يترقب اليمنيون أواخر هذا الأسبوع الإعلان رسمياً من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم التابعة "اليونسكو" عن انضمام جزيرة سقطرى إلى قائمة التراث العالمي الطبيعي ضمن قائمة المحميات الطبيعية العالمية. وتدرج اليونسكو كل عام ثلاثين موقعاً جديداً كحد أقصى على القائمة التي أنشئت بموجب اتفاقية اليونيسكو في 1972 لحماية التراث العالمي.. ويتنافس 47 موقعاً طبيعياً وثقافياً خلال اجتماع المنظمة الدولية الذي بدأ أعماله في الثاني من يوليو الحالي في كيبيك "كندا" ويستمر حتى العاشر من الشهر نفسه على دخول قائمتها للتراث العالمي الطبيعي. وتوقع الدكتور مارسيو باربوزا، نائب المدير العام ل"اليونسكو" في تصريح صحفي مؤخراً بالعاصمة صنعاء فوز سقطرى في الترشيح.. وأوضحت المنظمة ان لجنة التراث العالمي التابعة والمؤلفة من خبراء وممثلين عن 21 بلداً منتخبين من الدول الأعضاء باشرت اجتماعاتها في كيبيك (كندا) من 2 إلى 10 يوليو لكي تقرر أياً من هذه المواقع المرشحة يستحق ان يدرج على القائمة لتمتعه ب"قيمة عالمية استثنائية". والمواقع الفائزة ستدرج على القائمة التي تضم 851 موقعاً من 141 بلداً مقسمة على660 موقعاً ثقافياً و166 موقعاً طبيعياً و25 موقعاً مزدوجاً.. والمواقع ال47 المرشحة هذا العام اقترحها 41 بلداً، بينها خمسة بلدان لا تملك حتى الآن أي موقع لها ضمن قائمة التراث العالمي وهي: قيرغستان "جبل سليمان تو المقدس" وبابوازيا غينيا الجديدة "موقع كوك الزراعي الأثري" وسان مارينو "المركز الأثري لسان مارينو وجبل تيتانو" والسعودية "موقع الحجر الأثري" وفانواتو "موقع الزعيم الملك ماتا". وسبق لكل من هذه المواقع ال47 أن زارها فريق من خبراء المنظمة وقيّم مميزاتها ودرس خطة إدارتها التي اقترحتها السلطات. وأكد وزير المياه والبيئة المهندس عبدالرحمن فضل الإرياني لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ثقته بانضمام الجزيرة إلى القائمة العالمية للتراث الطبيعي.. من جانبه قال المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو بالقاهرة الدكتور طارق شوقي إن انضمام أرخبيل سقطرى لقائمة التراث العالمي المتوقع إعلانها رسمياً الشهر الحالي سيكسب الأرخبيل واليمن بشكل عام شهرة عالية جداً، ويسلط عليه الاهتمام الدولي بما يضاعف من اهتمام المنظمات الدولية بها ويجذب الاستثمار إليها من مختلف أنحاء العالم.. معتبراً انضمام أرخبيل سقطرى إلى القائمة مكسباً كبيراً سيعزز من مكانة الأرخبيل السياحية ويعطيه بعداً يتناسب ومكانته على الخارطة السياحية الدولية كآخر مستودعات الطبيعة البكر في العالم.. ويتكون أرخبيل سقطرى من خمس جزر هي "سقطرى وعبد الكوري ودرسة وسمحة وكعول فرعون" والأولى هي الأكبر، وتقع على البحر العربي وتبعد عن السواحل اليمنية حوالي 510 كم وتبلغ مساحتها حوالي 3650 كم.. وتضم مجموعة من الجزر الصغيرة الأخرى مثل جزيرة دم الأخوين، وتعد جزيرة سقطرى أكبر الجزر اليمنية وواحدة من أربع جزر يمنية قريبة للقرن الأفريقي من خليج عدن. سقطرى هي موطن أشجار المر وأنواع الطيور النادرة المعروفة بعيشها البحري، والتي هي أنواع هجينة فريدة من البحر الأحمر والمحيط الهندي والمحيط الأطلسي.. وتشير المراجع التاريخية إلى أن جزيرة سقطرى، منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد مثلت أحد المراكز الهامة لإنتاج السلع التي كانت تستخدم في طقوس العبادة لديانات العالم القديم، وكان يطلق عليها السلع المقدسة، حيث ساد الاعتقاد بأن الأرض التي تنتج السلع المقدسة آنذاك أرض مباركة من الآلهة، لذلك كان لها حضور في كتب الرحالة الجغرافيين القدماء. وبحسب المركز العالمي لمراقبة شؤون البيئة، فقد صنفت جزيرة سقطرى إحدى الجزر العشر الغنية في العالم لما تحتويه من تنوع حيوي ومتميز وفريد، وقد أدت عزلة الأرخبيل وصعوبة الوصول إليه إلى هذا التنوع الحيوي النادر والهام على المستوى العالمي، وتحتوي على 293 نوعاً من النباتات المستوطنة والنادرة على المستوى العالمي تنفرد بها سقطرى عن باقي مناطق العالم إذ يعتبر العلماء والباحثون في مجالات الطبيعة والبيئة أنها تحتضن أكبر تجمع للتنوع النباتي في العالم، من أصل ما يزيد عن 600 نوع نادر في العالم، مما يجعل الجزيرة متحفاً للتاريخ الطبيعي والأرض المعجزة.. وفي عام 1990 أجرت مجموعة من علماء الأحياء مسحاً في الجزيرة وأحصت ما يقارب من 700 نوع مستوطن من النباتات والحيوانات لا توجد في أي مكان على الكرة الأرضية إلا بعض منها في جزيرة هاواي وجزيرة "جالاباجوس" أعداد قليلة رائعة. كما تعيش فيها الآلاف من الحيوانات البرية مثل الماعز السقطري المميز، وحيوان "قط الزباد" الذي يستخرج منه مادة الزباد وهي مادة عطرية تستخدمها معامل إنتاج العطور في أوروبا. وتم فيها تسجيل أكثر من 60 نوعاً من الأحياء المائية البحرية مثل الإسفنج، والصدفيات، والتي تلعب دوراً مهماً في عملية التوازن البيئي، كما تم اكتشاف أنواع من الإسفنج المائي لها خصائص حيوية تتسم بالتأثير القاتل لأنواع من البكتيريا الضارة، بما يمكن استغلالها في الصناعات الدوائية.. وتمتلك سقطرى الكثير من المقومات التراثية والسياحية فهي تحتضن مستعمرة نباتية تحتوي على حوالي 700 نوع نباتي معظمها ذات شهرة عالمية وأكثر من 100 نوع من الطيور منها 25 نوعاً طيور نادرة، وهناك 270 تعد مستوطنة ولا وجود لها في أي مكان آخر في العالم وذلك ما يضع سقطرى بين الجزر العشر الأكثر تنوعاً في العالم.. كما تتميز سقطرى بكونها في مأمن عن المهددات الخارجية بالنظر لخلو الجزيرة من الحيوانات المفترسة، بالإضافة إلى كونها موئلاً طبيعياً للعديد من أنواع الطيور والحشرات والأحياء البرية والمائية وهناك 179 نوعاً من الطيور التي تعيش في 32 موقعاً على الجزيرة منها 41 نوعاً تقيم وتتكاثر، وستة أنواع من الطيور المستوطنة التي لا وجود لها في مكان آخر من العالم، بالإضافة إلى أنواع من الحشرات التي تنفرد بها سقطرى ومنها فراشات النهار المستوطنة وعددها 15 نوعاً وفراشات الليل وتضم 60 نوعاً إلى جانب 100 نوع آخر من الحشرات 80 منها خاصة بسقطرى.. ويضم أرخبيل سقطرى 39 محمية طبيعية، وأطلق على مر العصور على سقطرى أسماء عديدة منها جزيرة البخور وجزيرة اللبان وجزيرة دم الأخوين ومن الأسماء المستمدة من طبيعة الجزيرة الساحرة جزيرة النعيم وجزيرة البركة وجزيرة اللؤلؤة، كما عرفت سقطرى منذ بداية الألفية الأولى للميلاد بكونها أحد أهم مراكز تصدير السلع التي تستخدم في إحياء الطقوس والشعائر في ديانات الشرق القديم، وساد اعتقاد أن الأرض التي تنتج البخور هي أرض مباركة من الآلهة، لذا عرفت سقطرى بالجزيرة المباركة. وتحظى جزيرة سقطرى باهتمام دولي كبير نظراً لتنوعها الحيوي الفريد، وكان آخر تجليات ذلك الاهتمام هو إدراج أرخبيل جزيرة سقطرى ضمن الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي الذي تم إقراره من قبل برنامج الإنسان والمحيط الحيويMAB التابع لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم اليونسكو.. وتنافس سقطرى حالياً ضمن عجائب الدنيا السبع الطبيعية في المسابقة الدولية ضمن قائمة التصويت لعجائب الدنيا السبع الطبيعية التي تتبناها مؤسسة "نيو سفن وندرز" السويسرية في تصويت مفتوح عبر شبكة الانترنت تعلن نتائجه في أغسطس القادم.. يذكر أن ثلاث مدن يمنية تاريخية مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو "مدينة زبيد التاريخية" أبرز المدن اليمنية الأثرية وإحدى أهم مستودعات التراث اليمني الإسلامي.