تسعى بلادنا لتطوير منظومة التعليم العام بمراحله المختلفة في إطار حزمة الاصلاحات الجديدة التي تتبناها الحكومة ووضعت من أجل ذلك سلسلة من البرامج والخطط بالتعاون مع الدول والمنظمات الدولية المانحة لإصلاح اختلال المنظومة التعليمية وتشجيع الالتحاق بالتعليم العام وخصوصاً في أوساط الفتيات في المناطق الريفية والنائية التي يعيش فيها 83% من السكان حسب الاحصائيات الرسمية.. وبالتالي كما تشير الدراسات والاحصائيات الرسمية فإن الفتيات يمثلن أرقاماً كبيرة من الأمية التي ماتزال تنتشر بمعدلات عالية في أوساط السكان المقدر بنحو 22 مليون نسمة. تحديات ويشير تقرير رسمي صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي حول «تقييم الاحتياجات القطاعية لتأهيل اليمن لتحقيق الحد الأدنى من التنمية البشرية خلال الفترة 2006 2015م.. إن اليمن تحتاج إلى 21 ملياراً و268 مليون دولار لتحسين التعليم بمجالاته الثلاثة». وأوضح التقرير أن اليمن تواجه تحديات عديدة تتمثل في الفقر بمظاهره وأبعاده المختلفة والتي من أهمها النمو السكاني المرتفع واتساع قوة العمل وتزايد البطالة، إلى جانب انخفاض معدلات الالتحاق بالتعليم في كافة مراحله، حيث لايتجاوز معدل الالتحاق في التعليم الأساسي 62% بالنسبة للذكور و44% للأناث، أما نسبة الملتحقات بالتعليم الثانوي فهي 38%. وأضاف التقرير أن عدم توفر المنشآت التعليمية الكافية والمستلزمات اللازمة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السكان يعد السبب الرئيسي في ضعف مستوى التعليم في اليمن وتدني معدلات الالتحاق به. جهود حثيثة وتسعى اليمن إلى التخفيف من مشكلات انسحاب الأطفال من المدارس وكذا تشجيع الفتيات على الالتحاق بنظام التعليم الأساسي للحد من الأمية بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية العاملة في اليمن.. وذلك في إطار مساعيها للحد من الأمية ومكافحة الفقر في أوساط الشرائح الأكثر فقراً التي عادة ماتكون الأقل من حيث نصيبها في التعليم. وسعت وزارة التربية والتعليم إلى وضع معالجات وحلول لهذه الأسباب من خلال إنشاء قطاع تابع لها يعنى بتعليم الفتاة إلى جانب صدور عدد من الاستراتيجيات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى التعليم وإلزاميته وتقليص الفجوة التعليمية بين الذكور والإناث بالذات في الأرياف.. منها الاستراتيجية الوطنية لتعليم الفتاة، والاستراتيجية الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار، والاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر، والاستراتيجية الوطنية للتعليم الأساسي. كما عملت وزارة التربية والتعليم على إلغاء الرسوم الدراسية للفتيات من الصف الأول إلى الصف السادس، ومن الصف الأول إلى الثالث للبنين، بغرض تشجيع أولياء الأمور على إلحاق بناتهم بالتعليم، بالإضافة إلى إنشاء مدارس وفصول دراسية خاصة بالبنات. خمسة ملايين طفل أمي ورغم ذلك تقول احصائية رسمية أن 46% من الأطفال في اليمن بشكل عام غير ملتحقين بالمدارس، وأن نسبة 71% من فتيات الريف مازلن خارج المدارس.. ويوضح تقرير صادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وجود نحو خمسة ملايين طفل يمني يعانون أمية أبجدية.. وربط التقرير بين تفشي ظاهرة عمالة الأطفال والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأحوال المعيشية للأسر اليمنية.. مستنتجاً أن ظاهرة الفقر بتجلياتها المتعددة ونتائجها المتداخلة تعد السبب الرئيسي لتفشي ظاهرة عمالة الأطفال وتفاقمها، وأشار إلى أن أطفال الفئات الاجتماعية الفقيرة يستمرون مكرهين في البحث عن عمل في سن مبكرة وبنسب عالية مع استمرار مشكلة الفقر من دون مواجهة جدية. استثمار الموارد البشرية وطالب التقرير بضرورة اعتماد استراتيجية تنموية تعطي الأولوية للاستثمار في الموارد البشرية ورفع مستوى التعليم وتوسيعه بحيث يشمل فئات الأطفال ويحد من أميتهم، وبحسب المسح التربوي الشامل للعام الدراسي 2005 2006م الصادر عن وزارة التربية والتعليم فإن إجمالي عدد الطلاب في المدارس اليمنية بلغ 4 ملايين و497 ألفاً و643 طالباً وطالبة في المرحلة الأساسية و525ألفاً و970 طالباً وطالبة في المرحلة الثانوية، ونسبة التحاق الإناث بالتعليم الثانوي بلغت في المدن 59%، وفي الريف 41%. تزايد النفقات والمؤسسات يقول الدكتور سيلان جبران العبيدي الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط التعليمي أن قطاع التعليم والتدريب شهد اهتماماً كبيراً وتزايدت نفقاته، كما تزايد عدد المؤسسات التعليمية في مختلف مراحل وأنواع قطاع التعليم والتدريب سنة بعد أخرى حتى أصبح التعليم العام «الأساسي والثانوي» يضم أكثر من «1475» مدرسة للتعليم الأساسي والثانوي بمختلف أنواعها تستوعب مايقارب خمسة ملايين طالب وطالبة، وهذا إلى جانب أنه تم دمج التعليم الفني والمهني في إطار وزارة مختصة تهتم بتطويره والإشراف عليه وتحتضن في إطارها 61 مؤسسة للتعليم الفني والتقني، تستوعب أكثر من 21 ألف طالب وطالبة، إضافة إلى توسع التعليم الجامعي والعالي لتصل جامعاته إلى 21 جامعة حكومية وأهلية، وعدد من المعاهد العليا والكليات التي تحتضن جميعها أكثر من 203 ألف طالب وطالبة. وأشار الدكتور العبيدي إلى أن نفقات التعليم في اليمن بلغت أكثر من 186 آلاف ريال. تطوير وتحسين التعليم هذا وتستهدف الرؤى والتوجهات لتطوير التعليم العام في اليمن رفع معدل الالتحاق بالتعليم الأساسي إلى 95% للجنسين، للذكور 93%، وللأناث 90% من إجمالي السكان بالفئة العمرية من ست إلى 14 عاماً بحلول عام 2015م، بجانب تحسين نوعية التعليم بمختلف جوانبه من مبان مدرسية ملائمة، وتوفير الأثاث والتجهيزات المدرسية لتوفير بيئة مدرسية جاذبة وتطوير مناهج دراسية تلبي احتياجات المتعلمين والمتعلمات حضراً وريفاً وتطوير كفاءة المعلمين والمعلمات كماً وكيفاً. وخلال الفترة الأخيرة تم إقرار برنامج تنفيذي لاستراتيجية وطنية كان قد تم إعدادها وإقرارها لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني، بهدف رفع الطاقة الاستيعابية لهذا النوع من التعليم للوصول إلى نسبة 15% من مخرجات التعليم الأساسي والثانوي بحيث تغطي عموم المناطق اليمنية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لجميع أفراد المجتمع للحصول على فرص الالتحاق بهذا النوع من التعليم. التعليم الجامعي ويوصي المجلس الأعلى لتخطيط التعليم إجراءات لتطوير التعليم الجامعي منها إعادة تنظيم الدراسات العليا، والتصريح للبرامج التي يتوفر لها مقومات النجاح، بناءً على الامكانيات المادية والبشرية الكفؤة، واقتراح الغايات والأهداف المتوخاة من الدراسات العليا، وأن تتبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي نموذجاً للجامعة المنتجة، التي تحقق وظائفها المتوقعة في التعليم والبحث وخدمة المجتمع، وتتكامل فيها هذه الوظائف من خلال إدماجها بأنشطة المجتمع ومؤسساته، لتحقيق بعض الموارد المالية الإضافية، باتباع أساليب ووسائل متعددة منها التعليم المستمر والاستشارات والبحوث التعاقدية والأنشطة الإنتاجية.. ويقترح خبراء التربية والتعليم أن تحدد نسبة النفقات مابين 18% إلى 20% من ميزانية الدولة ومابين 6% إلى 8% من الناتج المحلي الاجمالي.