أعلن مدير عام الآثار والمتاحف بمحافظة حجة محمد عبده عثمان الحكيمي أن أعمال الدراسة والتوثيق الشامل الجاري تنفيذها حالياً في قلعة القاهرة بحجة كشفت عن مبانٍ ومرافق وأنفاق وسراديب ومنافذ سرية مرتبطة بالقلعة التي يعود تأسيسها إلى القرن الخامس الهجري. وقال الحكيمي إن برنامج الدراسة والتوثيق الشامل للقلعة الذي بدأ خبراء ومهندسون ومختصون في مجال الآثار بتنفيذه في مايو الماضي كشف أيضاً عن جروف صخرية وطرق وأنظمة محكمة ودقيقة لتصريف مياه الأمطار وحماية جدران وأساسات القلعة والصخور القائمة عليها من تأثيرات المياه. ووصف الحكيمي تلك الاكتشافات الأثرية بأنها في “غاية الروعة والجمال والأهمية من الناحية الفنية والأثرية والمعمارية”. وتوقع أن يتم الكشف عن معالم أثرية أخرى في القلعة، في حال رفع الأنقاض والمخلفات والأتربة وإزالة الأشجار التي تغطي ساحة القلعة وما حولها. وأكد بأن فرق العمل بمختلف مهامها واختصاصاتها قد قطعت شوطاً كبيراً في تنفيذ برنامج الدراسة والتوثيق المقر إنجازهما قبل البدء في أعمال الترميم والصيانة للقلعة التي تعد من أهم المعالم التاريخية والسياحية بمحافظة حجة. وبرز دور قلعة القاهرة بحجة في كثير من الأحداث والوقائع في تاريخ اليمن القديم والمعاصر، وارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمسيرة الشعب اليمني ونضاله وكفاحه المرير من أجل الحرية ومقاومة الظلم والاستبداد منذ الإرهاصات الأولى للثورة اليمنية في مطلع الأربعينيات من القرن الماضي. وعرفت القلعة منذ إنشائها “بحصن الظهرين” حتى العام 1023 للهجرة عندما سيطر عليه الأتراك وأعادوا تجديده وزادوا في تحصيناته، ليعرف فيما بعد “بقلعة القاهرة”. وتعد قلعة القاهرة تحفة رائعة وأثراً جمالياً نادراً ونموذجاً فريداً ومتميزاً لفن العمارة الحربية اليمنية الأصيلة. وتتكون القلعة من سور ضخم دائري الشكل يتراوح ارتفاعه بين 7 - 10 أمتار تقريباً، جدرانه سميكة مشيدة بأحجار صلبة، مهندمة ومصقولة تسنده أبراج دفاعية مستديرة الشكل بارزة إلى الخارج ومرتفعة عن جدار السور وهي من طابقين إلى ثلاثة..وتتخلل جدار السور فتحات صغيرة للمراقبة ومزاغل للرماية ومتاريس للدفاع عن القلعة. ويفتح في جدار السور الأمامي للقلعة مدخل معقود عليه باب خشبي سميك تتوسطه فتحة صغيرة تؤدي إلى ساحة واسعة ومكشوفة، تفتح عليها مداخل الغرف والمخازن وأبراج المراقبة والحراسة الملاصقة لجدار السور من الداخل، إضافة إلى مبنى الدار (القصر) الذي يحتل جزءاً من الساحة. ويتكون الدار من عدة طوابق وله مدخل يفتح في واجهته الأمامية ويؤدي إلى ممر ضيق تقع عليه حجرات ومخازن الطابق الأرضي وينتهي إلى سلم درجي يتم بواسطته الصعود إلى بقية الطوابق وسقفه. ويقع إلى جوار الدار مسجد وعدد آخر من المباني ومدافن الحبوب وبرك ومواجل الماء المحفورة، والمنقورة والتي تتسع لخزن كميات كبيرة من مياه الأمطار. وتتبع القلعة عدد من الأبنية والمرافق العامة المجاورة للسور من الخارج في الجهتين الشمالية والشرقية، محاطة بسور آخر مازالت آثاره واضحة وجزء منه قائماً.. وكان التنفيذ الفعلي لبرنامج الدراسة والتوثيق الشامل للقلعة قد بدأ في العاشر من مايو الماضي بمشاركة مجموعة من الخبراء والمهندسين والمختصين اليمنيين في مجال الآثار. وأفاد مدير عام مكتب الآثار والمتاحف بمحافظة حجة بأن عملية الدراسة تتم بتقنية عالية وبطريقة منهجية علمية، في إطار خطة مرسومة ومعدة سلفاً من قبل استشاري المشروع ومصادق عليها من قبل الهيئة العامة للآثار. وأشار إلى أنه من المقرر أن يتم بعد الانتهاء من تنفيذ برنامج الدراسة والتوثيق، البدء بأعمال الترميم والصيانة للقلعة التي وصفها بأنها في حالة سيئة بفعل التقادم والزمن وعوامل الهدم والتدمير الطبيعي والبشري. وأكد أهمية بدء العمل فوراً بتنفيذ البرنامج الإنقاذي للمباني والجدران الداثرة والآيلة للسقوط والانهيار في القلعة.. مطالباً بسرعة إطلاق المخصصات المالية المعتمدة لهذا البرنامج في موازنة مشاريع الهيئة العامة للآثار المركزية للعام الجاري. وحذر مدير عام مكتب الآثار بحجة أن تلك المباني والجدران لم تعد في وضع يحتمل التأخير.. مثمناً اهتمام وزير الثقافة الدكتور محمد المفلحي ومحافظ المحافظة المهندس فريد مجور وتبنيهما لهذا المشروع ومتابعتهما المستمرة لجهود مكتب الآثار في المحافظة.