تظل نبتة القات واحدة من المشكلات الاجتماعية الكبيرة التي تواجه مجتمعنا وحياتنا، وبالتالي فإن لها تأثيراً كبيراً في تطور المجتمع أو تراجعه سواء على المستوى الزراعي أم التنموي أو المادي.. ويعتبر الشباب التحدي الحقيقي للدولة في إقبالهم نحو هذه النبتة أو عزوفهم عنها، فوعي الشباب الذي يأتي غالباً من وعي المجتمع منظمات ومؤسسات وأحزاب، بلا شك سيكون له دور هام في التعامل مع عادة تعاطي القات من عدمه.. كما أن لمنظمات المجتمع المدني التي تحدثنا عنها هنا دور ومسئولية كبيرة في توعية الشباب بالقات وأضراره وربط المستوى الاجتماعي والاقتصادي للبلد بمدى تعاطي القات أو الإقلاع عنه. و«القات» كنبتة دخيلة على الأرض الزراعية في اليمن إلا أنها وجدت منذ عقود زمنية، وعانت منها أجيال يمنية ولا تزال، وتبدو الصورة قاتمة لهيمنة هذه الشجرة على الكيان الاجتماعي، بل وكل مفاصل الحياة - إذا صح التعبير - من خلال قول شهيد الأحرار محمد محمود الزبيري رحمه الله ب«أن القات هو بالحاكم الأول في اليمن». مليار دولار على استهلاك القات سنوياً ووفق الإحصاءات الرسمية عن القات فإن اليمنيين ينفقون سنوياً ما يقارب المليار دولار على استهلاك القات، ويمثل حوالي ربع الناتج المحلي اليمني، كما تتسبب زراعته في إهدار موارد المياه الجوفية في البلاد.. في المقابل يرى كثيرون أنه يوظف عدداً كبيراً من الأيدي العاملة ويشكل نسبة ملموسة في إجمالي الناتج المحلي للبلاد. الإدارة الرياضية والشبابية في وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» ناقشت هذه القضية مع مسئولي قطاعات الشباب في الأحزاب السياسية، ووقفت على دور هذه الأحزاب في التوعية نحو هذه الظاهرة ومحاربتها أو معالجتها، ودورها في الأخذ بيد الشباب الأكثر عرضة لتعاطي القات وإهدار الوقت والمال معاً. مسؤول قطاع الشباب بالحزب الاشتراكي اليمني، باسم الحاج كان صريحاً حينما بدأ بإدانة نفسه لتعاطيه القات ومضغه له بصورة شبه يومية. وأضاف الحاج: إن توعية شباب حزبه بمخاطر القات تأتي ضمن النشاط الفكري والتنويري للحزب وإن كان بشكل خجول.. مشيراً إلى أن هذا الجهد يؤدي إجمالاً إلى تنمية شعور يستوعب مخاطر أضرار القات. وقال الحاج: أكبر شيء نعمله هو تشجيع الذين لا يخزنون القات باعتباره سلوكاً حضارياً. من جهته رئيس دائرة الشباب والطلاب بالمؤتمر الشعبي العام أحمد الميسري كان صريحاً أيضاً عندما قال: لم يقم المؤتمر بأي دور مثله مثل أي حزب لمحاربة القات، ولا توجد آلية لمحاربته.. مشيراً إلى أن مواجهة القات صعبة جداً وتتطلب إمكانات كبيرة كونه أصبح ثقافة، وإن المؤتمر لا يريد أن يضع برامج فيها كذب، أو لا يستطيع تنفيذها، لأنه حزب طموح وواقعي أيضاً.. وأضاف الميسري: نحن كحزب حاكم نحس بثقل المسؤولية، ومحاربة هذه الظاهرة تقتضي تكاتف الجميع من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني، وجهود كبيرة من جميع المواطنين، ويجب علينا إيجاد البدائل المناسبة كون القات أصبح يعول عدداً كبيراً من الأسر على مستوى الوطن. أما رئيس الكتلة البرلمانية للتنظيم الوحدوي الناصري سلطان العتواني فقد أجاب عن سؤالنا عن دور حزبه في مكافحة ظاهرة انتشار القات بين الشباب، بالقول: الظاهرة ترجع إلى البطالة، والبطالة عالة على المجتمع تجعل الشباب والقوى العاملة كلها تلجأ إلى القات.. وعما قدمه الحزب لشبابه في هذا المجال أجاب العتواني: رؤيتنا كحزب أنه لابد أن توجد فرص عمل للشباب، وتوجيه طاقات الشباب في البناء والإنتاج بدلاً من أن تستغرق كلها في مقايل القات. فيما طرح رئيس الدائرة الاجتماعية بالتجمع اليمني للإصلاح الشيخ عبدالله صعتر رؤية الحزب في مكافحة القات، عندما سألناه عند دور التجمع في مكافحة الظاهرة، فقال: إن الظاهرة سيئة، وتعود على المجتمع بأضرار صحية واقتصادية واجتماعية، والتخلص منها يحتاج إلى تدرج وجهود حثيثة تتركز في تشجيع المزارعين على زراعة غير القات في الخضروات والفواكه والحبوب وغيرها. وأضاف صعتر: يجب إتاحة الفرصة أمام المزارعين بتوفير ما يحتاجون من معدات وبذور، وإيجاد مصانع تستوعب هذه المنتجات، وتقوم بتعليبها وتخزينها وتصديرها، وتشجيع الاستثمار لإيجاد فرص عمل، والقضاء على الفقر والبطالة. الخلاصة.. دور منعدم للأحزاب من خلال الإجابات السابقة تكشّف لنا مدى حجم الظاهرة، ودور الأحزاب المنعدم في محاربتها، ما يقتضي تكاتف جميع أبناء الوطن ومؤسساته الحكومية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني لمحاربة ظاهرة تعاطي الشباب للقات التي تغلغلت في أوساطهم إلى أن أصبحت ثقافة يصعب على المجهودات الفردية مكافحتها في المستقبل القريب.