في بعض المناطق النائية يتضح جلياً افتقار المدارس إلى أبسط مقومات الاستمرار والديمومة..حيث تركت لأوجاع التسيب والإهمال، وكل ذلك بسبب موقعها الجغرافي البعيد عن مراكز المدن..وهو حال القرى الفقيرة في حيفان..فمن السهل على أي شخص أثناء تنقله بين تلك القرى أن يرى ويشاهد ذلك الوضع دون صعوبة. مدرسة التحرير .. أعبوس مدرسة في كامل البهاء الروحي والجمالي..تشرح النفس وتسر البال وتشبع الخاطر سحراً، هي واحدة من أوائل المدارس التي بنيت في بلادنا.. تأسست في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي بمبادرة أهلية صرفة، تخرج منها العديد من الأجيال التي ساهمت في تشكيل وجه اليمن بعد ذلك. تقع المدرسة وسط سهل يخضر صيفاً وتتقاطر حولها القرى من جميع الجهات..يعد مبناها اليوم أثراً تاريخياً وشاهداً عظيماً على أهم مرحلة من مراحل تطور المجتمع..لكن هناك أصوات تتعالى تهدف لهدم المبنى وإقامة مبنىً آخر على أنقاضه.. والواقع إن هذه العادة اليمنية في هدم المباني والمنازل القديمة ستوحي للعالم بعد فترة وجيزة أننا مجتمع بلا تاريخ وبدون آثار تدل علينا.. والحق إن من يقرر الهدم من عدمه هو المهندس .. ولذا يجب مراعاة أهمية الآثار وأهمية إن مدرسة التحرير اليوم تحتاج إلى من يرمم مبناها ويرمم قلبها بالاهتمام والزيارات التربوية المتكررة والدعم المادي والمعنوي..إنها مدرسة حاضرة في المشهد التعليمي اليمني منذ عشرات السنين، وقد كانت في كل مراحل انتكاساتها قادرة على البقاء والصمود والإضافة وتحتاج اليوم إلى من يرد لها الجميل..فهل يتذكر أبنائها أنهم قضوا طفولتهم هناك ويجب عليهم إنقاذ وتخليد تلك الذكريات؟؟ إن مدرسة التحرير لم تعد ملكاً لأحد أو لفئة أو لمسئول أو لتاجر..إنها ملك التاريخ..وهي اليوم من الآثار التي لابد من الحفاظ عليها..إنطلاقاً من كونها مبنى أثرياً يجب على وزارة التربية والتعليم ترميمها ومراعاة التعليم فيها وتوثيق تاريخها لأن في ذلك زاد للأجيال ونبراس لهم. وقضية المدرسة ليست مسئولية الوزارة فقط..بل نطرح قضيتها بين يدي المجلس المحلي في مديرية حيفان وفي المحافظة، وبين يدي إدارة التربية في المديرية والمحافظة بالتشديد على ضرورة ترميمها ومراعاة تاريخها خاصة وأن جدرانها الداخلية وأخشابها بدأت تتداعى..وهي كلمة إلى أصحاب الشأن نتمنى أن تصل. مدرسة الفتح..السُبد تقع مدرسة الفتح على وادي السُبد الذي تلتقي فيه عدد من الأودية الصغيرة كوادي الحسيمة ووادي الغضارم ووادي صعان..بنيت المدرسة الجديدة عام 1979م وبجوارها شرقاً المدرسة القديمة التي أصبح جزء منها غير صالح للاستخدام وتبدو للرائي مجرد أطلال أكلها التسيب والإهمال..المدرسة معزولة جداً ..يحاول مديرها إظهارها كما يجب ولكنه لايستطيع بسبب شحة الإمكانات، والفقر الذي يعد سمة من سمات الأهالي هناك. يطلق الأهالي علامات الحيرة وهم يتساءلون..هل يعلم مكتب التربية بتعز أن هناك مدرسة تابعة لهم في وادي السُبد النائي؟ وأنها تنتظر عنايتهم ومراقبتهم وعونهم بما يجيدون به. لأن مشكلة المدرسة الأساسية غياب الدعم كبقية المدارس التي يقوم بدعمها التجار.. فالمنطقة التي تقع فيها المدرسة تخلو من التجار وأصحاب الدعم وأبناؤها لايمتلكون وظائف عامة مرموقة في الدولة ولعل القراء يتذكرون أن أهم ماتشتهر به المنطقة هو الانتحار الجماعي، فلشدة فقر الأهالي وحساسيتهم يلجئون إلى ذلك..الأمر الذي أصبح فيه الانتحار ظاهرة، ومعظم المنتحرين من الطلاب والطالبات الذين بدأ وعيهم يدرك ماذا تعني الحياة التعيسة، والمأساة أن مثل هذه الجنايات «الطلابية» لم تستفز المعنيين في الدولة.