رغم أن الأمراض تنتشر نتيجة سوء التغذية وتفشي الأنيميا خاصة بين الشعوب الأقل دخلاً في أفريقيا، فإن هناك أمراضاً أخرى تصيب أصحاب الدخول المرتفعة وكذلك أصحاب الدخول المنخفضة تتعلق بالسمنة والبدانة كلاهما قاتل أو يصيب الإنسان بأمراض الضغط والقلب والشرايين. ورغم أن الأطفال هم الأصغر إلا أنهم يتحملون العبء الأكبر ويسددون النصيب الأوفر من الفاتورة الباهظة لكل المتغيرات الاقتصادية، الاجتماعية التي يمر بها مجتمعنا، حيث تنعكس هذه المتغيرات بصورة مباشرة على غذائهم وبالتالي على صحتهم التي تحاصرهم أمراض لم تكن معروفة من قبل، إنهم الأطفال فلذات أكباد الشعب والذين يعانون قبل غيرهم من أي أعراض للأمراض نتيجة قلة العناية بهم من قبل البعض وانخفاض درجة الوعي لدى الآخرين بجانب انخفاض المناعة. وقد أشارت د.عزة جوهر إلى أنه لن توجد تنمية في أي دولة بلا استثمار في التغذية، وأن حالة الطفل الصحية تعتمد على حالته الغذائية التي بدورها تتأثر بعوامل كثيرة غير الطعام الذي يأكله الطفل مباشرة، فالحالة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة لهما أكبر الأثر بجانب الحالة الثقافية والتعليمية للآباء، بالإضافة إلى عوامل أخرى عديدة تؤثر في الحالة الغذائية للطفل مثل حالته النفسية ومن المعروف أن سوء التغذية يؤثر على النمو والقدرات الذهنية والسلوك الاجتماعي والمناعة ومقاومة الأمراض، لذلك فإن أي استراتيجية تقوم على تعاون جميع الجهات المتخصصة للقضاء على أمراض سوء التغذية وبناء جيل سليم هي استراتيجية ناجحة، وأوضحت أن نسبة الإصابة بأمراض نقص الوزن والتقزم والهزال قد انخفضت بين الأطفال في مراحل العمر المختلفة في الوطن العربي إلا أن هناك اختلافاً في النسب العمرية للمصابين وخاصة في السن قبل المدارس وفي سن المدرسة من«6-18»عاماً. وقد انخفضت نسبة التقزم من «30%» عام1995م إلى «15%» عام2003م وانخفضت نسبة نقص الوزن من 14% إلى 8% أما الهزال فقد وصل 4% بدلاً من 5%. وأضافت د.عفاف عبدالفتاح توفيق: إن زيادة أمراض سوء التغذية تؤثر على الأم الحامل والجنين وبالتالي الطفل الذي قد يكون مبتسراً أو ناقص النمو وأحياناً تكون النتيجة ضعفاً عاماً للطفل خلال حياته. أما عن المشاكل الأخرى للتغذية فإنها تتعلق بقلة المناعة وارتفاع نسبة الاصابة بالأمراض لدى الأطفال وكبار السن كذلك، وبالنسبة للهزال والضعف العام فإن الأطفال يتعرضون في بعض المناطق الريفية للعمل والفلاحة في سن مبكرة مما يستهلك قدراتهم البدنية والصحية. أما مشكلة زيادة الوزن والسمنة فترجع للعادات الغذائىة الخاطئة وارتفاع نسبة الدهون في الطعام لدى الأم الحامل وبالتالي لدى الجنين وهو ما يجعل الطفل ذا وزن زائد فضلاً عن مشاكل عند الانجاب قد تؤدي لعملية قيصرية، إلا أن كل هذه الجوانب قد تؤدي أيضاً لخروج رجل أو امرأة بدينة وسمينة وتضاف أعباء جديدة لهما لأن جيناتهما الوراثية في الأساس وخلايا الجسم بشكل كامل يدعو للقلق على المستقبل الخاص بالطفل البدين أوالسمين كما يردد البعض. وأضاف د.عفاف: إن زيادة الوزن والسمنة بين الأطفال والمراهقين ترجع إلى انتشار الوجبات السريعة بما تحويه من مواد مشبعة بالدهون وعالية الطاقة والمشروبات عالية السكر، هذا مع قلة النشاط البدني خاصة بين المراهقين والمراهقات والأطفال في السن المبكرة وأثناء الدراسة كما تظهر المشكلة بوضوح في باقي الأعمار مع انخفاض الوعي بأهمية الرياضة للجسم وللصحة بوجه عام. وأكدت د.عفاف ضرورة وضع استراتيجيات عربية ودولية لمواجهة نقص الوزن وزيادته والدعوة لأن تكون الرياضة الغذاء لأي مواصلة لايتم استبعادها. وللأسف التغذية الخاطئة تنعكس على العديد من أجهزة ووظائف الجسم المختلفة فنجد تسوس الأسنان يهاجم الأطفال ويتسبب في مشاكل كبيرة للكبار قد تؤدي لفقد الأسنان الأساسية واستبدالها بالصناعية. وأيضاً هناك وجه آخر لمشاكل التغذية يتعلق بتكوين العظام والأسنان حيث إن الألبان ومنتجاتها تعد الأهم للأطفال وللكبار على حد سواء في مراحل العمر المبكرة والشيخوخة نظراً لتعرض الكبار في ربيع العمر لأمراض هشاشة العظام، بينما يحتاج الصغار لتكوين عظامهم وبنيانهم بالكالسيوم والفيتامينات. أما بالنسبة لقصر القامة فقد أشارت د.مي مطر استشاري التغذية أن طول وقصر القامة ليس مرجعه فقط إلى العوامل الوراثية لكن يتدخل فيه بصفة أساسية سوء التغذية المزمن إلى جانب بعض العوامل البيئية، وقد ظهر قصر القامة في الصين واسيا بشكل كبير وفي اليابان وكوريا بسبب طبيعة الحياة والبيئة والوراثة والجينات. أما في أفريقيا فترى قوة البنيان والطول إذا ما روعيت التغذية السليمة، أما إذا لم يأخذ الأطفال غذاءهم الكافي في السن المبكرة فإنهم يتعرضون لأمراض تتعلق بالتقزم أو القصر أو فقر الدم والانيميا. وقد لوحظ مؤخراً أن «50%» من قصار القامة كانوا لايتغذون بشكل صحي في صغرهم وأن«50%» الآخرين هم جاءوا نتيجة وراثة لقصر القامة أوجينات لاقبل لهم بها إنما نتيجة تعاقب الأجيال وأثبتت التحاليل المعملية للأطفال قصار القامة أن نسبة «الفريتين» و«الزنك» بالدم كان أقل من المعدل الطبيعي بما يؤكد أن نقص هذه العناصر له آثار سلبية على النمو الطبيعي للطفل.. كما أظهرت الدراسات العلمية أن قلة الحديد هي سر قلة التركيز والوهن والضعف وأن الخضروات والفاكهة تحمي الأبصار وتقوي العيون وأن تسوس الأسنان يهاجم 65% من أطفال العالم. وأن هناك تبايناً في معدلات الدخول والأمراض، فالأغنياء يمرضون بالسمنة والبدانة وأمراض تصلب الشرايين والكولسترول. أما الفقراء فيمرضون بسوء التغذية والضعف العام لقلة الغذاء واقتصار الوجبات على الأطعمة الأرخص. د.مرتضى الشبراوي استاذ طب الأطفال أشار إلى أن المغذيات الدقيقة مصطلح علمي يقصد به الفيتامينات والأملاح المعدنية وقد سميت بالدقيقة نظراً لاحتياج الجسم لها بكميات صغيرة، وليس لقلة أهميتها بل إنها تدخل في معظم العمليات الحيوية المتعلقة بالتمثيل الغذائي ووظائف الأجهزة والأعضاء، ويترتب على غيابها خلل كبير بالجسم. واستفاض د.مرتضى في شرح مراحل فقر الدم التي أرجعها لنقص الحديد واليود حيث إن المرحلة الأولى لايشعر فيها الإنسان بنقص الحديد في الجسم والتحاليل التي تكشف هذا النقص مكلفة للغاية. أما المرحلة الثانية فيصاحب نقص المخزون معانات صحية نتيجة أن نخاع العظم لايصنع خلايا حمراء كافية ويصبح البروتين يسير في الدم دون إفادة الجسم. أما المرحلة الثالثة فتكون نقصاً في الهيموجلوبين بالدم ويمكن اكتشافها بوضوح عن طريق التحاليل العادية. وفقر الدم يؤثر علي القدرات البدنية والذهنية والعقلية جميعها، ويعتبر شرب الشاي بعد بعض الأطعمة من أهم أسباب سوء التغذية لدى الصغار والكبار ومن أكثر الأطعمة المليئة بالحديد البقدونس والجرجير والباذنجان والكبدة والعسل الأسود والأسماك. وعنصر الزنك يعتبر عنصراً أساسياً لعمل كثير من الانزيمات وللحامض النووي بالخلية ويرتبط ارتباطاً شديداً بقصر القامة وترجع أهمية الكالسيوم لأهميته في بناء العظام والوقاية من أمراض لين العظام وتشوه الجهاز الهيكلي في الصغر وهشاشة العظام والكسور.