شهدت أسعار خضروات الطماطم والبطاطس منذ مطلع ابريل الجاري إرتفاعا غير مسبوق قفرت الى اعلى مستوياتها في السوق المحلية وبنسبة زيادة بلغت 100 بالمائة . حيث وصل سعر السلة الواحدة عبوة 20 كيلوجراماً من الطماطم الى قرابة 6 آلاف ريال مقارنة بألفين ريال في مارس الماضي , كما ان سعر السلة الواحدة نفس العبوة من البطاطس ارتفع هو الأخر من 1500 ريال الى أكثر من 3500 ريال . وعزا إقتصاديون وخبراء الزراعة في اليمن الإرتفاع المتزايد لأسعار محاصيل الخضروات الى أسباب تتعلق بتراجع الإنتاجية، والافتقار للسياسة التسويقية اللازمة لتنظم عمليات تسويق المنتجات الزراعية من الفواكه والخضروات في الأسواق المحلية والمركزية . ويعتبر آخرون تصدير كميات هائلة من محاصيل الخضروات كالطماطم والبطاطس رغم احتياج السوق لتلك المنتجات شكل ايضا عاملا مهما في ارتفاع سعر خضار البطاطس والطماطم في السوق المحلية. فيما يرجع رئيس دائرة التسويق بالإتحاد التعاوني الزراعي علي باحميش ارتفاع اسعار الطماطم والبطاطس الى اسباب تتعلق بالمناخ الزراعي الذي لايعطي انتاجية مرتفعة بخلاف الموسم الزراعي لكل محصول ,الى جانب اسباب تتعلق بنوعية الأصناف لإنتاج الكميات التى تتناسب مع احتياجات المستهلك . ويشير مدير عام الإرشاد والإعلام الزراعي الدكتور منصور العاقل الى ان ارتفاع اسعار الطماطم والبطاطس الى عوامل تتعلق بعزوف كثير من المزارعين عن زراعة هذه المحاصيل نتيجة الخسائر التي تكبدوها في ذروة موسم الحصاد بسبب توجه كافة المزارعين نحو زراعة المحصول مما يؤدي الى انتاجية مرتفعة تتدفق بكميات هائلة الى الاسواق يترتب عليه انخفاض الى اقل المستويات في الاسعار حيث وصل سعر السلة 20 كيلوجراماً من الطماطم في ذورة الموسم اواخر العام الماضي الى نحو 200- 300 ريال . منوها ان تلك العائدات لاتغطي نفقات الإنتاج التي يتكبدها المزراع خاصة مع ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية . أستاذ إنتاج المحاصيل والاعلاف بكلية الزراعة جامعة صنعاء الدكتور عبده بكري فقيرة يؤكد ان ارتفاع اسعار الطماطم يرجع لعوامل تتعلق بقلة المساحة نتيجة توجه المزارعين وعزوفهم عن زراعة الطماطم جراء عوامل ارتفاع المدخلات الزراعية خاصة في المواسم التى تتناسب فيها زراعة الطماطم, مما يترتب على ذلك انخفاض في الانتاجة وبالتالي زاد الطلب على العرض. وتشير بيانات الاحصاء الزراعي الى ان انتاج اليمن من الطماطم تراجع من 272 ألفاً و696 طناً عام 2003م الى 232 ألفاً و910 أطنان عام 2007م ,كما شهدت المساحة المزروعة بالمحصول تراجعا كبيرا من 19 ألفاً و78 هكتارا الى 16 ألفاً و934 هكتاراً خلال نفس الفترة. يؤكد مدير عام الإحصاء والتوثيق الزراعي محمد محمد النويرة أن ارتفاع سعر الطماطم والبطاطس في الأسواق المحلية والمركزية يتأثر بعوامل السياسة التسويقية .. مبينا ان السياسة التسويقية لتسويق وتوزيع منتجات السلع الزراعية عاملا مهماً في ايجاد توازن بين الطلب والعرض وبالتالي يؤدي الى التوازن في الأسعار . مدير عام الإرشاد والاعلام الزراعي يشير الى أهمية التسويق الزراعي ودوره في توجيه المزارع نحو زراعة مثل هذه المحاصيل في أوقات غير المواسم من اجل تغطية السوق وقت الإحتياج ,الى جانب ايجاد جهاز ارشادي فعال يقوم بدوره الى جانب التسويق والوقاية للقيام بعملية التنسيق التكاملي في عملية الانتاج والتسويق تفاديا للفائض من محاصيل الخضروات والفواكه . وقدرت دراسة علمية حديثة في مجال التوسيق الزراعي في اليمن الخسائر المالية التى يتكبدها مزارعو الفواكه والخضروات بنحو 560 مليون دولار سنويا نتيجة التسويق العشوائي لمنتجاتهم وبيعها بأسعار زهيدة . وبينت الدراسة التى اعدها الباحثان المهندس محمد عوض احمد ومدير عام التسويق بوزارة الزراعة والري المهندس فاروق قاسم ان المستفيد الأكبر من تسويق المنتجات الزراعية من الفواكه والخضروات هم الوسطاء (كبار التجار ) الذين يشترون منتجات الفواكه والخضروات من المزراع بقيمة تعادل ربع او ثلث قيمتها في السوق . وأوصت الدراسة بإستخدام البرمجة الخطية في نقل وتسويق المنتجات الزراعية من الخضروات والفواكه لتفادي المشاكل التسويقية نتيجة توفر فائض من المنتوجات في مناطق وعجز في مناطق اخرى . وأشارت الى اهمية ايجاد اسلوب برمجة توزيع الانتاج للتسويق الداخلي والخارجي أو الإتجاه نحو اعادة توزيع الموارد الاقتصادية المتسخدمة في انتاج الخضروات والفواكه نحو محاصيل نعاني من عجز في انتاجها المحلي . ويوضح الدكتور عبده بكري فقيرة ان محصول الطماطم دائما عرضة للتلف وعليه فإن التاجر او الوسيط عندما تتلف بعض الكمية التى لديه والمعروضة للبيع فإنه يشعر بوجود خسارة قد تلحق تجارته مما يدفعه الى احتساب قيمة الخسارة بسبب التلف الى قيمة الكمية السليمة المعروضة للبيع من المحصول الأمر الذي يضيف قيمة اخرى على سعر السلة الواحدة من الطماطم . لافتا الى ان طريقة التعامل مع تسويق وبيع المنتجات الزراعية من الفواكه والخضروات في اليمن يعاني كثيراً من السلبيات منها الأضرار التي ترافق عملية التسويق جراء فاقد ما بعد الحصاد . وعزت دراسة علمية حديثة أهم أسباب ارتفاع معدل فاقد ما بعد الحصاد في محاصيل الخضار والفاكهة إلى عدم النضج والإضرار أثناء الجمع وعدم كفاية الفرز والأضرار الناتجة عن سوء التعبئة في مراحل الإعداد والتسويق وأثناء النقل والظروف التي تتعرض لها أثناء التسويق وغيرها من الأسباب . معتبرة غياب الاهتمام بالخدمات التسويقية في اليمن كالفرز والنقل المناسب والخزن والتعبئة والتغليف ,واقتصار نظام التسويق في اليمن على التجميع والنقل والتداول من الموقع مروراً بالسوق وحتى المستهلك أبرز العوامل التي تؤدي الى إهدار كمية هائلة من حجم الإنتاج مما يسبب خسائر كبيرة للدخل المحلي الزراعي ، وزيادة كبيرة في أسعار السلع لتعويض خسائر العاملين في تداول هذه السلع ,الى جانب غياب النظم التشريعية الخاصة بالمواصفات وجودة السلع المسوقة وغياب الرقابة في كافة مراحل التداول وافتقار الأسواق المركزية إلى المخازن المجهزة والملائمة . ويؤكد رئيس دائرة التسويق بالإتحاد التعاوني الزراعي على أهمية تشجيع الإستثمارات في مجال تصنيع مساحيق الطماطم والخضروات الأخرى والتجفيف والإستثمار كذلك في مجال الحفظ والتخزين والتبريد .. لافتا الى ان الإستثمار في هذا المجال هو الخيار الأمثل والمناسب لديمومية منتجاتنا الزراعية واستمرار تسويقها بشكل منتظم على مدار العام . منوها الى ان تدفق الانتاجية من الطماطم خلال اشهر معينة من الموسم وقلة الانتاج وتذبذبه في أشهر اخرى أبرز المعوقات التي تواجه انشاء مصانع تعليب الطماطم . ويقول الدكتور منصور " نحن بحاجة الى استثمارات من قبل القطاع الخاص في مجال تخزين وحفظ خضروات الطماطم والبطاطس الى جانب تصنيع منتجات الطماطم وتعليبها "، وهو ما يؤكده استاذ إنتاج المحاصيل والاعلاف بكلية الزراعة جامعة صنعاء ويشير الى اهمية الإستثمار في التخزين والتبريد والحفظ للطماطم كونه من المحاصيل سريعة التلف وتتاثر بالمؤثرات المناخية والظروف الأخرى، وايجاد ثلاجات حديثة مجهزة بالظروف المناسبة لتخزين الطماطم . وقال :" ان ضخامة انتاجية اليمن من الطماطم والخضروات الاخرى يستدعي انشاء مصانع والاستثمار في هذا المجال " . وأجمع خبراء وإقتصاديون في المجال الزراعي في اليمن على اهمية اعداد ابحاث ودراسات بشكل متواصل لدورها في تطوير وتحسين قطاع الزراعة بإعتباره من المجالات الحيوية الهامة والواعدة . وشددوا على ضرورة التركيز خلال المرحلة القادمة على تخفيض تكاليف الإنتاج ودعم الأساليب التقنية في الإنتاج؛ حيث ان الخسائر التي تحدث في القطاع الزراعي تضعف إنتاج الخضروات والفواكه بسبب تدهور أسعارها مما يتطلب دراسة وضع البنية التحتية للتسويق الزراعي ومعاملات ما بعد الحصاد ودراسة الفاقد والمسالك التسويقية المختلفة والوظائف والخدمات التسويقية لمختلف المنتجات الزراعية مع أهمية دراسة الأسواق المحلية والخارجية واحتياجاتها من المنتجات ومدى العائد الذي تحقق في عمليات الإنتاج والتسويق.