كلمات مديرية الشيخ عثمان ليست بغريبة عن زائرها أو ساكنها رغم أن بعض معالمها باتت تختفي للتطور الذي تشهده المنطقة، إلا أن هنالك أشياء تظل عالقة في مخيلة الزائر والساكن قبل سنوات طويلة.. وبالأمس القريب كانت توجد بالقرب من مسجد النور حديقة للأطفال مليئة بالألعاب الترفيهية، وتعتبر هذه الحديقة من أقدم الحدائق في هذه المنطقة ولكنها اليوم صارت تحت أنقاض العمران. قضى عليها واحتل مكانها موقف للسيارات، وهذا الموقف جعل سؤالاً واحداً يرتسم على وجوه كثير من سكان منطقة الشيخ عثمان، وهو: لماذا هُدّمت حديقة الألعاب لتنتهي أحلام أطفال كانوا على قيد الانتظار، ولكن صار الصمت والذهول يملأ المكان..؟! قبل سنوات عندما كنت طفلة أتذكر أن أمي كانت تأخذني إلى هذه الحديقة لأستمتع بوقتي، خاصة أنها كانت في ذلك الزمن الحديقة المليئة بالألعاب، وما يميزها أنها كانت «ببلاش». كنا نلعب دون أن نبالي بشيء، كان أهالينا يراقبوننا ونحن في نشوتنا، أتذكر ذلك الحارس الذي كلما سقط أحدنا من الأرجوحة يأتي ويُنهضه من الأرض ليعود إلى اللعب والمرح، كانت الحديقة لسنوات فقط مليئة بالفرح الطفولي وبأطفال منطقة الشيخ عثمان رغم أن هناك العديد من الحدائق إلا أن هذه الحديقة كان لها مذاق آخر، لا أعرف هل لأنها جمعت فرحنا الطفولي أو لأنها كانت جميلة جداً وأهلنا لا يخافون علينا حين يتركوننا نذهب إليها وهم يعرفون أن إطارات السيارات لن تطالنا أبداً ولن يحدث لنا أي مكروه؟! إهمال بعد فرحنا الطفولي في تلك الحديقة لم نغادرها، ولكن طالتها يد الإهمال فقد تحطمت بعض الألعاب وصار يرتادها قليل من الأطفال وازداد الإهمال لها أكثر وأكثر والجميع ينتظرون إصلاح ما خرب بها حتى فجأة غادرها الأطفال، ولكن أملهم كان كبيراً في أن تهتم الجهات المختصة في إصلاحها والاهتمام بها. إلى أن جاءت يد العمران إليها، فاستبشر الأطفال خيراً ولكن أين الألعاب؟ لقد اختفت فتحولت الحديقة إلى مكان لعبور المارة وبعض مطاعم توزعت على أركانها، إلا أنه كانت توجد أرجوحة عتيقة في نهاية الممر نصفها يصلح بأن يلعب بها أي طفل ولكن كم سيكون الموقف مؤلماً عندما ترى طفلاً عمره أربع سنوات يحاول والده أن يمنعه من ركوب هذه الأرجوحة بعدما كانا مارين من ممر الحديقة، كان قلب الأب لا يتحمل أن يترك ابنه يبكي، حاول إصلاحها لكي لا يحدث له مكروه، فكانت ابتسامة الطفل لا توصف، فلم يكن يعرف أن هذه البقايا من الأرجوحة سوف تدفن في التراب بعدما يتركها لطفل آخر وقف أمام المحبوبة ينتظر دوره. أمل لبعض الشهور كان الأمل يملأ قلوب الأطفال في إعادة هذه الحديقة وترميمها، وعندما جاءت الجرافات للهدم استبشر الجميع خيراً وخاصة الأهالي، فكان الجميع يتساءل هل سوف يعاد ترميم الحديقة أم ماذا سيعملون في هذه المساحة الكبيرة من الشارع؟ كان الأمل يحدوهم بأنه ستكون هنالك حديقة للألعاب تضم أبناءهم بدلاً من أرصفة الشوارع والخوف الدائم من إطارات السيارات لتأخذ أرواحهم وهم يرسمون البراءة والمرح على وجوههم، ولكن تلك الجرافات القادمة لم تكن إلا لتنهي بقايا هذه الحديقة وتصير في عداد الأنقاض. نهاية الانتظار لم يعد هنالك قدرة على الانتظار الكثير في إصلاح بعض هذه الحدائق المجانية، خاصة أن ثلاث حدائق عامة للأطفال في محافظة عدن قد انتهت صلاحيتها بعدما أهملت لفترة وتحطم الأرجوحات والألعاب كاملة.. فهل تبنى حدائق مجانية بدلاً عن تلك التي أهملت وصارت اليوم عبارة عن موقف سيارات كما حدث لحديقة الشيخ عثمان وما يحدث للحدائق الأخرى في عدن..؟!