صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن 00 تحت حكم الإمام أحمد 1962-1948
نشر في الجمهورية يوم 04 - 09 - 2008


«و» القروض والمساعدات الخارجية:
وقد شكلت القروض والمساعدات الخارجية مصدراً وحيداً لمشاريع التنمية، التي بدأت الحكومة بتنفيذها بعد انقلاب 5591م، فقد بلغ حجم القرض السوفيتي لليمن حينها مائة مليون روبل، استخدم اليمن منه 06 مليون روبل «61 مليون دولار» لإنشاء ميناء الحديدة وتهيئته لاستقبال البواخر الكبيرة وكانت فائدة القرض منخفضة 2% مع فترة سماح مناسبة تبدأ اليمن بتسديد أول قسط في عام 3691 ويبدو أن القرض السوفيتي قد أثار اهتمام الأمريكيين، وتوجسوا خيفة من المساعدات السوفيتية لليمن، فبادروا بتقديم المعونات إلى اليمن والتي بلغ حجمها نحو 006،61 مليون دولار رصدت لتنفيذ طريق مخا تعز الحديدة بالإضافة إلى مشروع إمداد مدينة تعز بالمياه، وبناء سد للري ناحية تعز.
ودخل الصينيون على خط المنافسة بين السوفيت والأمريكان، ومن خلال قرض ميسر بلغ حجمه 07 مليون فرنك فرنسي «61 مليون دولار أمريكي» نفذ الصينيون طريق الحديدة صنعاء، وهكذا وللمرة الأولى ارتبطت المدن الرئيسية الثلاث بشبكة من الطرق الحديثة، ساعدت على تنمية النشاط الاقتصادي والتجاري وساهمت في اخراج اليمن من عزلته السياسية.
واليمن كان دائماً محلاً لاهتمام الدول العظمى في العالم، وتاريخ اليمن يشهد على ذلك وفيما بعد الحرب العالمية الثانية وفي إطار ماعرف بصراع القوى وسياسة الحرب الباردة، كان اليمن محطة مهمة من محطات هذا الصراع، بفضل موقعه الاستراتيجي، وثرواته المعدنية المرتقبة، وسوقه التجاري، وقد أدرك الإمام حاجته لإقامة علاقات تعاون متوازنة مع أطراف هذا الصراع، وحاجة هذه الأطراف إلى موقع قدم في اليمن، ويمكننا القول إن الإمام قد تمكن من استثمار هذه العلاقات في الحدود التي كان يريدها وبالمدى الذي ذهبت إليه.
سادساً: المواصلات والاتصالات:
«أ» الطرق والنقل البري:
لقد كان هناك القليل من الطرق التي أنشأها الأتراك في اليمن لأغراض عسكرية، وهؤلاء كانوا قد أدخلوا بعض السيارات واستخدموها بينما كان لبعض تجار الحديدة سياراتهم، وعندما زار الكولونيل «جاكوب» صنعاء سنة 3291م، أصطحب معه سيارة طراز «فورد» أهداها للإمام يحيى، وقبلها الإمام بعد تردد، لكنه نادراً ما كان يستخدمها، خوفاً من أن يتهم بالتشبه بالنصارى، لكن التطور فرض على الإمام أحمد شراء المزيد من السيارات والسماح باقتنائها خاصة سيارات النقل، التي كانت تستخدم في خط عدن- اليمن وهو أكثر الخطوط البرية حركة.
وخلافاً لطرق التي أسسها الأتراك، هناك مسالك ودروب قديمة تستخدمها قوافل الجمال والبغال والحمير، وهي طرق وممرات يكاد بعضها يكون محفوراً في الصخر، تمر على حوافي جبال، وتتلوى حول سفوحها، مارة بالكتل الصخرية الضخمة، المستنة.
وهي بقدر وعورتها تضيق أحياناً بحيث لا تسمح بمرور أكثر من عربة، وقد حرص الأئمة على الإبقاء على الطرق بحالتها حتى لا يسهل استخدامها عند أي محاولة غزو خارجي، وحتى يصد عن اليمن الزائرين في إطار نظرته الانعزالية، فيحفظ اليمن بعيداً عن الاتصال الخارجي، ويلاحظ أن تقاطعات هذه الطرق قد كونت مراكز سيطرة أمنية، ونشأت بقربها مدن هامة، كصعدة وحجة وذمار ومناخة.
وقدرت أطوال الطرق الترابية في اليمن ما بين 006-007 كم بالرغم أن المسافات بين مدن اليمن ليست بالمسافات الطويلة، لكن السفر من تعز إلى صنعاء في طريق لا تزيد طوله على 003كم، يستغرق يومين تقريباً بالسيارة، أي أن كثيراً من الجهد والوقت كان يستهلك دون طائل وقد حاولت شركة «فورد» الأمريكية إغراء الإمام يحيى في نهاية عهده بأن عرضت عليه استعدادها لإصلاح جميع الطرق إذا حصلت على امتياز تحتكر بموجبه بيع سيارات في اليمن، فرفض الإمام، وبقي الحال على ما هو عليه في عهد الإمام أحمد حتى نهاية الخمسينيات.
وبعد انقلاب 5591م حاول الإمام أحمد الظهور بمظهر المصلح وأوكل إلى ابنه البدر القيام ببعض الزيارات إلى البلدان الاشتراكية في الفترة من 6591- 7591م، أملاً في الحصول على دعم اقتصادي يحقق له شيئاً من الانفراج الداخلى الذي أصبح أكثر احتقاناً من ذي قبل، وقد نجح البدر فعلاً في الحصول على دعم البلدان الاشتراكية ولو جزئياً، وكان أهمها التزام السوفيت ببناء ميناء الحديدة، والتزام الصين ببناء طريق الحديدة- صنعاء في وقت قياسي، بمواصفات مقبولة حينها، وافتتح رسمياً في نفس الفترة تقريباً.
فاختصرت مسافة الطرق من يومين إلى بضع ساعات بالسيارة، وقد عد ذلك من إنجازات البدر، وثمرة من ثمار توجهاته إلى مصر والبلدان الاشتراكية.
«ب» الموانئ والنقل البحري:
كان هناك عدد من الموانئ في اليمن، أو بالأحرى عدد من أحواض صغيرة كانت تستخدم أساساً لأغراض الصيد، وكان ميناء الحديدة أفضلها حالاً، إذ خضع الميناء لبعض الإصلاحات من قبل الفرنسيين والإيطاليين بعد الحرب العالمية الأولى، ومع ذلك ظل حاله سيئاً حتى نهاية الخمسينيات، كان الميناء عبارة عن حاجزين للأمواج يتوغلان في البحر دون رابط بينهما، وإذا ما جاءت باخرة ضخمة إلى الحديدة، وهذا أمر نادر فإنها تظل في عرض البحر خارج الصخور المرجانية، وقد تبعد عنها مسافة سبعة كيلو مترات بحيث لا يمكن الوصول إليها من البر، وتسارع المراكب الشراعية إلى الميناء، بل ترسو خارجه أمام حاجز الأمواج، ثم تمضي هذه الزوارق فتنقل ما حملته تلك المراكب من بضائع، وتدخل الميناء، ولكنها لا تقف إلى جانب الحاجز، هنا تقوم قوارب تجديف صغيرة تعرف «بالزنبوق» بالمهمة فتحمل الأكياس إلى رمال الشاطئ ويجيء الحمالون ومعظمهم من «الأخدام» فينقلون الأكياس على أكتافهم عبر الماء الضحل، وحينها فقط تكون الشحنة قد وصلت، وأصبحت في منحى من الخطر، أما الركاب فإنهم ينقلون على رؤوس الحمالين حتى الرصيف.
لقد كانت هذه الشروط في إفراغ السفن وشحنها بالغة التكاليف،وتستغرق وقتاً طويلاً،ومن هنا ظهرت الحاجة إلى استخدام ميناء عدن الواقع تحت الاحتلال البريطاني الذي احتكر نحو 09% من حركة البضائع حتى 8591م.
وبسبب حالة الموانئ اليمنية،ظلت المواصلات البحرية بين اليمن والعالم الخارجي محدودة،فميناء الحديدة لايستقبل سوى باخرتين مصريتين في الأغلب كل شهرين في السنوات الأخيرة قبل إصلاحه بالإضافة إلى بعض السفن الصغيرة التي لاتتعدى حمولتها ألف طن التي كان الإمام أحمد يملكها،وتقوم بالتجارة بين عدن والسويس وجدة وجبيوتي.
وإلى جانب ميناء الحديدة كانت هناك إمكانات متاحة لمينائي المخا والصليف، والأخير هذا يقع بالقرب من مواقع إنتاج الملح البلوري المرغوب دولياً.
والحقيقة أن حالة الموانئ،والنقل البحري بقيت على حالها كما كانت عليه في مطلع القرن العشرين، لكن التغيير الحقيقي بدأ عندما أقدم اليمن على توقيع اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي بقصد إنشاء ميناء حديث،على بعد أربعة كيلو مترات من الحديدة،ولم يمض وقت طويل حتى تمكن السوفيت من وضع الميناء الجديد قيد الاستخدام،وافتتح رسمياً في مارس 1691م،والذي كانت أهم قطاعاته الأساسية هي قناة للرسو يبلغ طولها 5.9كم ويبلغ عمقها 9م، وحوض مساحته 81 هكتاراً يتيح لسفينة طولها 051م أن تتحرك فيه بحرية،ورصيفان لاستقبال السفن الكبيرة البالغ طولها 003 م،وبسبب هذه التجهيزات بدأ الميناء يستقطب تجارة النقل البحري،وفتح باباً جديداً أعاد بعث الحياة في اقتصاد راكد منذ عقود طويلة.
«ج» المطارات والنقل الجوي:
عند قيام الثورة كانت جميع مطارات اليمن ترابية بما فيها مطار صنعاء عاصمة الدولة،وهذا لاينفي أن اليمن قد عرفت قيمة النقل الجوي منذ وقت مكبر،فقد قام الإمام يحيى في عام 6291م باستجلاب أول ست طائرات بواسطة الايطاليين، الذين ربطتهم بالإمام حينها علاقات قوية، وأبدى الإمام يحيى حينها اهتماماً باستخدام هذه الطائرات، فافتتح لها مدرسة صغيرة لتدريب اليمنيين على كيفية العناية بها،وكانت مهمة تلك الطائرات نقل كبار الموظفين والتجار ووفود الحكومة في المهمات الداخلية،واستمر استخدام الطائرات الصغيرة هذه فترة، إلى أن تحطمت إحداهن، وقتل في الحادث أمير من أمراء الأسرة المالكة،فأثار ذلك خوف الإمام،وزاد من حساسيته تجاه كل جديد،وربما وافق هوى في نفسه،فقد كان الإمام بخيلاً، وهذا النوع من النقل برغم فائدته العظيمة، كانت تكاليفه كبيرة، فأمر بوقف نشاط الطائرات،وتركت بعد ذلك تتدهور حالتها على أرض المطار،وبعد عشرين عاماً أي 6491م،اقتنع الإمام ثانية،وراح يدرك الحاجة إلى طائرات جديدة،وعاد يستخدم طيارين أجانب لقيادتها،كان معظمهم في عهد الإمام أحمد من السويديين والايطاليين.
وبعد عام 8491م اشترى الإمام أحمد ثلاث طائرات جديدة؛بالإضافة إلى ماكان تحت الخدمة، وأعيد إصلاح الممرات الجوية التي كانت قد أهملت وصرف النظر عن استخدامها،كما أقيمت في عهده ممرات جديدة في صعدة،وفي حجة، وفي يريم، ومدن إقليمية أخرى، وبحلول عام 0591م كانت هناك خدمة جوية غير منتظمة بين كل من عدن وصنعاء إلى اليمن،وفي عام 2591م أصبح بالإمكان تسيير رحلات جوية إلى جدة،والقاهرة،وبعد ذلك بخمس سنوات أي في 7591م،بادر السوريون في ثورة الشعور القومي العارم والرغبة في تجاوز الحواجز، وبهدف مساعدة اليمن في الخروج من عزلته،بادروا بافتتاح خط جديد بين دمشق وصنعاء، وأمر الإمام بالمزيد من الرحلات إلى الداخل والخارج.
وكانت هناك حالة من الحذر الشديد، فازدياد حركة الطيران تعني المزيد من الانفتاح على العالم الخارجي، وتعني المزيد من الوفود العربية الأجنبية، وتعني المزيد من الحاجة إلى تعليم يمنيين يساعدون في تأدية المهام الجديدة في المجال الجديد،وكانت تلك الحالة موجودة لدى الإمام، كما هي موجودة لدى أمراء البيت الحاكم، وبعض كبار المسئولين من رجال الدولة ورجال الدين، وفي المقابل كانت بعض الاجراءات تلقى قبولاً لدى الصفوة الحاكمة، وكان البدر أكثر الأمراء تقبلاً لفكرة التغيير هذه، وكان تأثير المحافظين أقوى، ولذلك كثيراً ما جرى وقف كل محاولة مهما قل شأنها، وعلى سبيل المثال فإن الطيارين الذين استدعوا للعمل في اليمن كانوا يفضلون المغادرة، لسوء أوضاعهم، وشعورهم أن ما يبذلونه من جهود في بلاد تنعدم فيها الظروف المناسبة للعمل، لايقابل بما يجب من تقدير.
ومع الوقت ظهرت الحاجة لمزيد من الطائرات؛ ولذلك كان الإمام مضطراً إما أن يشتري المزيد من الطائرات، أو أن يستأجر، وحتى قيام الثورة كانت هناك 3طائرات «داكوتا» وطائرات من نوع “ايركوماندور” الإيطالية، وطائرة “أوستر” للتعليم والمسح الجوي، وكلها غريبة. كما أهدى الاتحاد السوفيتي، طائرتين «اليوشن» للنقل، وخمس طائرات هليوكوبتر ،كان يقودها ويقوم على صيانتها طيارون وفنيون سوفيت. وكانت اليمن قد فقدت إحدى الطائرات وهي تقل وفداً رسمياً إلى الصين برئاسة القاضي محمد عبدالله العمري ومقتل جميع ركابها.
الاتصالات السلكية واللاسلكية:
اللاسلكي هو طريقة الاتصال المتاحة بين مناطق اليمن، وبين الحكومة وموظفيها في الألوية ، وهو وسيلة تُرفع من خلالها الشكاوى للإمام. وكان هناك نحو 71محطة لاسلكي تتوزع على معظم مدن اليمن. وللحقيقة فإنه منذ رحيل العثمانيين الذين أدخلوا هذا النوع من الخدمة إلى مجال الاتصالات في اليمن، لم تشهد قطاع الاتصالات أي تطوير يذكر حتى عام 7591م، عندما جرت عملية إصلاح استهدفت تحسين أداء شبكة الاتصالات اللاسلكية في اليمن فربطت صنعاء وبيروت، ومحطة تعز بعدن، واستخدمت بعض الأجهزة الحديثة.
وعرفت دوائر الإمام استخدام التليفون في عام 1591م ،وظل استخدامه محدوداً جداً حتى عام 8591م، عندما قام الألمانيون الشرقيون بتطوير خدمات التليفون في تعز والحديدة، ضمن برنامج المساعدات الألمانية لليمن. ومع ذلك فإنه حتى نهاية الخمسينيات ، فإن مستوى الخدمات التليفونية في مدن اليمن بما فيها صنعاء كان أدنى مما هو عليه في محمية عدن، التي كان التليفون يدخل كل المرافق العامة فيها والبيوت.
وهكذا ندرك أهمية التلغراف بالنسبة لليمن المعزولة عن العالم الخارجي، وكان الإمام يتيح للمواطنين الاستفادة من هذه الخدمة إذا أرادوا التعامل معه، فقد كان بإمكان أي مواطن أن يبعث بتلغراف إلى الإمام، بشرط أن يدفع تكاليفه وتكاليف الرد عليه.
وكان العثمانيون قد نظموا خدمة البريد، وقد أصبح اليمن عضواً بالاتحاد الدولي للبريد، وجزءاً من المعاملات البريدية الدولية، لكن هذه الخدمة لم يتحسن أداؤها، فالرسالة تمكث شهراً أو شهرين أو ربما أكثر لتصل إلى صاحبها، وذلك لأن وسائل النقل كانت غاية في التخلف وكان البريد ينتقل من وإلى عدن بالسيارات إلى تعز، وهناك يتم الفرز، وكثيراً مايتم فتح الرسائل ومعرفة محتوياتها، وهذه العملية كانت تستغرق أياماً أخرى، ثم يتم نقله إلى أرجاء اليمن عن طريق البغال والحمير، وكذا الحال بالنسبة للبريد الصادر.
سابعاً: الخدمات العامة:
«أ» المياه والكهرباء
وعرفت اليمن الكهرباء في نهاية العقد الثالث، لكن هذا النوع من الخدمات كان يقتصر على دور الحكومة ففي 6291م كانت قصور الدولة في تعز «النصر، العرضي» قد أضيئت، وكان بالإمكان رؤيتها منارة ليلاً، وبعد ذلك بسنوات أخذ بعض المواطنين يستخدمون مولدات كهربائية لغرض الإنارة ولم يتغير الحال كثيراً حتى عندما نقل الإمام عاصمته إليها.
وفي صنعاء لم يكن حال الخدمات مختلف كثيراً عن حالها في تعز، وفي نهاية الخمسينات كانت هناك فرصة لتحسين الخدمات، استغل الإمام بعضها ورفض بعضها الآخر، بحجة أن ليس فيها مكسباً للحكومة أو أنها باهظة التكاليف، كما فعل مع عرض حكومة المانيا الشرقية، وهو الأمر الذي دفع بالمواطنين في المدينة وبعض التجار إلى تكوين شركة مساهمة، وزعت أسهمها على المواطنين، واشترت محولات بقيمة ستة آلاف دولار، وحددت سقف المساهمة ب 001 سهم كحد أدنى و002 سهم كحد أعلى وتتفق معظم المصادر أن إنارة المدينة، وهي حاضرة اليمن، وتحفتها المعمارية الرائعة لم يتم قبل 8591م إذا استثنينا القصور والبيوتات الحاكمة.
وقام الإمام بعد ذلك السماح بتكوين الشركات في المجالات الحديثة فيما عرف باسم اصلاحات الإمام أحمد وقام المواطنون بتأسيس بعض الشركات بمبادرات خاصة ولكن بإمكانات محدودة، وكان سوء التنظيم والخوف من المصادرة يلاحق مؤسسيها حتى أن بعض هذه الشركات احتفظت بمقراتها الرئيسية في عدن.
ويبدو الحال أكثر سوءاً في مجال شبكة المياه، في المدن الثلاث، وحال مدينة تعز ربما كان دليلاً على ذلك ففي المدينة وحتى قيام الثورة كانت المياه تنقل من جبل صبر، وقد بنى الإمام أحمد خزاناً لاستقبال هذه المياه عبر السواقي، ثم تنقل المياه إلى بعض البيوت بواسطة أنابيب، وهذه المياه كانت مجانية فلا يشترط للحصول عليها اشتراك مالي أو أي مقابل ولم تكن هناك حاجة لاستخدام الآلات والماكينات، أما غالبية سكان المدينة فكان عليهم الحضور إلى مكان الخزانات التي تتجمع فيها المياه ويشبه هذا الحال حال تجمع النساء في القرى حول بئر المياه ومثل هذه الشبكة المحدودة التي تنقل مياهاً عذبة موجودة في صنعاء، كماهي موجودة في الحديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.