تحولت الحياة الزوجية ل(م،ش،م) بعد مضي قرابة 15 عاماً على زواجه من ابنة عمه (ف،أ،س) إلى ألم وحسرة، وذلك بعد إنجاب أربعة أطفال مشوهين خلقياً تتراوح أعمارهم حالياً ما بين الست سنوات وال14 سنة. وبحسب التقارير الطبية فإن الأطفال الأربعة شكلهم الخارجي يشبه الإناث في حين أن جنسهم الحقيقي ذكور، فبالرغم من وجود مهبل وشفرة للفرج إلا أنه لا يوجد رحم ولا مبايض، ولكن هناك خصيتان بمنطقة العانة، وهذه الحادثة ليست جديدة على هذه الأسرة فخال الفتيات مصاب بنفس التشوه، كون أبويه تصلهما قرابة اجتماعية. ولأن مثل هذا الزواج يطرح نفسه كمشكلة اجتماعية وصحية تحتاج إلى فتاوى من علماء العصر لتحديد مشروعية استمرار الزوجين في إنجاب أطفال معوقين طرحت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) القضية على عدد من علماء الدين والشريعة الإسلامية في اليمن وكانت إجاباتهم كالتالي: القاضي محمد بن اسماعيل العمراني أكد أن زواج الأقارب ليس منهياً عنه في الشريعة الإسلامية لا في الكتاب ولا في السنة المطهرة، ويجوز للإنسان أن يتزوج بأقاربه ما لم تكن من محارمه التي ذكرها الله في سورة النساء الآية (18). وأشار إلى أن الرسول (ص) تزوج بابنة عمه زينب وتزوج علي بن أبي طالب بفاطمة بنت رسول الله وهي ابنة ابن عمه. وقال القاضي العمراني: هذا من الناحية الدينية أما من ناحية طبية ففي حال ثبوت أن تلك الأمراض أو التشوهات لها علاقة بزواج الأقارب، حينها يجب على الزوجين اتخاذ عدد من الوسائل والأسباب لتجنب الضرر، فلا ضرر ولا ضرار. أما الداعية الاسلامي بوزارة الأوقاف والإرشاد الشيخ جبري ابراهيم فقال: من الضروري الأخذ بالأسباب إزاء قضية زواج الأقارب إن ثبت طبياً أن الأمراض الوراثية لدى الأطفال لها علاقة بهذا الزواج وهم فعلاً أقارب وأقرب الأقارب. وأضاف: إن الدين الإسلامي هدي عظيم يأمرنا باتخاذ جميع الوسائل والأسباب والتي من شأنها رفع الضرر عن المجتمع من الأمراض والعلل ومنها وسيلة التغريب في الزواج. وأضاف الشيخ جبري: ينبغي للإنسان أن يتخذ التغريب وسيلة للابتعاد عن تلك الأمراض مثل التكسرات التي قد تحدث في الدم طبقاً لما جاء في الأثر عن علي ابن أبي طالب في حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والذي يقول: "تغربوا حتى لا تضنوا" أي لا يضعف ويتعب نسلكم. وأردف قائلا: إذا ثبت للشخص طبياً ويقيناً بأن زواجه من قريبته وخلفته منها يسبب لهما الضرر وتزوج بها على علم ودراية فهو في هذه الحالة آثم، وإذا لم يعلم عن الموضوع شيئاً وتزوج بغير دراية وغير علم وأنجب منها أطفالاً فليس عليه أي أثم لكنه في هذه الحالة يتخذ عدداً من الأسباب سواء بالتوقف عن الإنجاب أو غير ذلك ويربي أولاده الموجودين ويحمد الله هو وزوجته على ماقضى. وأكد أن الزوجين إذا صبرا على بعضيهما وربيا طفليهما المشوهين فهو أفضل لهما ويشكرا الله الذي قدر لهما ذلك، وإن أرادت الزوجة طفلاً سليماً معافى من غير زوجها القريب لها فيحق لها ما تشاء.. لافتاً إلى أهمية أخذ الحيطة والحذر لجميع الأسر والأبناء من زواج الأقارب. ودعا الشيخ جبري جميع الشباب والفتيات إلى ضرورة الفحص الطبي قبل الزواج باعتباره أحد الأسباب التي تقي المجتمعات من الأخطار والوقوع في الأخطاء والندم. فيما اعتبر رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء الدكتور درويش الأهدل حكم زواج الأقارب جائزاً في الشريعة الإسلامية ولا مانع فيه. وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية واضحة ولم يأتِ فيها ما يدل على أنه حرام أو مكروه، فما دامت المرأة ليست محرمة يجوز الزواج بها. وقال: إن التشوهات الخلقية والأمراض الوراثية لدى الأطفال يجب عرضها على الأطباء لمعرفة ما سبب التشوه، فإذا عرف سبب التشوه أو المرض للطفل وعلاقته بزواج القريبة فيجوز الابتعاد عن المرأة لما فيه مصلحة الطرفين، ولا نقول في هذه الحالة يجب عليه الانفصال عنها. وأكد استثناء بعض علماء الدين "إكراه" الزواج بين الأقارب في حالة إذا تبين أن لدى أسرة الأقارب شيئاً ما يؤدي إلى ضعف في النسل والأولاد. وأضاف الدكتور الأهدل: إن صبر الزوجين على بعضهما واتخاذ الوسيلة المناسبة لمنع النسل لما فيه مصلحتهما، جائز لهما بشرط التأكد من الأطباء أن التشوه له علاقة بزواج الأقارب. يشار إلى أن قضية زواج الأقارب أثيرت في عدة دول عربية وإسلامية مؤخراً، ففي مصر رأى الباحث الشرعي المصري مسعود صبري في حديث لموقع آسية الالكتروني "أن زواج الأقارب لم يرد النهي به في الشرع وإنما ترك الأمر للإباحة حتى تدرس حالة الزوجين كل على حدة. وأشار إلى تغير الحكم من الإباحة إلى الكراهة عندما يثبت الضرر الصحي أو التفكك الأسري أو عدم الاستقرار الاجتماعي بين أسر الأقارب والارحام. ولفت إلى أن زواج الأقارب مباح مع مراعاة الظروف الاجتماعية والصحية في كل حالة من الحالات دون القياس على أخرى مع القيام بالكشف الطبي اللازم وفحوص الزواج قبل إتمامه. الجدير بالذكر أن إحصائية رسمية حديثة صادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أكدت وجود أكثر من مليوني معاق في اليمن إعاقاتهم مختلفة تتوزع بين إعاقات بصرية وسمعية وذهنية وحركية.