إن الديموقراطية كمصطلح مركب من شقين لا تعدو ترجمته لأكثر من حكم الشعب نفسه بنفسه وإذا ما دققنا النظر في منظومتنا الحياتية سنجد أن الأمر مناط بالتخصص السياسي وله جوهره الذي يستقل به رغم كل العلاقات التكاملية المتبادلة والأبعاد المترتبة ذات النسق الإنساني، وإلا أن ثمة محددات قائمة تحول دون اختلاط العلوم وامتزاجها حفاظاً على هيئة كل مجال في كيانه الذي يُعرف به وبشكل يُبرز السلطات ويحدد صلاحياتها ومسؤلياتها، وما في طيات ذلك من الحقوق والواجبات ومنه إلى انسيابية التفاعلات من وإلى رأسياً وأفقياً يبن شرائح المجتمع الواحد على اختلاف خواصها داخل البلد الواحد ، ومن هذا المدخل فجميعنا يعلم أن للعلم ساحته وحرمته وللسياسة مثل ذلك وبعبارة أخرى الجامعة شيء والتنافس على مقاعد البرلمان شيء أخر، حيث يمكن للفرد أن يمارس نشاطه السياسي أياً كان انتماؤه متى وجد نفسه في معزل عن المنشاة أو المؤسسة أو المنظمة التي تهدف بمجمل نشاطاتها إلى خدمة الصالح العام في منأى عن الرموز والشعارات وبعيداً عن الانتماءات ... وإن كان من الوارد أن تختلف الرؤى وتتعدد الاتجاهات في ميادين الاقترع فإن ذلك عائد إلى أن كل تكتل أو جماعة أو طائفة ترى من زاويتها ومهما تعددت المسارات فجميعها تلتقي عند ذات البؤرة في النهاية ويبقى الهدف..الهدف الأسمى دائماً وأبداً ( الوطن والمصلحة العامة ). كلٍ له فرضياته ووسائله التي يظنها أكثر احتمالية لتحقيق نجاح أكبر من غيره وما أرى في ذلك إلا ائتلاف في المضمون والذي ما زال في عداد مبهمات الكثيرين وهذا ما يجب ألا يكون من الوارد شأنه يخلق الشحناء في القلوب ويشعلها بالأحقاد لتنفث بنعرات التعددية القادحة بشياظ الجهل إلى ميادين الحُرم المقدسة والجامعات بصفة العموم إذ ليس بمقدوري التخصيص. تلك المؤسسة التعليمية التي تحتضن الآلاف من الطلاب جل همهم العمل على توسيع مداركهم واكتساب الخبرات والمهارات ونيل شهادات الليسانس والبكالوريوس وغيرها كل في مجال تخصصه وما يلبي طموحه أكاديمياً وفنياً ومهنياً ... الطالب الجامعي يحتاج إلى طقس يمكنه من الإبداع ويؤلب في خلجاته قوى الابتكار فهو خلال مشواره التعليمي في غنى عن الصخب أو يحبذ أن يكون كذلك فيما لا يعنيه من الجدليات والهزليات .. فإن وُجد ثمة من يسعى لخدمته فليكن بدافع الإنسانية أو حرصاً على الاستنارة بنور العلم مضياً على درب النهضة ولا يجوز أدنى محاولة لبث الذبذبات الموحية باستلهام ولاء طالب العلم وتوجيه تحمسه نحو أفق آخر غير متوقع في مكانيته وزمانيته ... فينبغي ألا تستغل براءة الطالب الجامعي وحاجته لمن يرفده ويشد من أزره لأجل انتشاله من بيئته وإلحاقه بمن سبق من الزملاء إلى هناك في عالم المثل. قد يكون ثمة من الطلاب المغرمين بشؤون الأغلبية المريحة أو الأقلية الشحيحة أو ما إلى ذلك فيحاول أن يثير اهتمامات الآخرين ومشاركتهم أو زرع الفتن في حالات عجزه من استقطاب الأنصار إلى مداهنة المؤلفة قلوبهم وغيرها من السلوكيات وهنا يبرز الدور الواعي للمكلفين بالنظر في أمر الطالب وقضاياه بحيث ينظرون إليه كطالب ..(طالب علم) وحسب ويشرعون بالتعاطي مع مشكلاته والنظر في احتياجاته دون أدنى مؤثر يقود إلى الانحياز وتخطي أسوار البيئة التعليمية- بيئة صنع القرار- . وبمبدأ الديموتعليمية يجب أن نهتدي في مثل هذه المواطن.