الجنبية «الخنجر اليمني» تعتبر جزءاً لايتجزأ من شخصية وكيان الإنسان اليمني ودليلاً حياً على عراقته وأصالته طالما اعتز بها عبر مراحل تاريخه الحضاري الطويل.. ولذلك لاغرابة أن تحتل مكانة عالية في النفوس وشغفاً منقطع النظير في الاقتناء والعناية .. إضافة إلى أن القيمة المادية الباهظة لأصناف مشهورة من هذه الجنابي كالصيفاني الأسعدي الكرك الزراف مبعث فخر واعتزاز تميز صاحبها ومكانته بين شرائح المجتمع المختلفة حيث تصل أثمان البعض منها وفق مواصفات معينة إلى أكثر من مليون ريال.. ومن الطريف هنا الاشارة إلى قصة إحدى الجنابي التي تناولتها قبل عدة سنوات من الآن وسائل الإعلام الداخلية والخارجية بكثير من الدهشة والتي ابتاعها أحد المشائخ لنفسه دون غيره بمبلغ مليون دولار امريكي «دولار ينطح دولار» وهو رقم كان جديراً لدخوله موسوعة غينيس من أوسع أبوابها وبدون احم ولا دستور. غير أن ما يهمنا هنا أن اثمان الجنابي المرتفعة وجمالها الفتان تحول بمرور الوقت إلى مصدر ازعاج يؤرق أصحابها ويقض مضاجعهم ويعود السبب في ذلك إلى أنها «أي الجنابي» أصبحت مرتعاً خصباً لنشاط عصابات السرقة والسطو والتحايل ، حيث أكدت تقارير رسمية حديثة لأجهزة الأمن المختصة أن أفراداً من تلك العصابات قد لايتورعون عن ارتكاب حماقة القتل إذا استعصت عليهم السبل الأخرى للحصول على الجنبية والاستفادة من قيمتها الكبيرة. وهناك كثير من الناس قد تهون عليه المصيبة إن حلت في المال والولد إلا فيما يتعلق بالجنبية وبيعها أو سرقتها الأمر الذي ألقى بظلالٍ من الخشية والتوجس بين أوساط من يمتلكون مثل هذه الدرة الثمينة وامتنع البعض خوفاً على حياته عن حملها والسير بها ليلاً وفضل معظمهم أن يضع جنبيته في المنزل والاستعاضة عنها بجنبية زهيدة الثمن أو حزام جلدي «ناشف» طلباً للعافية والسلامة. نصيحة قبل فترة همس في أذني القاضي العلامة أحمد بن محمد بن عبدالرحمن العنسي، عضو هيئة علماء ذمار، إمام وخطيب جامع المدرسة الشمسية قائلاً: أنصحك بعدم حمل هذه الجنبية والسير بها، فقد تعرض حياتك للخطر وأنت كصحفي أكيد أنك قد علمت بأشخاص ذهبوا ضحية جنابيهم إما بالقتل أو الاحتيال أو السطو ونشلها بالقوة عن طريق ثلاثة أو أربعة لصوص وقطاع طريق. واستطرد : ولا بأس أن تحملها وتتزين بها في المناسبات يوم الجمعة ولكن مع أخذ الحيطة والحذر أيضاً ، وأنا لدي جنبية الوالد ولا ألبسها إلا يوم العيد وبقية الأيام بجنبية عادية وهي تؤدي نفس الغرض ولعلمك ما الفائدة من أن تذهب ضحية لجنبية فالأولى أن تبتعد عن ذلك وتضعها في المنزل، كما لا يخفى عليك الآثار النفسية التي قد تصيب البعض إذا سرقت أو نهبت منه جنبيته فربما يختل عقله أو يموت كمداً وألماً عليها. سرقت في الزحمة علي عبده العميسي يبادر إلى القول: والدي مات بسبب جنبيته.. وكانت البداية عندما دخل إلى مدينة يريم بمحافظة إب للتسوق وبطبيعة الحال فقد تمنطق «الجنبية» التي عرفت بجمالها في المنطقة ولأنها ترمز إلى المكانة الأسرية والاجتماعية باعتباره سيصادف ويتعرف في المدينة على أشخاص لايعرفونه ودخل زحمة السوق .. وعندما خرج منه وأراد العودة إلى القرية بادره أحد أصحابنا: أين الجنبية يا حاج عبده؟! فانتبه ولم يجد الجنبية، كانت حينها قد سرقت منه بين الزحمة ولكنه كابر وادعى خوفاً على سمعته بأنه وضعها عند «السقال» الذي ينظف نصل الجنابي من الأوساخ والذحل وعند وصوله المنزل لازمه المرض وأصبح طريح الفراش فتم ارساله إلى مستشفى جبلة لمدة شهر واحد فقط لنرجع بالوالد وقد فارق الحياة.. فعلاً الجنابي هذه مصيبة وكم قد أدخلت من ناس الدفن ويجب أن ننتبه. الشيخ المسن جمال عبدالواسع المجاهد.. رئيس مؤسسة «جاب» للمقاولات يتحدث قائلاً: صحيح «الجنبية الثمينة» قد تؤمن صاحبها من المخاطر، ولكن لا يعني ذلك أن استسلم وأضعها في المنزل ما الفائدة إذاً؟! لكن أنصح في الوقت عينه أن يتجنب كبير السن لبسها والتزين بها باعتبار أن شيخوخته لاتسمح له بأن يقاوم ويدافع عن نفسه ولذلك يكون صيداً سهلاً لمن لايخاف الله.. ولماذا نذهب بعيداً؛ هناك شيخ كبير أعرفه تمام المعرفة كان في أحد شوارع العاصمة يسير بهدوء قاصداً منزله القريب من ذلك الشارع الفرعي وفجأة انقض عليه ثلاثة شبان اثنان منهم امسكا يديه والثالث أخذ الجنبية ولاذوا بالفرار وتم ابلاغ الجهات الأمنية، ولكن لا فائدة فقد ذهبت «الجنبية» وذهبت أيامها وبعدين سمعت بأنه مرض ومات الله يرحمه وله مدة خمس سنوات تقريباً على موته ولا أدري هل توفي متأثراً بقضية السرقة أم مات طبيعياً ولكن الرجل كان معتزاً بجنبية الآباء والأجداد.. وربما يكون موته بسبب ذلك والله أعلم المهم أن العصابة تتهيب من الرجل الشاب القادر على حماية نفسه وأنا أحمي نفسي زيادة بأخذ مسدسي السلاح الشخصي استعداداً لأي طارئ وإن شاء الله لن استخدمه ما حييت. لولا أن تداركناه عبدالملك زيد العنسي ، رئيس قسم مشتروات المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي يقول: أنا والدي تعرض لعملية احتيال عرفتم بها ونشرتم القصة قبل سنتين أو ثلاث في صحيفة الجمهورية الغراء وعاد إلى البيت وحالته سيئة، نحن صدمنا بعملية الاحتيال لكن خوفنا على الوالد كان أكبر فالجنبية طز فيها أهم شيء حياة الوالد فتجمعت أنا واخوتي وسهلنا القضية وقلنا بأن الجنبية ستعوض وأن حياة الفرد هي التي لاتعوض مما هدأ من روعه قليلاً ولكن إلى ما قبل سنة تمكنت الأجهزة الأمنية بمحافظة ذمار وفي مقدمتهم العقيد دحان الصيادي مدير البحث الجنائي السابق من ضبط مجموعة من عصابة متخصصة في سرقة الجنابي والنصب والاحتيال وبعد سيل من التحقيقات اعترفوا بنصبهم على الوالد باعتبار أنه حرص على البلاغ وتم إعادتها بعد أن قامت العصابة ببيعها وإن حدث فيها بعض التغييرات ولكن المهم أنها عادت والحمد لله. إلا الجنابي عبدالكريم الدعاني.. صاحب بقالة.. قال: بعد أن هدأت السرقات نفاجأ قبل شهر بقيام عصابة واضح انها متمرسة وقت صلاة الفجر تماماً بفك أحد الأبواب الجانبية للبقالة والتي تطل على الشارع العام الرئيسي «خط صنعاء تعز» وقاموا بسرقة آلي «بندقية عطفة» وجنابي مكلفة و4 دبات عسل اشتريتها في نفس تلك الليلة بمائة ألف ريال وكله يهون إلا الجنابي الثلاث «التي كانت رهناً في البقالة ولاندري كيف سنواجه قيمة الجنابي». والله يا أخي لقد تمنيت سرقة البقالة كلها ولاسرقة جنابي الناس وهذه من عادات اللصوص يسرقون ما خف وزنه وغلا ثمنه.. والآن ابلغنا الجهات الأمنية ومازلنا بالانتظار على أمل أن يحيط الله بهم ونرد الجنابي بالذات إلى أصحابها. ضبط عصابة الرائد محمد عباد رئيس قسم السرقات في بحث ذمار يقول: إدارة البحث الجنائي تتعامل بجدية مع البلاغات التي تصل إليها أولاً فأولاً ومن ضمنها سرقات الجنابي، فقد تمكنت الأجهزة الأمنية العام الماضي من ضبط مجموعة من عصابة متخصصة في الاحتيال وسرقة الجنابي،وللأمانة فليسوا من محافظة ذمار ولكنهم من صنعاء وإب وتعز وتمكنا من إعادة عدد من الجنابي لأصحابها ومنها جنبيتان في محافظة ذمار قيمة احداهما مليون ومائتان والأخرى 800 ألف ريال تقريباً وهذا بفضل جهود رجال الأمن وفي مقدمتهم مدير البحث العقيد الركن محمد علي الحدي والعميد نجم الدين هراش مدير أمن المحافظة.