- الدكتورة/ مرفت مجلي: - نفتقر للبيانات الدقيقة وخطواتنا مدروسة - لم أجد تفاعلاً من وزارة الصحة وأعمل بشكل فردي السرطان.. ليس فقط المرض الذي بات يهدد مئات البشر بمختلف أعمارهم وفئاتهم الاجتماعية. فهو اليوم يقف كالشبح المرعب الذي لا يحمل أسباباً واضحة يمكن تلافيها أو الوقاية منه في كل حالاته، كما أنه لا يعطي لحامله الفرصة للعلاج، فسرعان ما ينتشر ويفتك به إلا ما ندر بمشيئة الله..في بادرة تستحق الالتفات قامت طبيبة الأسنان الدكتورة مرفت مجلي اختصاصية جراحة الوجه والفم والفكين ورئيسة مؤسسة مكافحة سرطان الفم الخيرية بحملة توعية عن مرض «سرطان الفم».. وكون الحملة فردية وجاءت بشكل شخصي منها رأينا تسليط الضوء عليها ومعرفة التفاصيل.. عن الواقع الأساسي لهذه الحملة والهدف الرئيس منها تحدثت لنا الدكتورة مرفت مجلي طبيبة أسنان ومختصة في جراحة الوجه والفم والفكين بمستشفى الثورة بصنعاء والقائمة على الحملة قائلة: وجدنا أن أغلب المرضى الذين يأتون إلينا مصابون بمرض سرطان الفم، وأغلبهم من مناطق تهامة والحديدة، وعندما نسمع القصة السريرية منهم نجدهم يتعاطون «الشمة البيضاء»، وعدد الحالات وسطياً من 1012 حالة متأخرة، وهنا لا يمكننا تقديم أية مساعدة فيتم تحويلها إلى العلاج الكيماوي والإشعاعي ولا أمل لعلاجها. ولاحظت أننا نسير في حلقة مفرغة، فالمرضى من أعمار مختلفة يأتي كهل يتعاطى الشمة وكذا طفلة صغيرة والكل مصاب بسرطان الفم، ولأن أغلب السرطانات لا سبب لها وعواملها مجهولة مثل سرطان الدم الذي يفتك حتى بالملوك وتصبح المعالجة مستحيلة وكذا الوقاية من المرض مستحيلة في نفس الوقت، لكن سرطان الفم وجدنا أن لديه أسباباً يمكن تفاديها، ونضع أيدينا عليها مثل العامل المشترك الذي وجدناه بدرجة أساسية وهو «الشمة البيضاء»، وكذلك القات وخصوصاً المبودر بالكيماويات. من هذا الدافع وعدم وجود الدور التوعوي الذي يفترض أن تتبناه المؤسسات الصحية الحكومية خصوصاً وزارة الصحة تبنيت الموضوع وقمت في العام الماضي من شهر مايو بجهود فردية لحملات توعوية.. اشتريت علاجات من معاجين أسنان ومضادات حيوية ومضمضات، وتوجهت إلى مديرية الزهرة في منطقة بني خميس بالحديدة، وتعاون معي السكان الذين كان ذووهم مصابين بالسرطان، فجمعوا لي السكان في مدرسة، النساء على حدة والرجال على حدة، وأعطيتهم محاضرات توعوية اعتمدت فيها على العرض بالصورة، لأنهم أناس أميون لا يقرأون ولا يكتبون، فاعتمدت على نظام الترغيب والترهيب من أجل تفعيل الحملة التي أقوم بها، إضافة إلى الحافز المادي الذي أخذته معي من علاجات.. ولا أستطيع تقييم نجاح الحملة إلا أنها في رأيي نجحت. كيان أعمل من خلاله وتستطرد الدكتورة مجلي قائلة: هذه السنة رأيت أن الحملة لابد أن تستمر، ولكن لابد من دعم.. ولأنني أعمل بشكل فردي وباسمي فكرت أن أعمل من خلال إطار معين، فقمت بإنشاء «مؤسسة مكافحة سرطان الفم الخيرية»، حتى أتمكن من التخاطب باسم المؤسسة التي أعتبرها كياناً أعمل من خلاله أيّ برنامج أو مشروع أو هدف. وشكلت المؤسسة لكي أتخاطب بها بدلاً من التعامل عبر اسمي، وحاولت استقطاب رجال أعمال ووجدت ترحيباً.. وبدأت أنفّذ البرنامج التوعوي ضد سرطان الفم بصورة مؤسسة، وعملت برنامجاً للنزول الميداني لمناطق تهامة في محافظة الحديدة وانتقيت (12) مديرية من ال26 مديرية في الحديدة. واتجهت إلى المؤسسة الوطنية لدعم مراكز السرطان التي كانت في البداية تدعم مرضى السرطان عموماً بالعلاجات، ولم يكن من أولوياتها الجانب الوقائي، والآن تغيّر اسمها إلى المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان ويترأسها عبدالواسع هائل سعيد أنعم، وبالفعل تحمّسوا معي وتم التنسيق معهم ودعموني بالعلاجات. ثم تواصلت مع جمعية الحديدة الخيرية ممثلة بالأستاذ عبده بورجي الذي تعاون معي بشكل كبير جداً، حيث تواصل مع المستشفى العسكري الذي تبرّع لي بقاطرة مجهزة بأحدث الأجهزة السينية ورافقتني القاطرة في هذه الحملة.. وهي قاطرة متكاملة ومكيّفة تسهّل عمل الطبيب، ورافقني في الحملة الطبيب محمد ردمان الذي تبرّع لي بعيادة متنقلة.. وكما ذكرت العملية أصبحت مشتركة والجهود أفضل حينما نتكاتف وتصبح جماعية. إقبال كبير من الناس متى بدأت الحملة، وكم تستمر، وفي أي المديريات؟ دشنت الحملة في الأول من مايو بعمل طوعي وغير مأجور.. وستستمر لمدة أسبوعين في 12 مديرية وهي: الزيدية، حيس، الزهرة، اللحية، المنيرة، قناوص، المنصورة، الجراحي، زبيد، بيت الفقيه. وعن إقبال الناس على حملة التوعية والنتائج التي نتوقعها بعد الانتهاء من النزول الميداني قالت الدكتورة مرفت: الإقبال كبير من الناس، فهم بسطاء ويفتقرون لأبسط الخدمات، ونحن نشجعهم بإعطائهم العلاجات والفيتامينات.. وزودتنا المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بالمعاجين والمضادات، والتوزيع لا يتم عشوائياً، لكن حسب حاجة الحالات المستحقة وهو دعم وحافز للناس للإقبال على العيادات، إضافة إلى المعاينة المجانية. كما أن الأطباء المناوبين معنا يقومون بعمل حملة توعية لطلاب المدارس في هذه المديريات، بحيث نؤدي الغرض من الإرشاد والتوعية حتى تؤدى الرسالة بشكل فعّال. وطالما أسباب السرطان مجهولة سيظل العلاج مستحيلاً ولا يمكننا وضع أيدينا على شيء مسبّب حتى نقوم بالتوعية به، إنما سرطان الفم لمسنا له سبباً، فمن بين (100) حالة مصابة بسرطان الفم نجد عاملاً مشتركاً في (98) منها، وهو استخدام «الشمة البيضاء»، فإذا منعنا السبب سيصبح بإمكاننا الحد من سرطان الفم في هذه الحالات.. ولا ننسى أنها ثقافة موروثة لا يمكننا محاربتها ومكافحتها بسهولة، لذا النتائج التي نتوقعها أولاً التوعية عند الناس أنفسهم.. وما نرجو تحقيقه بعد الحملة هو انتشار الرسالة في توعية الناس للحد من انتشار وباء سرطان الفم، ونحن لن نلاحظ النتائج ونلمسها الآن، بل سنجني ثمارها في الأجيال القادمة. وحول نيّتها توسيع الحملة بحيث تشمل محافظات أخرى وعن العراقيل التي تحد من ذلك وضّحت مسئولة الحملة قائلة: نحن ننتقي المحافظات التي نرى انتشار الوباء فيها وسنتوجه حسب برامجنا إلى بقية المديريات، ولا ننوي أن يكون النزول فقط سنوياً، بل عبر برنامج متكامل ومتواصل ومن المناطق المستهدفة: حجة، والمحويت للحملات اللاحقة المقررة في سبتمبر القادم. وكما ذكرت أن هذا هو عمل المؤسسات الحكومية ويصعب على جهود فردية أن تغطي كافة المحافظات.. وأكثر ما ينقصنا افتقارنا إلى البيانات الدقيقة، لذا نحن نعمل بشكل أقرب للعشوائي، لأنه تنقصنا قاعدة بيانات وهذا ضعف وسلبية نعاني منها في أغلب المرافق والقطاعات سواء حكومية أو خاصة، وهذا ما أعمل عليه حالياً في عمل قاعدة بيانات على أسس علمية ومدروسة وأجهز استمارات استبيان لجمع بيانات دقيقة وأرسخ هذه القاعدة حتى تكون الخطوات غير عشوائية، ولكي نحقق الغاية المنشودة. لماذا لا يتم التنسيق مع وزارة الصحة كجهة رسمية والجهات الحكومية الأخرى لتكاملها مع مؤسسات المجتمع المدني ولنجاح الحملة؟ تم التنسيق مع المجالس المحلية لكي يؤمنوا لي خط سير قاطرة وتكون قريبة من القرى وإبلاغ المديريات القريبة من القرى، كما تعاونوا معي في جمع البيانات والمعلومات التي أحتاج إليها. كما أقوم بالتنسيق مع كلية طب الأسنان في جامعة الحديدة لنزول الطلاب معي ميدانياً للاستفادة من التجربة العملية لمواصلة المسيرة عند ممارسة المهنة والتعرف على حالة سرطان الفم من البداية وتشخيصها لسرعة العلاج. أما وزارة الصحة فهي الجهة التي أعتبر هذه رسالتها بالدرجة الأساسية، وما أقوم به هو تخفيف العبء عليها، ولكن للأسف لم أجد أي ترحيب بمقابلتي من الوزير ولم يتفاعلوا مع البرنامج، وحاولت مراراً التواصل لاطلاعهم على المشروع ولم أجد أي موعد أو حتى تفاعل مع الموضوع فاستمررت بالحملة بجهود فردية وعمل مع مؤسسات المجتمع المدني. كلمة أخيرة تودين إضافتها؟ أؤكد أن مريض السرطان يتكبّد خسائر كبيرة لتلقي العلاج ويبيع ما لديه لتوفير مبالغ العلاج، وهذا عبء عليه.. وحتى الدولة إن كانت تسهم في ذلك فهو عبء شديد عليها، لذا لابد من تكاتف الجهود وتضافرها للحد من أمراض السرطان.. وأجدها دعوة للجميع لدعم مؤسسة مكافحة سرطان الفم الخيرية فهي مازالت في البداية وتعمل بشكل فردي. وأجدها مناسبة لأتقدم بالشكر لقناة العربية كونها الوحيدة التي تحمّست ونزلت للتصوير ميدانياً وعرضت المشكلة وقامت بدورها بحملة توعية مشاركة معنا.. وهنا أشكر تعاونهم معنا من أجل نجاح رسالتنا.