القرن الحالي يتسم بتحولات وتغيرات أساسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تركت بصماتها علي جوانب النشاط الانساني في مختلف دول العالم وبدأت هذه التحولات وهذه التغيرات تعمل علي صناعة مستقبل الأمم وأصبحت مؤشرات هذا المستقبل تتضح شيئاً فشيئا.. فهناك صراع محلي وأجنبي واقليمي وقومي وعالمي من أجل البقاء وأصبح المجتمع الذي لا يسعى للتقدم والتطور لا يجد له مكاناً في وسط هذا الصراع. ويؤكد بعض خبراء التربية أن هذا الصراع سوف يمتد إلى المدرسة وسوف يؤثر على العلاقة بينها وبين المجتمع المحيط بها فستجد المدرسة نفسها ملزمة بإشراك المجتمع المحلي في مختلف القضايا والمسائل التعليمية مستقبلاً وفي نفس الوقت سوف يتزايد اهتمام المجتمع المحلي بما يحدث داخل المدرسة. ويؤكد بعض خبراء التعليم ان هذه التحولات والتغيرات التي بدأت بالظهور مع بداية هذا القرن سوف تؤدي إلي ظهور مفهوم جديد للمدرسة بل وستعمل على إحداث تغيرات في فلسفة وأهداف المدرسة فبدلاً من كون المدرسة مجرد مكان لتلقين التلاميذ المعارف المختلفة سوف تصبح مدرسة المستقبل مكاناً لتعليم التلاميذ اللغات المختلفة كلغة الكمبيوتر واللغات الأجنبية، ولغة الاتصال .. وغيرها وسوف تكون المدرسة مكاناً لتعليم التلاميذ المهارات الأساسية اللازمة للحياة الاجتماعية «السياسية والاقتصادية والثقافية» وعالم العمل والانتاج في المستقبل، مما سبق يتضح اننا في اليمن بحاجة إلي مواكبة هذه التحولات والتغيرات في تطوير مدارسنا ، وإعادة النظر في فلسفة وأهداف ومفهوم مدرسة المستقبل التي نريدها مع بداية هذا القرن. فما المنطلقات الرئيسة التي يجب أن نعتمد عليها في خلق مدرسة المستقبل التي نريد؟ للإجابة على ذلك نقول: إن هناك الكثير من المنطلقات والمحددات والمركتزات والتي من أهمها وجود الإدارة المدرسية الفاعلة حيث تشير دلائل كثيرة إلى أن قدرة المدرسة على الانطلاق والتجديد وتحقيق التغييب في ضوء الأهداف المجتمعية، وفي ضوء التحولات والتغيرات المتوقع حدوثها في المستقبل مرهونة بقدرة وفاعلية للقائمين على قيادتها وإدارتها لاسيما وأن المدرسة الجيدة تخلق نظاماً تعليمياً جيداً، وأن كفاءة النظام التعليمي يمكن أن تتحقق فقط اذا كان للمدرسة ادارة وقيادة تتمتع بالكفاءة والفاعلية. ويرى أحد خبراء التربية أن التعليم الجيد ماهو إلا ثمرة للإدارة المدرسية الجيدة، وهذا يعني أنه مهما وضع للمدرسة من أنظمة وبرامج كل ذلك لن يؤتي أكله اذا كانت ادارة المدرسة موكولة إلى أفراد ليسوا أهلاً للقيام بمهام القيادة والإدارة المدرسية. مما سبق يتضح أننا في اليمن بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في القيادات المدرسية من حيث مؤهلاتها وخبراتها وشخصياتها خاصة في مدارس الريف اليمني والتي تشير الاحصاءات أن نسبتها أكثر من 80|% من جملة المدارس في الجمهورية. نحن بحاجة لخلق مدرسة المستقبل إلى قيادات تربوية مدرسية قادرة على فهم المتغيرات الحالية والتفاعل معها والقدرة على جعل المدرسة قادرة على ترجمة أهداف المجتمع الحديث.