزاوج الثقافات وبدأ التأثير القوي للنفوذ الاستعماري بعد اضمحلال الخلافة الإسلامية. واستطاعوا بعبقرية غربية أن يغروا جميع الجاليات التي سافرت لبلادهم بغرض التعليم أو التجارة أو حتي الاستشفاء أن يتحولوا من مجرد مسلمين عرب ملتزمين بثوابت وتراث أصيل إلى أشكال جديدة من التحرر والتمرد مما سمي بعد ذلك بالتنوير. وبدلاً من أن ينعكس هذا التنوير على الأصول والثوابت الثقافية العربية المرتبطة والموثقة بتعاليم الدين الحنيف والإلتزام الأخلاقي المتميز، إذا بنا نجد المقاومة الشديدة للواقع والنيل من ثوابت الدين، كما استمعنا إلى العبارات الشهيرة للمنبهرين بالحضارة الغربية : لقد رأينا في بلاد الغرب مسلمين بلا إسلام وعندنا إسلام بلا مسلمين !!. وكانت هذه بداية حلقة جديدة لاستكمال بث الانهزامية داخل الأروقة والأنظمة العربية، واستنفار كافة الجهود من أجل التخلي أو حتى البعد عن الدين والثوابت إلى الانبهار بالنموذج الغربي في الحرية والديموقراطية والاستحواذ على علوم وتكنولوجيا العصر. ولم يدركوا أنهم قد استُخدموا كأدوات هدم للحضارة الإسلامية واستبدالها بالنموذج الغربي وسط كل الإغراءات والنفوذ الغربي حينئذ من توفير جميع وسائل الرفاهية والبعثات الثقافية لطبقة النبلاء والأثرياء، والمنح الدراسية لأبناء الطبقة الوسطى، وإغراق البلاد في الديون حتى تظل تابعة لهم، وتحويلنا إلى سوق لاستهلاك منتجاتهم بعد أن يستغلوا كل الخامات الزراعية والمعدنية من أرضنا، وهكذا استمر الحال حتى وقتنا هذا، ونحن قد استمرأنا الراحة وفرحنا بالضعف وتعودنا على مد الأيادي والإستدانة. فهل يمكن لمدارسنا أن تصحو من سباتها القاتل وتستغل حصص التربية الرياضية والتي توزع دائماً حصصاً احتياطية لعدم وجود أفنية تسع الألعاب الحديثة وتجعل منها حصصًا لتعليم الرماية وتنشئ حمامات سباحة لتعليم السباحة وتستغل مراكز الشباب لتعلم هذه الرياضات التي وصانا بها الرسول الكريم واللازمة لبناء الأجسام القوية بدلاً من خبل الكورة والتي يلعبوها ؟!!.