م/ عبدالحفيظ العمري كيف تم خلق الكون ؟ سؤال كبير وصعب أضف إلى ذلك أنه متأخر ب 15 مليار سنة منذ ولادة هذا الكون .. ولكن كيف تم ذلك ؟ البداية بسؤال لاشك انما دار في عقلك حول كيفية خلق الكون هو نفس مادار في عقول العلماء التخصصين في علم الفلك ( Astronomy) مع فارق بسيط أن الإمكانيات التي بين يدي هؤلاء العلماء اكثر مما بين يديك - عزيزي القارئ - من علوم ومفاهيم مكتسبة والآلات .. والبداية كانت بسؤال للعالم ( اولبرز ) لماذا تظلم السماء ليلاً؟ صحيح ان الشمس غائبة في الليل لكن في الفضاء الكوني هناك آلاف الشموس التي تفوق شمسنا ضياء يمكنها ان تحول الليل إلى نهار ...فافترض ان الكون ليس شفاف بما يكفي لوصول اضاءة الشموس الاخرى وكان حلاً خاطئاً إلى ان جاء العالم (هوبل) في عام 1929 م الذي اكد من خلال رصده للفضاء ان الضوء القادم الينا من المجرات يدل على تباعدها عنا وعن بعضها البعض بسرعة تتناسب مع مواقعها.. الانفجار العظيم قادت فكرة تباعد المجرات ل(هوبل) إلى فكرة أجمل مفادها ان الكون يتمدد باستمرار ( عكس ماكان سائداً من أن الكون ساكن وازلي steady state ) وهذا التمدد الذي يجعل المجرات تتباعد عن بعضها البعض ( صوّره البعض كنفخة بالون فتتباعد الاشكال الرسومة على سطحه تبعاً لتوسع البالون) ..فبرز سؤال ماذا كان عليه الكون في الماضي بمعنى ادق لو ادرنا ( فيلم ) تمدد الكون إلى الوراء ماذا سنجد ؟ لا ريب تقارب بين اجزاء الكون حتى تكون البداية في نقطة معينة هي نقطة البداية ( اطلقوا عليه اسم الذرة السوبر ) ومع تقدم علوم الفيزياء ( بالذات النسبية وميكانيكا الكم ) استطاع العلماء أن يثبتوا أن الكون بدأ من نقطة صغيرة ذات حجم صغير ( ما نسميه العدم) ولكن ذو كثافة وحرارة عالية وجرى الأمر في اقل من لمح البصر ( اطلق العلماء على ذلك زمن بلانك plnk-time وقدروا قيمته ب 10-43ثانية ) واطلقوا على هذا الحدث اسم الانفجار العظيم (big bang). لم يكن انفجاراً عادياً فلم يكن انفجاراً في الفضاء بل انفجار صنع الفضاء ( المكان) وصنع الزمان فقبله لم يكن هناك زمان ولا مكان ولا حتى قوانين فيزياء بل بدأ الزمان والمكان مع هذا الانفجار.. كانت هذه الفكرة نظرية للعالم الروسي ( الكسندر فريدمان ) عام 1922 م واثبتت عملياً بعد ذلك ... ما بعد الانفجار قدر العلماء الزمن الذي مضى على الانفجار العظيم حتى الآن ب15 مليار سنة هي عمر هذا الكون إلى الآن وبدأت الدراسات لوضع سيناريوهات تكون الكون عبر هذه الفترة الطويلة ومنها هذا السيناريو :- - بعد مرور ثانية واحدة من الانفجار العظيم تضخم الكون إلى حجم المجموعة الشمسية بدرجة حرارة 100 الف مليون درجة مئوية فتكونت الكواركات الثقلية واللبتونات الخفيفة ( المكونات الرئيسية للبروتون والالكترون) - و بعد مرور مائة ثانية انخفضت درجة حرارة الى عشرة آلاف مليون درجة مئوية فتكونت البروتونات الموجبة والالكترونات السالبة والنيترونات المحايدة - و بعد مرور ثلاث دقائق انخفضت درجة الحرارة الى مليون درجة مئوية فتكونت نوى ذرات الهيدروجين والهليوم ( المكونات الاساسية للمواد في الكون) - و بعد مرور خمسمائة الف سنة انخفضت درجة حرارة الى ثلاثة ألف درجة مئوية فاستطاعت نوى ذرات الهيدروجين والهليوم التقاط الاكترونات الحرة لتكون الذرات الكاملة مكونة سحب من غازات الهليوم والهيدروجين ( الدخان او السديم) الذي منه تخلق المجرات ومازالت حتى اليوم... صدى الانفجار بدأ البحث عن صدى الانفجار العظيم ( لتدعيم النظرية) فقد وجد عاملا الاتصال (بنزياس ) و(ويلسون) في شركة (بل) للاتصالات عام 1965م اثناء اجراء تجربة الهوائي تشويشا لم يتمكنوا من حصره ولا تحديد مصدره لكن العالم ( ربورت ديك) قدم التفسير لهذا التشويش الغريب انما هو إلا صدى للانفجار العظيم وهذا الصدى الذي ملأ ارجاء الكون بشكل متساو ( اينما يتم توجيه الهوائي) وقد صاحب هذا الصدى نشاط اشعاعي متساو في كل ارجاء الكون ( كان هذا الافتراض نظرياً) حتى تم اثبات وجوده وقياسه في عام 1989م بواسطة القمر الصناعي (cobe) التابع ل(ناسا)... والدليل الآخر على صحة نظرية الانفجار العظيم هو ان مقادير الهيدروجين والهليوم ( المكونات الاساسية للمواد في الكون) تتناسب مع حسابات النظرية فلو كان الكون ازلياً ( ساكناً لا يتمدد) لاحترق جميع الهيدروجين وتحول إلى هليوم .... المصادر:- 1 /أسرار الحياة والكون-وليام ه شور، ترجمة سيد رمضان هدارة ،1997م 2/ القرآن والكون - اسامة علي الخضر ، الهيئة العامة للكتاب 2004 م 3/ مجلة العربي العدد561 أغسطس2005 م 4/ موسوعة العلم والإيمان ج1،ج18 - ممدوح غالي ، المكتب العربي للمعارف 1993 م
