يعتبر ميناء عدن من أفضل الموانئ الطبيعية في المنطقة العربية وجنوب غرب آسيا وذلك لأنه محمي بالمرتفعات الجبلية والسهول الرملية كما انه يتميز بموقع هام يتوسط الطريق الذي يربط بين البحر الأبيض المتوسط وجنوب شرق آسيا مما جعله يحتل المركز الثالث بعد مينائي نيويورك في الولايات المتحدة الامريكيه و روتردام في مملكة هولندا من حيث حركة السفن والملاحة خلال النصف الأول من القرن المنصرم. وذكر تقرير أمريكي مؤخراً إن ميناء عدن الذي كان في ستينيات القرن العشرين ثاني ميناء عالمياً بالامكان تحوله الى أهم منطقة حرة في الشرق الأوسط وذلك خلال فترة تتراوح بين 15-20 سنة قادمة. عوامل ازدهار الميناء عالمياً هناك أسباب جعلت ميناء عدن يصل إلى مكانة مرموقة في العالم أهمها موقعه الطبيعي المتميز وماضيه العريق الذي أثر بشكل كبير على عدن واسهم في ازدهار أسواقها ، كما أن هناك عوامل أخرى أدت الى زيادة حركة السفن والملاحة في ميناء عدن ، أبرزها توفر الخدمات الأساسية والتسهيلات التي يقدمها للسفن القادمة الى عدن خاصة وان نشاط الميناء ارتبط بوجود عدد كبير من خزانات الوقود التي تم إنشاؤها بمدينة التواهي ومنطقة الروضة لتلبي حاجة السفن من الوقود ومختلف مشتقاته والتي توفرها مصفاة تكرير النفط في عدن الصغرى ، بالإضافة إلى خدمات الإرشاد والإنارة وأرصفة لترميم السفن الصغيرة والقوارب و حوضين عائمين لإصلاح السفن الكبيرة . مرحلة الركود أدى إغلاق قناة السويس في عام 1967م الى تعطيل دور ميناء عدن كمركز تجاري ملاحي مهم في العالم لتزويد السفن بالوقود حيث أصبحت السفن مجبرة على الدوران حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى موانئ الخليج والهند والشرق الأقصى واستراليا مما قلل من عدد السفن المارة والقادمة إليه وموانئ البحر الأحمر و خليج عدن وبعد افتتاح قناة السويس في السبعينات وتعميق الميناء لم يشفع لعدن أن تستعيد مكانة مينائها في الملاحة الدولية بسبب تدني وتواضع خدماته حينها ناهيك عن سياسة الدولة القائمة آنذاك حيث لم تهتم بالميناء وأهملت تطويره بالقدر الذي يستحقه. الطريق نحو النهوض وبعد انتصار الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) وإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو90م أدرك فخامة الرئيس /علي عبد الله صالح/ أهمية الميناء كصرح اقتصادي مهم لمستقبل اليمن فأعلن عدن عاصمة اقتصادية وتجارية لليمن ، عندها بدأ السير نحو النهوض بالميناء وتطويره واستعادة مكانته العالمية وتاريخه العريق في حركة الملاحة الدولية ، حيث تم افتتاح أرصفة المعلا المتعددة الأغراض وإعلان ميناء عدن حراً في عام 1995م وتشييد محطة للحاويات بمواصفات عالمية وإقامة المنطقة الصناعية وبذل الجهود لجذب الاستثمارات العربية والعالمية ، كما جرى توفير البنى التحتية الرئيسية وإقامة احدث التسهيلات و إنشاء مؤسسة متخصصة للقيام بمهام تأمين الميناء وهي مصلحة خفر السواحل عام2002م التي تعد من أهم المؤسسات الأمنية في المنطقة. وعلى طريق تعزيز وتقوية نشاط ودور الميناء وتحسين خدماته وبتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية ، اتخذت الحكومة جملة من الإجراءات بهذا الصدد منها إصدار قرار مجلس الوزراء رقم (112) لعام 2004م الذي اقر بمسئولية التنظيم والإشراف على محطة عدن للحاويات الواقعة ضمن حدود الميناء بممارسة نشاطها الذي يأتي في نطاق صلاحيات مصلحة الموانئ اليمنية ( ميناء عدن) ، مما ساعد على تحسن أداء الميناء لينتقل في العام 1995م من المرتبة(310) على مستوى الموانئ العالمية المتخصصة بتداول الحاويات ليصبح خلال عام 2002م في المرتبة (119). آفاق المستقبل ومؤخرا بدأت تلوح في الأفق التوجهات والسياسات التي من شأنها النهوض بوضع ميناء عدن وتطويره ليستعيد موقعه على خارطة الموانئ والملاحة العالمية ، حيث أعلنت شركة موانئ دبي العالمية التي تعد من اكبر مشغلي المرافئ ومحطات الحاويات في العالم على أهمية وقدرة ميناء عدن في الجزيرة العربية التي ستفتح آفاقاً مستقبلية في خدمة النشاط الملاحي في العالم ، وأكدت اعتزامها إقامة مشاريع استثمارية في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية من اجل الدفع بعجلة التنمية في اليمن عموماً ومحافظة عدن بشكل خاص وتنشيط الحركة الملاحية في ميناء عدن وربطه بالموانئ العالمية وتشغيل الأيادي العاملة المحلية. وحرصاً من القيادة السياسية وفي مقدمتهم فخامة الرئيس علي عبد الله صالح ، رئيس الجمهورية على تطوير مستقبل ميناء عدن قامت الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة النقل ومؤسسة خليج عدن ومصلحة الموانئ اليمنية في 9 مارس الماضي بتوقيع اتفاقية مع شركة موانئ دبي العالمية تقضي بإنشاء شركة مشتركة مناصفة تتولى مهمة تطوير وتنمية ميناء الحاويات بعدن وتشغيل وإدارة محطة الحاويات ورصيف الحاويات بميناء المعلا ، حيث يساهم في تخفيض كلفة النقل البحري وتحسين الوضع الاقتصادي من خلال انخفاض أسعار البضائع المستهلكة أو المصدرة كما سيساعد البضائع المنتجة محلياً على منافسة البضائع الأجنبية بالإضافة الى تشجيع المستثمرين على إقامة المشاريع في ضوء المزايا والتسهيلات التي يوفرها قانون الاستثمار اليمني. ان أنظار كافة أبناء الوطن اليمني تتجه نحو تلك الجهود المبذولة لتطوير ميناء عدن ، كما ان آمالهم وتطلعاتهم تترقب مواصلتها وتكثيفها للوصول الى الأهداف المنشودة والتي من خلالها يصبح بمقدور الميناء ان يعلن عن ميلاده الجديد ويفرض نفسه على خارطة الموانئ والملاحة العالمية ويستعيد مكانته وتاريخه العريق.