يحرص كثير من الشباب اليمني من الباحثين عن فرص عمل، على اكتساب وتعلم خبرات ومهارات عملية من خلال الانضمام إلى مراكز ومعاهد التعليم والتدريب المهني والفني ذات التخصصات والبرامج التعليمية المهنية والفنية المختلفة إيماناً منهم أنها تعد مفتاحاً نحو الوصول إلى إيجاد الوظيفة المناسبة. ويؤكد أخصائيون ومهنيون في مجال التعليم المهني والفني ضرورة زيادة الوعي لدى المجتمع عامة والشباب خاصة بأهمية هذا النوع من التعليم، عبر نشر الثقافة المهنية والتقنية وخلق اتجاهات إيجابية نحو التعليم العالي الفني من خلال وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم التربوية المختلفة، وذلك باعتبار هذا النوع من التعليم طريق أمثل للخبرة العملية، كون ما سيتلقاه في مؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني من مهارات ستوجد لديه الخبرة الكافية للاندماج المباشر بسوق العمل. منوهين في ذات الصدد بالتطورات التي شهدها التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن من حيث البنية المؤسسية والتوسع الكمي والنوعي في التخصصات والبرامج التدريبية لمواكبة احتياجات سوق العمل. وهنا يذكر الأستاذ عبدالإله عامر - معلم فني بمعهد مهني - بقوله: إننا في المعهد نحرص على رفد الشباب المنتسبين بأعلى مستوى من التأهيل والتدريب الفني والميداني وبمساعدة خبراء ومختصين في متخلف المجالات والإبداعات، ونبذل جهوداً كبيرة في هذا المجال وبالدعم الجهات الحكومية ممثلة بوزارة التعليم الفني والتدريب المهني من أجل إكساب الشباب المنتسبين «فتيان وفتيات» الخبرات العديدة كل حسب تخصصه. ويضيف عامر: وفيما يتصل بتدريب الفتيات فإنهن يحظين بنفس المستوى من الأهمية من ضرورة اكتساب الخبرة والتأهيل الجيد مع مراعاة التخصصات المفترضة لهن استناداً للفرق أو التباين الفسيولوجي القائم بينهن وبين الشباب، حيث يتم إدخالهن أو تسهيل تخصصهن في مجالات تتوافق مع ظروفهن الطبيعية الخاصة بهن كفتيات. دعم حكومي لإنجاح التجربة : بدورها تحرص وزارة التعليم الفني والتدريب المهني على استقطاب المئات من الشباب من الجنسين لتدريبهم في مختلف المعاهد الفنية والمهنية وتوفير الدعم اللازم لإنجاح برامج التدريب المهني والتأهيل في متخلف الجوانب. وقد بلغ عدد المشاريع التي أنجزتها وزارة التعليم الفني والتدريب المهني والمشاريع التي هي قيد التنفيذ والجاري العمل فيها خلال عامي 2007 - 2008م، وكذا المشاريع التي تم وضع حجر الأساس لها نحو 127 مشروعاً بتكلفة 51 ملياراً و150 مليون ريال، توزعت على عموم محافظات الجمهورية. حيث تستكمل وزارة التعليم الفني والتدريب المهني حالياً إنشاء خمسة معاهد مهنية خاصة بالفتيات في محافظات تعز، عدن، ولحج بتكلفة إجمالية 433 مليون ريال. وبحسب مدير عام المرأة والتدريب النوعي بالوزارة أفراح فخري، فإن المشروع يهدف لفتح الأبواب تجاه التدفق المتنامي لإقبال الفتيات على الالتحاق بأنظمة التعليم الفني والمهني بكافة مستوياته، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الملتحقين بالمعاهد من الذكور والإناث. وعلى ذات الصعيد تستعد وزارة التعليم الفني والتدريب المهني حالياً لتنفيذ مشروع التدريب المهني الثاني الممول من البنك الدولي بتكلفة 15 مليون دولار، حيث يجرى حالياً استكمال التشريعات الخاصة بالمشروع والمتعلقة بإصدار القانون الخاص به من قبل رئاسة الجمهورية بعد أن تمت المصادقة عليه من قبل مجلس النواب وذلك ليتسنى للوزارة البدء بالخطوات الفعلية لتنفيذ المشروع. ويهدف المشروع إلى دعم وتطوير القدرات المؤسسية للوزارة في مجالات التخطيط والمتابعة والتقييم، وتطوير قدرات المؤسسات التدريبية التابعة للوزارة من خلال تزويدها ببرامج تدريب معتمدة ومتطورة تكون أكثر استجابة لاحتياج سوق العمل. التعليم الفني والمهني بلغة الأرقام : وبالحديث بلغة الأرقام عن واقع المعاهد الفنية والمهنية في الجمهورية اليمنية، فإن المؤشرات تشير إلى أن ثمة وعياً متنامياً بين الشباب اليمني بأهمية هذه المعاهد في حياتهم العملية باعتبارها طريقاً للخبرة العملية، وفقاً لما تطرحه إحصائيات رسمية. فقد ارتفع عدد المقيدين بالمؤسسات التدريبية التابعة لوزارة التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن خلال العام التدريبي 2007 - 2008م الحالي إلى 24 ألفاً و126 طالباً وطالبة مقيدين في 65 مؤسسة تدريبية مهنية وتقنية بزيادة (1960 طالب وطالبة) عن العام التدريبي 2006 - 2007 م الماضي، والذي كان عدد الطلاب فيه 22 ألفاً و166 طالباً وطالبة. ووفقاً لإحصائيات رسمية فإن عدد الطلاب المقيدين في كليات المجتمع خلال العام الجاري 2008 قد ارتفع إلى (4850) طالباً وطالبة بزيادة (993) طالباً وطالبة عن العام الماضي. فيما وصل عدد الطلاب الملتحقين في المعاهد التقنية (8994) طالباً وطالبة بزيادة (566) طالباً وطالبة، وبلغت الزيادة في عدد الطلاب الملتحقين في المعاهد المهنية (3948) ليرتفع عدد الملتحقين إلى (10282) طالباً وطالبة. وأخيراً فقد ارتفع عدد الطالبات المتقدمات للامتحانات في المعاهد الفنية والتقنية لهذا العام إلى 718 طالبة مقارنة ب459 طالبة للعام الماضي، وبنسبة زيادة بلغت 73.21 في المائة، فيما بلغ عدد المتقدمين للامتحانات بكافة أقسامها خلال العام الدراسي الجاري 7 آلاف و67 طالباً. أهمية المواءمة بين المخرجات ومتطلبات سوق العمل : بالمقابل يشدد أكاديميون وخبراء اقتصاديون على ضرورة إعداد الدراسات لمعرفة متطلبات سوق العمل من القوى العاملة الوطنية من متخرجي هذه المعاهد من ذوي التخصصات المختلفة. مؤكدين أهمية التعليم الفني والتدريب المهني ومخرجاته في رفد عملية التنمية بالكوادر المؤهلة والمدربة، على اعتبار عنصر التأهيل والتدريب أحد أهم معززات فرص العامل اليمني في أسواق العمل المجاورة. حيث تجرى الوزارة حالياً الترتيبات اللازمة لتنفيذ دراسة خاصة بتحديد مدى استيعاب منشأة سوق العمل الصناعية والاقتصادية لمخرجات المؤسسات المهنية والتقنية. وبحسب نائب وزير التعليم الفني والتدريب المهني المهندس عبدالوهاب العاقل أن الدراسة تهدف إلى إنشاء قاعدة معلومات حول حجم المخرجات التي تم استيعابها في سوق العمل خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى تحديد احتياجات مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية من الأيدي العاملة للسنوات القادمة. دعياً كافة المنشآت الصناعية والاقتصادية والقطاعات الإنتاجية في سوق العمل للمساهمة الفاعلة في إعداد الدراسة لمساعدة الوزارة في معرفة إعداد متخرجي الوزارة العاملين في تلك المنشآت الإنتاجية بحسب تخصصاتهم ومعرفة أدائهم، فضلاً عن معرفة مدى استفادة تلك المنشآت من مخرجات التعليم الفني والمهني. وفي ذات الاتجاه حثت وزارة التعليم الفني والتدريب المهني في ورقة علمية في ندوة خارطة الطريق لاندماج اليمن في مجلس التعاون الخليجي التي عقدت مؤخراً على أهمية التنسيق لإعداد دراسة شاملة لسوق العمل الخليجي بما في ذلك السوق اليمني لتحديد الاحتياجات والمتطلبات من المهارات والكفاءات المهنية والتقنية تمهيداً لتأهيل قوة العمل اليمنية، بما يجعلها أكثر قدرة على تلبية الاحتياجات المتطورة للسوق. وأشارت الورقة التي حملت عنوان (دور العمالة اليمنية في عملية اندماج اليمن في مجلس التعاون ومتطلبات تأهيلها) إلى أن الهدف من الدراسة هو التوصل إلى تطوير نماذج وأساليب فاعلة لربط سوق العمل بأنشطة التعليم الفني والمهني واشتقاق المعايير والكفاءات المهنية والتقنية لكافة المجالات وشروط ومعايير مستوياتها على أن تكون هذه المعايير محددة ودقيقة وقابلة للتطبيق وملبية للاحتياجات الحالية والمتوقعة لسوق العمل اليمني والخليجي. نماذج مهنية وفنية : وقد كان لهذه المنظومة من التعليم الفني والمهني الفضل الكبير في إدخال تخصصات جديدة على قدرات ومواهب الشباب اليمني وفي مجالات عديدة كالكهرباء وصيانة ومكانيك السيارات والسباكة والخراطة والخياطة وتعلم صناعات حرفية حديثة أو تراثية. اسكندر قائد - شاب في مقتبل العمر يتحدث عن تجربته في مهنة كهرباء السيارات، وقد استطاع أن يفرض نفسه وسط تنافس شديد من قبل الأيدي (المؤهلة وغير المؤهلة) العاملة في هذا الصعيد الكهربائي الذي يحظى بأهمية خاصة في سوق العمل . يقول اسكندر: إن فكرة الدخول في مجال مهنة كهرباء السيارات لم تأتِ من فراع.. مشيراً إلى وجود علاقة قديمة بينه وبين هذه المهنة والتي كان يمارسها كهواية منذ الصغر عندما كان يقوم بإصلاح المواد الكهربائية المنزلية الصغيرة. ويؤكد الكهربائي اسكندر: الآن صارت هذه الهواية مهنة محببة، بل ومصدر رزقي وتدر لي الكثير حيث أقوم بإصلاح الأعطال الكهربائية في السيارات بمختلف أنواعها، وأيضاً الالكترونيات. أما جلال القدسي - مكنيكي سيارات - فنموذج آخر يحكي عن تجربته الدراسية المهنية والفنية، حيث قال: تجربتي في مجال صيانة السيارات مكنيكيا جاءت بعد مرحلة من الالتحاق بمعاهد للتعليم الفني والمهني ولدورات متعددة حتى تمكنت من تعلم أصول المهنة واستطعت بعدها أن افتح هذه الورشة وأحظى بهذا الإقبال من أصحاب السيارات المختلفة. ويدعو جلال القدسي كافة الشباب من حاملي الشهادات الثانوية بمختلف أقسامها والذي لم يحالفهم الحظ أو تعثر التحاقهم بكليات الجامعة التي كانوا يطمحون بها - يدعوهم إلى الالتحاق بهذه المعاهد التي قد يجدون فيها ضالتهم وأن يبددوا مخاوفهم، لأن المستقبل ينتظرهم بالمهارات الفنية والتقنية التي سيحملونها فيما بعد لتشكل مصدر رزق طيب لهم حسب تعبيره.. جدير بالذكر أن 7 آلاف و785 طالباً وطالبة قد أنهوا مؤخراً امتحاناتهم النهائية العملية للمعاهد التقنية والمهنية للعام الدراسي (2007 - 2008م) توزّعوا على 106 مراكز امتحانية في مختلف محافظات الجمهورية.