«1» يحكي معي وكان معجباً بنفسه وفي طريقة اقتناعه بها وجودة اختيار الأهل والصحاب سألته وهل رأيتها؟ جلست معها قرأتما معاً كتاب الحب والحياة أو بعض الكتاب؟ أجاب والغباء ملء وجهه ويملأ الثياب قبلتها بالوصف، والنصح الخبير واقتنعت أن تكون لي فصل الخطاب وأن تكون لي شريكة الحياة والعمر الجميل في ختام البحث، والسؤال والجواب ولا تهمني رؤيتها كالأخرين حسبي بأنها شريفة، عفيفة وراء بيتها الكريم، والأمين وأنها محفوظة، محروسة بالشرشف المصون والحجاب وضاع ألف مرة ومرة على مساحة كثيفة من الضباب بحثت عنه في أهدابه وفي زوايا رأسه وفمه فلم أجد إلا السراب في متاهة السراب وغير جثة مسلوبة الحس السميع والأذنين وغير حجر بقدمين مغروسة على جدار الوهم والغبار والتراب «2» وجاء في صباح عرسه جنازةَ تجر في الطريق مأتما ينفض ليلة خائبة في هدبه وأملاًِ محطما يمد في فراغ جيبه يداً فارغة وموعداً، وحلما وينطوي في جرحه المفتوح جرحاً دامياً وألماً ماذا به؟ وانفجرت أعماقه على لسانه دما حاولت أن أرد بعضه لبعضه وأن ألملما واسترد نفسه لنفسه واستعيد منه ماتهشما لكنه بكى.. وصاح لا أريدها وجدتها كذا.. وانهار في أساه قبراً مظلماً «3» وكان ياماكان ورسم النساء كلهن في مرايا شكه المحدود أفعوان وحطهن في سريره غواية محمولة على يد الشيطان واختصر الزمان في خيبته التي تثقل كاهل الزمان وحشد العالم كله في غرفةٍ واحدةٍ وضاق بالمكان ونسي الليل الذي يسكن في وجدانه ويقتل الوجدان وشعوذات الجهل وهي تستبيح في داخله الإنسان «4» وفاته أن الحياة كلها امرأة وأنها على المدى استراحة المدى وأنها امتدادات المرايا المنبئة وأنها من الرؤى أنفاسها وللرؤى تنفس الرئة تسري بها الليالي نفحة من الهوى هادئة مهدئة ولادة العمر الجميل والشوق الجميل في النفوس الصدئة وفاته بأن في أعماقه مقبرة صارخة وفي دماغه مقبرة مهترئة وأنه صدى بوماتها.. وبوح ليلها الغريق، وازدحام الأوبئة تمضي به كسوأة عاريةٍ على مساوئ الطريق السيئة يدري ولا يدري بها.. كأنما العمى يحمل فيه من عماه أسوأه