القى « المدرب العالمي الدكتور مصطفى أبو السعدالمدرب المتخصص في مجال الأسرة والطفل والتنمية البشرية .. في نادي تعز السياحي محاضرة بعنوان «فن برمجة السلوك الإيجابي للأطفال» تعرض فيها إلى الأساليب التربوية من الآباء تجاه أبنائهم ، ومدى ملائمة تلك الأساليب مع بناء شخصية سليمة مستقيمة لدى الطفل .. حيث قال : إن فرض الأشياء على الأطفال هو أسلوب تربوي غير مجد .. لا يبني أطفالاً جادين أصحاب رأي شخصي قوي .. فالطفل معروف عنه أنه كثير العناد ، وكلما فرض عليه رأي أو شيء يعارض رغبته كلما زاد عناده ، ولذلك فإن أصلح أسلوب في التعامل مع الطفل هو أسلوب الاقناع .. حتى ولو كان طفلاً. وأنصح الآباء بعدم معاملة الأطفال باستعلاء ، وعدم انتقاد الأطفال والتشكيك في قدراتهم ، لأن النقد «غالباً» بل «دائماً» ما يحطم الطفل ويقضي على قدراتهم الذاتية .. وعلل ذلك باتجاه الطفل بعد أن يشب ويمر بمرحلة المراهقة إلى أصدقائه ويندمج معهم في اندماج قد لا يحدث مع الآباء ، لأن الصديق دائماً ما يدعم ويشجع ويمدح كان صديق سوء أو صلاح. كما أن المحاضرات والمواعظ ليست أسلوباً تربوياً مع الأطفال وحتى مع الكبار ولا تصلح ولا يستفيد منها الطفل ، بل إنها تزيد من احباطه لأنها دائماً تأتي في إطار التوبيخ المحبط .. وأقصد بها ذلك التوبيخ المتواصل الذي يفتر العزائم ويكبل القدرات .. فالمواعظ في وقتها المثالي وزمنها النموذخي لا تزيد عن ثلاثين ثانية كحد أقصى إذا كان لها داع. العقاب لايربي كثيراً ما يلجأ الآباء والأمهات والمربون إلى أسلوب العقاب والضرب لتقويم سلوك ما أو تغيير تصرف ما ، ولكن هذا الأسلوب التربوي باعتقادي لا يربي ولا يحقق أهدافاً تربوية إيجابية ، بل بالعكس ، التربية الإيجابية تطلب مشاعراً حنونة وصبراً على سلوكيات الأطفال، فالأطفال مهما كانت شقاوتهم ونشاطهم وازعاجهم فهم يلعبون ، ولا مجال لتكبيل حريتهم وحيويتهم البريئة بالعقاب ، فالعقاب هو اسلوب العاجزين والذين لا يقدرون على اتخاذ أساليب غيره. وأعتقد أن سبب ذلك هو وجود مشاعر مكبوتة عند الأباء يعبرون عنها على أجساد أبنائهم. كتل الطين الأطفال ليسوا سوى كتل من الطين ، تشكل أفكارهم ومبادئهم تبعاً لمعاملاتنا معهم، بينما يعتقد الكبار أن الأطفال مثلهم ، لافرق بينهم وبين الأطفال سوى بالحجم ، وهذا خطأ فادح يقع فيه المربون فتفكير الأطفال غير تفكير الكبار ، وتحليلاتهم عن المعاملات تجاههم تختلف تفسيراتها وتأثيراتها من طفل لآخر. الحب هو الحل كثير من الآباء والأمهات لايعرفون كيف يحبون أبناءهم ، فالبعض منهم يحاول افساد الأبناء .. بالقول .. ابني حر .. «يفعل مايريد» .. أو قد يفسده بالمحاضرات الزائدة والتعليمات الزائدة عن حدها .. إلا أن التربية الصحيحة تبدأ من الاستخدام الدافئ للحب ، فالطفل يحتاج إلى الحب .. ولاشيء غيره .. خاصة في سنواته الأولى .. بل في شهوره وأيامه الأولى .. حتى الآباء والأمهات بحاجة إلى الحب ، فالحب وضم الأطفال الى صدر الأبوين من طرق التخفيف من الضغوط اليومية على الأبوين ، فالأباء يرتاحون عند ضم ابنائهم إلى احضانهم ، والطفل يستشعر الحب والعاطفة في الأسرة ويجدها في أحضان أبوية ، فلا يذهب بالبحث عنها خارج الأسرة. الرسائل السلبية هناك طرق ينتهجها المربون في تعاملهم مع الطفل منها الشتائم والسباب والنعوت الحيوانية المختلفة التي تنتقل إلى برمجة العقل اللاواعي للطفل ، فيتقبلها ويبدأ في صياغة حياته وشخصيته تماشياً مع ما يسمعه من أوصاف وأقوال سيئة تعبر عن رأي أبوية فيه، فيقتنع بها في تفكيره اللاواعي ، وقد يطبقها حرفياً في حياته عندما يكبر أو حتى عندما يكون صغيراً .. فمشكلة المربين أنهم بعضهم يمتلكون ندرة قاتلة في العواطف الإيجابية. الإعلام .. قبلة الأطفال تكتسب وسائل الإعلام إقبالاً كبيراً من الأطفال ويتأثرون به سريعاً ، ويقضون الساعات الطوال أمامه .. لماذا لم نسأل أنفسنا عن سبب ذلك ؟ لأن الإعلام لايشكك في قدرات الأطفال ولا يوبخهم ولا يعاقبهم ، بل أكثر من ذلك يعطيهم برامج وأشياء تجذبهم نحوه ، إلا أنه يعد خطيراً عليهم لأنه يبرمج تفكيرهم نحو أنماط وقيم اجتماعية خفية تختزن في اللاوعي ، لأن الطفل وحتى الكبار عندما يتلقون من التلفزيون ويجلسون يشاهدون برامجه فإنهم يكونون في حالة تنويم تتسلل فيها الكثير من القيم الاجتماعية. خياران للتخلص من سطوة الإعلام القوة أمامنا خياران الأول منع أطفالنا من مشاهدة التلفاز ، والآخر أن يمتلك الأب والأم قدرات إعلامية جاذبة كتلك التي يمتلكها الإعلام ، فأطفالنا بحاجة إلى بعض الوقت منا نمضيه معهم حتى نشعرهم بالحنان والحب .. بدلاً من تركهم فريسة سهلة لألعاب البلايستشن والألعاب الالكترونية الأخرى .. فإذا تساوت كفتا الأبوين والإعلام فإن كفة الأبوين هي الراجحة لأنهما الأقدر على بعث المشاعر والعواطف. المعتقد بغير السلوك كل ما تعتقده في طفلك وتتحدث به أمامه ينتقل إلى عقل الطفل ويتبرمج وفق معتقدات أبوية أو من يحيطونه فالمعتقد يولد السلوك ، إذا أعتقد الطفل أنه فاشل كما يقول عنه أبواه والمحيطون به ، فسينعكس ذلك على سلوكياته ، وإن كان العكس فستكون سلوكيات الطفل جيدة .. فالذي يصنعه المدح لا يصنعه الذم.. فالتربية الحقيقية هي التربية البسيطة. البرمجة الذاتية وجد العلماء أن 90% من البرمجة الذاتية تتكون عند الأطفال من سن الميلاد وحتى سن السابعة ، فيما تتشكل 10% من البرمجة الذاتيةج من 7-18 عاماً .. فالسبع السنوات الأولى للطفل مهمة جداً في تشكيل نظرة ايجابية حول شخصيته وقدراته وإمكاناته .. حتى فيما يتعلق باللعب فالسبع السنوات الأولى هي سنوات اللعب ولاشيء غير اللعب ، يقوم خلالها الطفل باستكشاف العالم ، لكن اللعب يكون لعباً عفوياً حركياً ونشاطاً حيوياً ، وليس لعباً الكترونياً أمام شاشات البلايستيشن التي تعلم الغباء وتلغي العقل. الحب يحدث المعجزات الطفل بحاجة إلى 4 ضمات حب من أبويه وخاصة الأم في اليوم الواحد ليعيش ، ويحتاج 8 ضمات يومياً «لصيانة» المشاعر .. فالمشاعر إن لم تصن وتتعاهد فإنها تموت ، ويحتاج إلى 12 ضمة لينمو. فالأبناء هدية الله .. فمن يريد أن يهمل هدية الخالق ؟! فبالحب والمساعدة يصلوا إلى بر الأمان.