كان الطفل يجلس في حضن أبيه، يتابع أخبارًا تبثها قناة فضائية... الطفل لم يكن مشدودًا إلى الأخبار... هو يحب الرسوم المتحركة... لكن الرسوم المتحركة لم يحن بعدُ وقتها... هو يجلس في حضن أبيه فقط، لأن الليل أقبل، و قد اعتاد، قبل الذهاب إلى فراشه، أن يتكور في حضنه، و يسند رأسه الصغير إلى صدره، و يتتبع معه ما تبثه الشاشة الصغيرة، إلى أن يسيطر عليه النعاس فينام... و هكذا، شاهد الطفل صبيًا مرعوبًا، ينبطح أرضًا خلف رجل ويبكي... و الرجل يلوح بيده محتميا ببرميل... الرجل يشير إلى شيء... يده الملوحة تريد أن تقول كلامًا، بل تقول كلامًا... تخاطب شيئًا... و الكاميرا التي تسجل الحدث، عينها لا تفارق الرجل والطفل... تُرى لماذا لم تصوب عدستها إلى ذاك الشيء الآخر!؟... أم أنها كانت ترى أن الأهم في اللقطات هي لقطة الصبي الصارخ و الرجل الملوح بيده... كان الطفل يبدو عليه هلع كبير... و كانت هناك طلقات نارية خاطفة تُسمع و لا ترى بوضوح... كانت الطلقات النارية تأتي من جهة ذاك الشيء... سأل الطفل أباه : لماذا الطفل يبكي!؟ ..... هل ذاك الرجل أبوه؟ ..... لماذا يحتمي به و يصرخ !؟.. .... هل هو خائف من ذئب؟ كان الأب أمام هول ما يرى عاجزًا عن الجواب... كان حزينًا... و غاضبا... لكن، حين سأله ابنه إن كان الذي يخيفه ذئبًا، أجاب: أجل،... خائف من ذئب... و أعقب: لكن ليس من ذئب الرسوم المتحركة، أو من ذئاب الغابة... ذئاب الغابة تعيش في الأدغال...بعيدًا عن البشر... ذئاب الغابة تهاب الإنسان... و أي ذئب يكون هذا!؟ ذئب بشري اسمه صهيون ... صمت الطفل لحظة، و هو يتكور أكثر في حضن أبيه، ثم قال: بابا، هل يوجد صهيون في حديقة الحيوانات؟... هزه السؤال... و في غمرة حزنه و غضبه، ابتسم، و أحنى رأسه يطبع قبلة على جبين ابنه الذي كان قد استسلم للنوم...