بلغ إنتاج اليمن من محصول البن العام الماضي 18 ألفاً و330 طناً في حين ارتفعت قيمة الواردات من هذا المحصول إلى مليار و118 مليوناً و207 آلاف ريال عام 2007م مقابل 115 مليوناً و821 ألف ريال عام 2006م. وأرجع اقتصاديون السبب الرئيسي لارتفاع واردات اليمن من محصول البن, إلى زيادة الطلب عليه في السوق المحلية وعدم كفاية الإنتاج المحلي لتغطية الاحتياج من هذا المحصول، إضافة إلى تصدير البن المحلي للأسواق الخارجية. وحسب التسويق الزراعي فإن الأسواق اليمنية تستقبل سنويا كميات من البن المستورد من إثيوبيا والهند وكينيا.. وأوضحت بيانات الإحصاء الزراعي - حصلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) على نسخة منها - أن مساحة زراعة البن في اليمن بلغت العام الماضي 33 ألفاً و451 هكتاراً مقارنة بمساحة 32 ألفاً و260 هكتاراً في عام 2006م. وأشارت إلى ان إنتاج اليمن من البن الأخضر يتراوح بين 11 - 13 ألف طن سنوياً, حيث يتم استهلاك الجزء الأكبر من الإنتاج محلياً, فيما يصدر الآخر إلى عدد من بلدان العالم. ورغم هذه المساحة الزراعية إلا أن خبراء واقتصاديين في مجال الزراعة اعتبروا ان زراعة البن لا تزال متراجعة وصغيرة مقارنة بالرقعة المزروعة بالمحاصيل الأخرى. لافتين إلى ان التوسع في مساحات زراعة القات أبرز العراقيل التي أصبحت تهدد زراعة المحاصيل الزراعية اللازمة لتوفير الأمن الغذائي خاصة زراعة البن التي كانت تغطي مساحات واسعة من القيعان والمدرجات. إلى جانب عوامل جفاف مياه الآبار ومؤشرات انخفاض منسوب المياه الجوفية نتيجة استنفاد كميات هائلة منها في ري أشجار القات, التي شكلت عائقا كبيرا أمام رقعة زراعة محصول البن. ويصنف البن ضمن المحاصيل الزراعية النقدية الهامة كونه يدر أرباحاً طائلة تفوق تكاليف مدخلات الإنتاج, فضلاً عن إسهامه في دعم الاقتصاد الوطني بالعملات الصعبة والأجنبية من عائدات التصدير, ويتم تصديره إلى معظم أسواق العالم وفي مقدمتها السعودية تليها الولايات المتحدة الأمريكية فاليابان والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا وغيرها. وعملت الحكومة على الاهتمام بزراعة وتطوير البن من خلال إنشاء المشروع الوطني لتطوير زراعة البن في مختلف مناطق اليمن، وأوجدت المشاتل المتخصصة بإنتاج الشتلات ودعمها بمستلزمات الإنتاج، بالإضافة إلى إعداد الدراسات والأبحاث وتنفيذ الخطط والبرامج الخاصة بإنشاء السدود والحواجز المائية ومد المزارعين بشبكات الري وكذا دعم الجمعيات التعاونية الزراعية المكرسة أنشطتها في هذا المجال. .غير أن الرقعة الجغرافية التي تنتشر عليها مناطق زراعة البن في اليمن التي تبدأ من السلاسل الجبلية الواقعة في محافظة صعدة شمالاً والممتدة حتى مرتفعات يافع في الجنوب وما يتخللها من وديان عميقة وقيعان تسود فيها الظروف البيئية القاسية، تستوجب بذل المزيد من الجهود وتوفير الأموال اللازمة لإحداث نهضة حقيقية يستعيد فيها البن اليمني سمعته. وأوضحت دراسة عملية أعدها المهندس سعيد عبده الشرجبي أن زراعة البن في اليمن وإنتاجه وتسويقه أصبحت تواجه العديد من التحديات منها انخفاض العرض وارتفاع الأسعار والزيادة المطردة في مساحة زراعة القات, إلى جانب منافسة البن المستورد وانخفاض أسعاره, بالإضافة إلى عوامل تتعلق بالغش والتهريب. وفيما اعتبرت الدراسة أن مكامن القوة لزراعة البن تتمثل في الشهرة التاريخية لبن المخا والخبرات المكتسبة عند المزارعين, وكذا الجودة والأسعار المشجعة على التوسع في الزراعة والإنتاج, إلى جانب ملاءمة الظروف المناخية للإنتاج. فقد فندت مواطن الضعف في زراعة المحصول نتيجة الجفاف وندرة مياه الري وتقدم الأشجار بالعمر, بالإضافة إلى انخفاض إنتاجية وحدة المساحة ومحدودية وغياب الزراعة الموجهة للتصدير إلى جانب عوامل تتعلق بارتفاع تكاليف خدمات التسويق وضعف إمكانيات وآليات العمليات الإشرافية والرقابية على جودة التسويق والتصدير. صادرات البن وحسب بيانات التسويق الزراعي فإن صادرات اليمن من البن بلغت العام الماضي ألفين و527 طناً بقيمة إجمالية تقدر بمليار و548 مليون و242 ألف ريال, مسجلة تراجعاً من ثلاثة آلاف و534 طناً وبقيمة تجاوزت مليارين و618 مليوناً و514 ألف ريال عام 2006م. وتأتي السوق السعودية في مقدمة المستوردين للبن اليمني تليها الولايات المتحدة الأمريكية فاليابان والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا وغيرها.. وأرجع مدير عام التسويق بوزارة الزراعة والري المهندس فاروق محمد قاسم انخفاض صادرات اليمن من البن خلال الأعوام الأخيرة لعوامل تتعلق بتقلص مساحة زراعته بسبب توجه معظم المزارعين نحو زراعة القات للحصول على أرباح كبيرة طوال العام, بالإضافة إلى تزايد الاستهلاك المحلي من البن, إلى جانب عوامل تتعلق بالهجرة من الريف إلى المدن. تنمية محصول البن وتدعو دراسة المهندس الشرجبي إلى أهمية مواكبة التطور الذي تشهده أسواق تداول البن, بإيجاد القاعدة المؤسسية والقانونية المؤهلة والرقابة على الجودة ثم وضع سياسات تسويقية وتصديرية, ودراسة العوامل المؤثرة على الإنتاج وجمع المعلومات المتعلقة بأنماط الاستهلاك في كل بلد على حدة. وشددت الدراسة على ضرورة إصدار التشريعات المنظمة لعمليات الإنتاج والتسويق والتصدير والدفع بالقطاع الخاص والتعاوني إلى مزيد من المشاركة والاستثمار في المجالات الإنتاجية التصنيعية والتسويقية وإصلاح الخلل القائم حالياً الذي يعتري نشاط بعض الجمعيات التعاونية العاملة في قطاع البن, بالإضافة إلى دعم المزارعين والجمعيات التعاونية من خلال تقديم التسهيلات المالية والفنية وتشجيعهم على التوسع الرأسي والأفقي في زراعة وإنتاج البن. اليمن مصدر البن في العالم ويحتل محصول البن مكانة خاصة في ذاكرة اليمنيين وثمة إجماع على القيمة التاريخية والمعنوية لهذا المحصول، حيث تؤكد العديد من الدراسات والأبحاث أن هناك ارتباطاً تاريخياً وثيقاً بين اليمن والبن ويرجع لليمن فضل تسميته العلمية بالبن العربي واكتشافه كمكيف، وكذلك تغيير طريقة استعماله من المضغ إلى شرب محتواه بطريقة مقنعة بعد التقشير والتحميص والغلي في الماء، كما أدى ذلك إلى انتشاره في بقية أنحاء العالم العربي، ثم إلى أوروبا وآسيا وأمريكا. ويعد البن اليمني أفضل أنواع البن المنتجة في العالم، وحرصت الكثير من الشركات على إطلاق اسم موكا “المخا” على البن الذي تسوقه، وقد سجلت اليمن حضوراً متميزاً على المستوى العالمي منذ أوائل القرن السادس الميلادي في هذا الجانب باعتبارها المصدر الأول للبن من خلال ميناء المخا ، الذي حمل البن اسمه إلى كل أنحاء العالم. يشار إلى ان اليمن البلد الوحيد في العالم الذي تزرع فيه شجرة البن في ظل ظروف لا تتماثل مع الظروف المناخية التي تزرع فيه أشجار البن في مناطق أخرى من العالم.