- إن التنافس الحالي في سوق الأعمال المالية والمصرفية عنوانه " الخدمة الشاملة والأسرع بتكلفة أقل " ولذلك اتجهت البنوك والمؤسسات المالية إلي استخدام وسائل حديثة ومبتكرة في أداء وتقديم خدماتها المالية والمصرفية تعتمد على معطيات التقدم الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذي انعكس أثره على مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية المختلفة ومنها مجال الأعمال المصرفية حيث شهد هذا المجال تطورا كبيرا في تطبيق العديد من التقنيات التكنولوجية في العمل المصرفي. ويعد الانترنت المصرفي "Internet Banking " احد ابرز التطورات التكنولوجية في مجال الأعمال المصرفية الالكترونية والذي يتيح العديد من الفوائد للبنوك والمؤسسات المالية في أداء وتقديم مزيج متنوع من خدماتها المالية والمصرفية لعملائها من المؤسسات والأفراد في نمط تفاعلي الكتروني بين مقدم الخدمة ( البنك أو المؤسسة المالية ) ومتلقيها ( العميل) يتسم بالسرعة والسهولة في تلبية احتياجات العميل من الخدمات المالية والمصرفية المتاحة على مدار الساعة من خلال مواقع البنوك والمؤسسات المالية على شبكة الانترنت . ويؤدي تبنى الإنترنت المصرفي إلي العديد من الفوائد سواء للعملاء أو للبنوك التي تتبني هذا الأسلوب فهو وسيلة منخفضة التكلفة لتقديم الخدمة المصرفية للعملاء أو الترويج لأعمال البنك من خلال موقعه على الشبكة بالإضافة إلى إمكانية توسيع أعمال البنك جغرافيا دون الحاجة إلى فتح عدد كبير من الفروع وما يتطلب ذلك من تكاليف كما انه وسيلة جيدة في التفاعل المباشر مع العملاء و تنمية قاعدة مستقبلية من العملاء من خلال توسيع قاعدة العملاء المتعاملين مع البنك الذي يقدم خدمات الانترنت المصرفي نتيجة جذب قطاعات جديدة من العملاء الذين يستخدمون الانترنت المصرفي إضافة إلي العملاء الذين يتعاملون من خلال مبني البنك بالإضافة إلى أن الانترنت المصرفي يعد عاملاً مهماً في تحقيق الريادة التنافسية للبنوك التي تتبناه سواء من خلال تطوير الخدمات المصرفية وتقديمها بجودة أعلى من منافسيها أو عن طريق تقديمها برسوم مصرفية منخفضة مقارنة بتقديم الخدمات المصرفية من خلال الوسائل التقليدية . ويمكن لعملاء البنوك الحصول على خدمات الانترنت المصرفي في اي وقت على مدار الساعة ومن اي مكان تتوافر فيه خدمات الانترنت ومن ثم يحصل العملاء على الخدمات المصرفية بيسر وسهولة دون تحمل عناء الانتقال إلى مبنى البنك وتحمل تكاليف إضافية للحصول على الخدمات المصرفية وبالإضافة إلى ذلك يتيح الانترنت المصرفي بدائل متعددة أمام العملاء من الخدمات المالية والمصرفية على شبكة الانترنت , ومن خلال الانترنت المصرفي يمكن تقديم خدمات مصرفية متنوعة تناسب احتياجات ورغبات العميل الشخصية . وفي دراسة قام بها كاتب المقال عن تبني البنوك في اليمن للانترنت المصرفي تبين ان هناك قصوراً واضحاً في استخدام هذه التقنية في العمل المصرفي سواء من قبل البنوك اوعملائها من الافراد والمؤسسات في الجمهورية اليمنية فعلى الرغم من امتلاك الكثير من البنوك التجارية والإسلامية اليمنية مواقع على شبكة الإنترنت ,إلا أن هناك فجوة في تبني هذه البنوك للإنترنت المصرفي وفقا للمفهوم الشامل للانترنت المصرفي (الذي يشمل اداء وتقديم مختلف الخدمات المالية والمصرفية من خلال شبكة الانترنت ) ومقارنة بالعديد من البنوك العربية والعالمية التي تتبنى الانترنت المصرفي حيث ان مواقع معظم البنوك اليمنية على شبكة الانترنت مواقع تعريفية بالبنوك وانشطتها , وتعاني من قصور واضح في تصميمها ووسائل التفاعل مع العملاء المتبعة من خلالها. وفي الحقيقة هناك بعض الصعوبات او المعوقات التي تحد من فاعلىة ونجاح تبني البنوك في اليمن للانترنت المصرفي من ابرزها : - الاعتبارات الخاصة بالامان والحماية والسرية للتعاملات المصرفية الالكترونية وتخوف عملاء البنوك من ضعف اجراءات حماية وأمن بياناتهم وتعاملاتهم على شبكة الانترنت. - ضعف البنية التحتية التكنولوجية اللازمة لتطبيق الانترنت المصرفي بشقيها العتادي Hardware والبرامجي Software سواء على مستوى الدولة او على مستوى البنوك العاملة في الجمهورية اليمنية , بالإضافة إلى عدم توافر الكوادر البشرية المؤهلة في مجال الإنترنت المصرفي في معظم البنوك العاملة في الجمهورية اليمنية. - انخفاض عدد مستخدمي شبكة الانترنت من الافراد والمؤسسات في اليمن مقارنة بالعديد من الدول العربية والعالمية . ونسبة الى عدد السكان . - غياب العديد من النظم والقوانين والتشريعات المنظمة للاعمال الالكترونية في اليمن مثل : قانون التجارة الالكترونية والتوقيع الالكتروني , بالرغم من صدور قانون انظمة الدفع والعمليات المصرفية الالكترونية الا ان هذا القانون بحاجة الى تطوير وتعديل واضافة بعض المواد خاصة ما يتعلق منها بالتعامل من خلال الانترنت المصرفي وحماية وتامين هذه التعاملات . - وجود قصور في وعي وادراك العديد من القيادات المصرفية وعملاء البنوك بأهمية وفوائد واستخدام الانترنت المصرفي. وفي ظل الجهود التي تبذلها الحكومة حاليا للانضمام الى عضوية منظمة التجارة العالمية " الجات " والاندماج في الاقتصاد العالمي وما يترتب على ذلك من دخول كيانات مصرفية عملاقة الى السوق المصرفية اليمنية دون قيود في اطار الالتزام بإتفاقية الجات في مجال تحرير تجارة الخدمات . فإن على البنوك اليمنية ان تدرك منذ الان ما سوف تواجهه من منافسة غير متكافئة من بنوك عالمية وعربية اصبحت تكنولوجيا العمل المصرفي اهم وابرز سماتها , وهو ما يستدعي من البنوك اليمنية وضع خطط استراتيجية ملائمة لتحديث انظمتها وتطوير ادائها , وتوفير البنية التحتية اللازمة لتبني الاعمال المصرفية الالكترونية ومنها الانترنت المصرفي . ونحن هنا لسنا بصدد مطالبة هذه البنوك بالتطبيق الكامل لنظام الانترنت المصرفي في الوقت الحالي لأنه ليس بوسعها ذلك في ظل وجود العديد من المعوقات والصعوبات التي سبق ذكرها , والذي تحتاج معالجتها الى منظومة متكاملة من الاجراءات والمتطلبات والتعاون والتنسيق المشترك بين مختلف وحدات القطاع المالي والمصرفي وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهات القانونية والتشريعية والاقتصادية في الدولة . لكن يمكن للبنوك البدء تدريجيا في تبني الانترنت المصرفي من خلال تقديم بعض الخدمات المعلوماتية لعملائها والتي لا تنطوي على مخاطر كبيرة في التعامل المصرفي من خلال الانترنت مثل الاستعلام عن الارصدة وحركة الحسابات وطلب كشف حساب اوالاستعلام عن اسعار صرف العملات ...الخ . وعندما تمتلك هذه البنوك قاعدة من العملاء المستخدمين للانترنت المصرفي وقدرات مادية وبشرية وتكنولوجية لحماية بيانات العملاء والتعامل المصرفي من خلال مواقعها على شبكة الانترنت يمكنها الانتقال الى مستويات اكبر من الخدمات المصرفية التي يمكن تقديمها من خلال شبكة الانترنت . وختاما يمكن القول بأن توجه البنوك العاملة بالجمهورية اليمنية نحو تبني الانترنت المصرفي لازال بطيئا ومحدودا ودون المستوي المطلوب و مالم تتجه هذه البنوك إلى محاولة اللحاق بركب التقنية واستثمار التكنولوجيا المتطورة في العمل المصرفي بسرعة . فإنه قد لا تتوافر أمام هذه البنوك القدرة أو الخيارات لتتلاءم مع هذه التكنولوجيا مستقبلا أو ربما تكون هذه البنوك قد تأخرت كثيرا في ظل حقيقة أن التواجد المبكر والفعال على شبكة الانترنت يعد عاملاً مهماً من عوامل نجاح منظمات الأعمال والبنوك والمؤسسات المالية في العصر الحديث .