يعتزم الجهاز المركزي للإحصاء تنفيد أكبر عملية مسح ميدانية لعمالة الاطفال في اليمن، مطلع العام المقبل بهدف الوقوف على الأرقام الحقيقية لحجم عمالة الأطفال في اليمن والتمكن من رسم السياسات والبرامج الهادفة الى مكافحة أسوأ أشكال عمالة الأطفال. . وأوضح وكيل الجهاز المركزي للإحصاء الدكتور/عبد الحكيم العبيد، لوكالة الأنباء اليمنية/سبأ/ إن عملية المسح التي يعتزم الجهاز تنفيذها(بالعينة) في يناير المقبل بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والصندوق الاجتماعي للتنمية ومنظمة اليونسيف.. ستستغرق شهراً كاملاَ وسيتم فيها جمع البيانات الميدانية تمهيداً لتجهيزها بصورة دقيقة ومكتملة قبل نهاية العام 2008م.. وأكد العبيد أهمية بيانات هذا المسح لمساعدة الحكومة في مواجهة التحديات التي تعيق برامج التنمية بحق الطفل وحمايته من الاستغلال، ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطراً عليه أو يمثل إعاقة بالنسبة لتعليمه أو ضاراً بصحته ونموه . وقال:" إن قرار تنفيذ مسح متخصص وشامل عن عمالة الأطفال جاء نتيجة لعدم توفر بيانات شاملة ودقيقة عن عدد الأطفال العاملين في سوق العمل والمهن التي يمارسونها، باستثناء دراسات جزئية عن حجم هذه الظاهرة التي تعاني منها بلادنا ضمن كثير من دول العالم الثالث". وأشار وكيل جهاز الإحصاء إلى التوجهات الجادة للحكومة في القضاء على هذه الظاهرة ..لافتاً إلى أن النتائج النهائية للمسح ستعطي أرقاما ورؤى حقيقية لحجم إنتشار الظاهرة وكيفية معالجة آثارها والتخلص منها. وكانت التقديرات الرسمية لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل لعام 2000م اشارت إلى أن حوالي 400 الف طفل يعملون في مهن لا تتناسب مع أعمارهم، كما اشارت إلى وجود مليوني طفل لا يدرسون.. فيما قدرت مسوحات التشغيل التي اجريت عام 1991 معدل تدفق الأطفال إلى سوق العمل بنسبة 3 بالمئة.وبينت ان مهنة الزراعة والصيد احتلت المرتبة الأولى من بين المهن التي يعمل بها الأطفال بنسبة 92 بالمئة 96 بالمئة منهم يتركزون في المناطق الريفية، أما المهن الأكثر رواجاً في الحضر فهي مهن البيع والخدمات والمهن البسيطة والحرفية بنسبة 29.6 بالمئة، و17.6 بالمئة على التوالي بموجب الدراسة التي أعدها الدكتور/ خالد راجح شيخ وزير الصناعة السابق.. وبحسب تصنيف الدراسة نفسها فان 82.9 %من الأطفال يعملون لدى أسرهم، فيما 17.1 بالمئة يعملون خارج إطار الأسرة وهؤلاء هم من يتعرضون لمخاطر كثيرة باعتبارهم خارج نطاق الرقابة العائلية. ووفقاً لدراسة أخرى أجريت عن بيئة عمالة الأطفال بدعم من المنظمة السويدية لرعاية الطفولة وشملت عينة عشوائية تقدر ب 1000 طفل عامل ما بين سن (7-15) سنة، فان الاماكن التي يعمل فيها الأطفال تنضوي على عدة أخطار، وغالباً ما تكون أعمالهم مضنية. وسجلت الدراسة ذاتها ارتفاعاً عالياً لمعدل الإصابات بين الأطفال، حيث كشفت أن 22بالمئة منهم يعانون من إصابات عمل مستديمة، أكثرهاالإصابة بالتسمم بنسبة 18بالمئة، يليها الإصابة بالنار بنسبة 13.6بالمئة و7.2 بالمائة بالصدمات الكهربائية و7بالمئة بأمراض معدية خطيرة. وحددت تلك الدراسة التي نفذتها إحدى منظمات المجتمع المدني بعض الأخطار المعينة في أماكن عمل الأطفال شملت مواقع البناء، من رفع الأحمال الثقيلة والتي قد تسبب كسوراً عظيمة أو إعاقة في النمو، إلى ورش إصلاح فرامل السيارات ، حيث التعرض للاسبستوس (الحرير الصخري) وهو مسبب معروف للسرطان الآدمي. بالإضافة إلى العمل في محطات البترول والتعرض للبنزين وهو مسبب آخر للسرطان. الورش ومرآب السيارات والمواقع الصناعية الأخرى:- الأمراض التنفسية الناجمة عن الهواء الملوث بالغبار والدخان والأبخرة الخطيرة والمشكلات العضلية الناجمة عن إبقاء الجسم في أوضاع غير مناسبة لأوقات طويلة . كما حددت من بين الأخطار التي يتعرض لها الأطفال العنف الجسدي وأشكال العنف الأخرى والتعرض للبرد والأمراض المعدية السيارات وعوادمها. ووجدت الدراسة أيضاً أن كثيراً من أولئك الأطفال أجبروا على أداء أعمال شاقة للغاية وسجل أن النصف منهم تقريباً قد أنهكوا أما من صعوبة العمل (11%) أو طول ساعاته ( 33 %) أو قلة/ عدم الاستراحة (6%). وحيث إن عمالة الأطفال أصبحت تحظى باهتمام واسع من الحكومة لخطورتها وانعكاساتها السلبية على الأسرة والمجتمع، وقامت بعمل عدد من برامج المكافحة لعمالة الأطفال بالتعاون مع منظمات دولية ودول مانحة، كما وقعت على عدد من التشريعات والمعاهدات المتعلقة بعمل الأطفال ومكافحة أسوأ عمالة الأطفال وتوفير البيئة الحمائية لهم. وكانت وحدة مكافحة عمالة للأطفال بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل ومكتب برنامج مكافحة عمالة الأطفال التابع للامم المتحدة بصنعاء(الايبك) قد دشنا منتصف العام الجاري المرحلة الثانية من برنامج مكافحة عمالة الأطفال والتي تستمر حتى العام 2012م، بتكلفة تصل إلى ثمانية ملايين و448 ألفا و300 دولار . وتتضمن خطة المرحلة الثانية التي أعدها مجموعة من المختصين والخبراء الوطنيين من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل والجهات ذات العلاقة في حماية الأطفال، عدداً من الانشطة والمشروعات التي من شأنها تحسين المستوى المعيشي للأطفال ممن يمارسون العمل بشكل غير عادل. تقول منى سالم / مدير وحدة مكافحة عمالة الأطفال بوزارة الشئون الاجتماعية: إن الدراسات والتقارير التي اعدتها الوحدة تؤكد وجود علاقة وطيدة بين الحالة الاقتصادية للأسرة في المجتمع وعمالة الأطفال، كون الأسر الفقيرة تضطر أن تدفع بأطفالها إلى سوق العمل في سنوات عمرية مبكرة الأمر الذي يحرم الطفل من الحقوق التي ينبغي أن يحصل عليها في مرحلة الطفولة، أبرزها: حق التعلم، اللعب والترفيه، الصحة، والغذاء وغيرها من الحقوق الواجب توفرها للطفل . وتشير منى إلى أن خطة مكافحة عمالة الأطفال تتضمن ثلاثة مكونات رئيسة يركز أولها على البناء المؤسسي بتعزيز الوظائف لإدارة مكافحة عمل الأطفال من خلال عقد الدورات التدريبية في هذا الخصوص والتي تستهدف الجهات ذات العلاقة من الوزارة ومنظمات المجتمع المدني إلى جانب إجراء الدراسات والمسوحات والبحوث فيما يهتم المكون الثاني من الخطة بعملية الترويج والتوعية من خلال تكثيف التغطية الإعلامية لبرامج وأنشطة ومشاريع مكافحة عمالة الأطفال والتثقيف والتوعية بالمخاطر الناجمة عن عمل الأطفال، بينما يركز المكون الثالث على دعم وتعزيز التنمية المجتمعية من خلال توفير قروض ميسرة لأسر الأطفال العاملين وتحسين البيئة المدرسية والمنشآت المدرسية في المناطق التي ترتفع فيها نسبة عمالة الأطفال. وكانت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل قد عقدت مطلع الشهر الجاري ورشة عمل لمناقشة مسودة مواءمة التشريعات الوطنية مع نصوص المعاهدات والتشريعات الدولية في مجال عمالة الأطفال التي صادقت عليها بلادنا حيث تتضمن المسودة نصوصاً قانونية مأخوذة من قانون العمل و13 قانوناً وطنياً آخر ذات علاقة بغرض تعديلها او استيعابها في تعديلات تشريعية قادمة.