وفاة وإصابة خمسة أشخاص في حجة وصعدة جراء الصواعق الرعدية    عصابة حوثية تعتدي على مواطن في إب بوحشية مفرطة    ما هو شرط زيدان لتدريب فريق بايرن ميونيخ؟    الارياني: الأسلحة الإيرانية المُهربة للحوثيين تهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح العالم    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    أكاديمي: العداء للانتقالي هو العداء للمشروع الوطني الجنوبي    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    بالصور .. العثور على جثة شاب مقتول وعليه علامات تعذيب في محافظة إب    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشهد العربي بين الإرهاب الدولي والتطرف الديني
في ندوة نظمها منارات
نشر في الجمهورية يوم 14 - 09 - 2008

نظم المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل «منارات» مساء الخميس الماضي بمقره بصنعاء ندوة بعنوان «المشهد الوطني العربي والإسلامي بين الإرهاب الدولي والتطرف الديني» والتي تأتي في إطار فعالياته الثقافية والفكرية الرمضانية وكذلك مناسبة مرور عام كامل على تدشين المركز لفعالياته والتي تصادف أيضاً مع مرور سبع سنوات على الحادث الإرهابي الذي هز العالم.
وفي حفل افتتاح الندوة القى العميد أحمد إسماعيل الحاوري، رئيس مجلس إدارة المركز كلمة أكد فيها ان مركز «منارات» ومنذ تأسيسه مثل صرحاً للعلم والمعرفة وواحة يستظل بظلها علماء وباحثو الوطن والمهتمون فيه بالتاريخ والاستراتيجيات ولتقديم الرؤى والافكار البناء الوطن وتطوره وازدهاره.
وقال إذا كان الحادي عشر من سبتمبر 2001م حدثاً مروعاً هز أركان العالم ولا تزال آثاره وتبعاته تلقي بظلالها على المشهد الوطني والعربي والإسلامي بصفة خاصة والمشهد العالمي بصفة عامة فإن هذا المشهد قد اقتضى منا التفكير والدراسة المتأنية للحدث وآثاره في ملامح المشهد الوطني والعربي والإسلامي لاستجلاء حقيقة علاقة الإرهاب بالتطرف الديني ليكون المجتمع ونخبه وفئاته على بينة من حقيقة هذه الآفة المدمرة واستنفار الطاقات والامكانيات للاضطلاع بدور فاعل ومؤثر لمجابهتها وتحديد مواقف واعية منها ومدركة لمخاطرها، يضاف لهذا الاسم والمبادرة بتقديم رؤية علمية مدروسة لمتخذي وصناع القرار يتحقق بها ومن خلالها كبح جماح هذه الظاهرة الخطرة والعمل على اجتثاثها من جذورها باعتبارها خطراً يهدد السلام الاجتماعي ومعول هدم للقيم الدينية والإنسانية الداعية للتعايش السلمي بين الأمم والمجتمعات على اختلاف اعراقها ومعتقداتها.. بعد ذلك بدأت جلسات الندوة والتي رأسها الدكتور محمد أبوبكر المفلحي، وزير الثقافة حيث قدمت في الندوة أربع أوراق عمل الأولى قدمها القاضي يحيى الماوري وكانت بعنوان «أحداث ال11 من سبتمبر 2001م وأثرها على حقوق الإنسان» أما الثانية فقدمها الأستاذ أحمد الصوفي، وكانت بعنوان «اليمن في استراتيجية تصدير التطرف الديني والإرهاب» أما الورقة الثالثة فكانت من نصيب الدكتور حمود العودي والمعنونة ب«المذاهب الإسلامية بين الاصل السياسي واللعبة الطائفية» وكانت الورقة الأخيرة عبارة عن رؤية اقتصادية للدكتور محمد الميتمي وكانت بعنوان «سوق التطرف في اليمن».
احداث ال11 من سبتمبر
حيث أكد القاضي يحيى الماوري في ورقته ان الإرهاب هو ظاهرة إجرامية مرفوضة في جميع الأديان السماوية والأعراف والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية كما انها ظاهرة قديمة قدم الوجود الإنساني وان اتخذت اشكالاً وأساليب متنوعة وصوراً متعددة وفقاً لظروف المجتمعات الإنسانية في كل زمان ومكان.
وقال الإرهاب كظاهرة لا يمكن ربطها بشعب أو دين أو وطن ولو بحثنا في تاريخ كل أمة لوجدناه مليئاً بصور شتى من صور الإرهاب والإرهابيين الأمر الذي يجعل المسئولية في مواجهته مسئولية إنسانية جماعية وان لا نحاول الصاقها بأمة أو دين أو منطقة جغرافية بعينها ونلقي عليها تبعاتها أو نحملها مسئوليتها كما هو الحال في قضية الإرهاب الذي يواجهه العالم اليوم واشتدت وطأته بعد احداث «11» سبتمبر 2001م.
واضاف القاضي الماوري بأن احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م قد هزت الوجدان العالمي على اختلاف أديانه ومعتقداته واتجاهاته السياسية إذ ان المشاعر الإنسانية كغريزة فطرية ترفض مثل تلك الأعمال البشعة التي تنافي كل القيم والمبادئ والاخلاق.
وأردف قائلاً : وإذا كان العالم قد فوجىء بتلك الأحداث المرعبة فإنه لم يكن يتوقع من الإدارة الأمريكية أن يأتي رد فعلها بذلك القدر الهائل من العنف والحقد المعبأ بالتحريض العنصري والعصبية الدينية ضد شريحة من المجتمع الإنساني هم العرب والمسلمون وان تشن عليهم حرب ابادة جماعية استهدفت وجودهم الحضاري وعقيدتهم الدينية وكرامتهم الإنسانية وخرقت بذلك كل القيم والمبادئ الإنسانية والمواثيق والمعاهدات الدولية بل وضربت عرض الحائط بدستور وقوانين الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، مستعرضاً أهم القوانين التي استطاع الجناح المحافظ في الإدارة الأمريكية ان يمررها والتي تجيز للإدارة الأمريكية حق التعسف والاضطهاد للاقليات العربية والإسلامية كحق التجسس على المراسلات الإكترونية والحق في التصنت المتحرك وتشجيع الوشاية وغيرها من القوانين المنتهكة لحقوق الإنسان.
الموقف العربي من الحرب على الإرهاب :
كما تناول القاضي الماوري الموقف العربي من الحرب على الإرهاب وفي هذا الإطار يقول : قد لا يكون من المستغرب ان نتساءل هنا عن حقيقة الإرهاب في الوطن العربي وكيف تحولت المواجهة مع الآخر إلى إرهاب ذاتي دون ان نعي أسباباً واضحة أو مبررات منطقية له هل نقوم بهذا التدمير الذاتي بالوكالة عن الولايات المتحدة والغرب ؟
وفي الجانب الآخر ظهر على العالم الطرف الآخر من رموز الصراع اسامة بن لادن ليعلن للعالم بدء الحرب المقدسة ضد معسكر الكفر وقسم العالم إلى فسطاطين «فسطاط الحقو وفسطاط الباطل».
حينما نتأمل في موقف الرجلين وتصريحاتهما يتبين توافقهما على ثلاثة أمور :
1 تقسيم العالم إلى معسكرين لا ثالث لهما.
2 اعتبار من لم يكن معهما فهو ضدهما.
3 اغلاق باب الحوار والاصرار على الحرب والمواجهة.
التساؤل الثاني هو ان المتأمل للصراع بين القاعدة والولايات المتحدة الأمريكية قد تحول بقدرة قادر إلى صراع بين القاعدة وبعض الدول العربية والإسلامية ولم تعد المصالح الأمريكية هدفاً رئيسياً للقاعدة بقدر ما كانت المصالح الوطنية للدول المستهدفة ومنها اليمن التي استهدفت في أكثر من موقع لا يمت للمصالح الأمريكية بصلة ولم يقتصر الإرهاب الذاتي الموجه نحو الداخل اليمني على تنظيم القاعدة بل تقاسمت القاعدة هذه الأعمال مع جماعة الحوثي في صعدة على ما بين الفئتين من اختلاف وتناقض فكري وسياسي والتساؤل أيضاً الذي يثير الاستغراب في هذا الجانب هو الموقف الأمريكي من الجماعتين الذي يقف إلى جانب الدولة في مواجهة إرهاب القاعدة ويقف صدها في مواجهه إرهاب الحوثيين رغم شعارهم المعلن «الموت لأمريكا».
موقف القانون والقضاء اليمني :
وبالنسبة لموقف القانون والقضاء اليمني أوضح القاضي الماوري بأنه يمكن تحديد موقف القانون اليمني من خلال النصوص الدستورية والقانونية باعتبارها الاساس الذي يمنح القضاء قوة وشرعية التصدي للجرائم الإرهابية كما يمنحه سلطة حماية الحقوق والحريات العامة للمواطن وإذا كانت الكثير من دول العالم ابتداء من الولايات ا لمتحدة الأمريكية وحتى أصغر دولة في العالم قد اتخذت عدة إجراءات تشريعية لم يخل الكثير منها من المساس بحقوق وحريات المواطنين تحت مبرر الحرب على الإرهاب بهذا القدر أو ذاك فإن الجمهورية اليمنية حتى الآن لم تتورط في اصدار تشريع يمكن ان يؤخذ عليه مثل تلك المخالفات والانتهاكات لحقوق الإنسان، واضاف قائلاً : وفي تقديري ان مرجع ذلك يعود إلى قوة النصوص الدستورية التي تكفلت بمنع اصدار مثل هذه القوانين .
تعريف الاتفاقية العربية للإرهاب :
كما تحدث في ورقته كذلك عن تعريف الاتفاقية العربية للإرهاب فقال عرفت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب بأنه «كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كانت بواعثه أو اغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، يهدف إلى القاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بايذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو الحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر».
وقد اخذ مشروع قانون مكافحة الإرهاب اليمني في تعريفه للإرهاب بتعريف أوسع تضمن تعريف الاتفاقية العربية واضاف إليه حيث عرفه بالاتى : «الإرهاب كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد باستخدامها يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردياً كان أم جماعياً بهدف الاخلال الجسيم بالنظام العام أو الاضرار بالمصلحة العامة أو الحاق الضرر بالبيئة والصحة العامة أو الاقتصاد الوطني أو بإحدى المرافق والممتلكات أو المنشآت العامة أو الخاصة أو الاستيلاء عليها أو عرقلة السلطات العامة للدولة عن ممارسة أعمالها أو تعريض أمن وسلامة المجتمع للخطر أو تهديد الاستقرار والسلامة لأراضي الجمهورية أو وحدتها السياسية أو سيادتها أو تعطيل تطبيق احكام الدستور أو القوانين أو الحاق الأذى بالاشخاص أو القاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم وحرياتهم وأمنهم للخطر».
التطرف الديني والإرهاب :
أما الأستاذ أحمد الصوفي فأكد من جانبه أن القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين هما من أهم واعقد مراحل التاريخ الإنساني حيث اتخذ الصراع الدولي على المصالح والنفوذ بين الايدولوجيات المتعارضة قناعاً دينياً اتسم بالقسوة وولد انقساماً لا يمكن مقارنته بكل أشكال الانقسام الذي سيطر على العالم خلال الحقبة الموسومة بالحرب البادرة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي.
وقال مثل هذا الاستنتاج لاحظته الباحثة كارين ارمسترونج في كتابها النزعات الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام.. حيث نراها تنفذ بعمق وبصيرة إلى استخلاص إن إحدى اكثر التطورات اذهالاً في أواخر القرن العشرين هي ظهور قوى مسلحة تعرف بالأصولية داخل كل تراث ديني رئيسي، إلا أن القرن الواحد والعشرين قد اضاف ابعاداً خطرة إلى طبيعة وبنية ونفوذ هذه الظاهرة التي باتت تشكل جزءاً من العقل الدولي الذي يرسم استراتيجية المصالح في العالم المعاصر.
فبصعود جورج دبليو بوش إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية كممثل لتيار محافظ اتخذ التطرف الديني إحدى الوسائل لفرض الهيمنة الأمريكية على العالم، وهو أمر شجع بروز وازدهار تيارات اصولية في الكيان الإسرائيلي كما دفع إلى السطح قوة تدميرية فعالة داخل منظومة العقيدة الإسلامية والعالم الإسلامي هو تنظيم القاعدة الذي يستند إلى ترسانة قيم لا هوت عنف يجعل من نفسه المعبر عن حوافز القوة الأصولية متكئاً على تراث من الانتصارات التي تحققت في افغانستان وادت إلى انهيار امبراطورية سوفيتية كان العنف والتطرف الديني القوة التي انهكتها وسرعت في سقوطها وهو ما جعل العقيدة الوهابية التي استخدمت لتدمير الخصم تنقلب إلى عدو للحليف الأمريكي الذي وضع الإسلام بكل مكوناته هدفاً رئيسياً في حربه التي انطلقت بذريعة احداث 11 سبتمبر 2001م لتعترف الإدارة الأمريكية ان التطرف الإسلامي بات القوة الفعالة والقادرة على استخدام موارد تكتيكية واستراتيجية وتوظيف امكانيات البيئة والنفسية العربية لتحشيدها خلف هذا التنظيم الذي بات جزءاً من عناصر الاستراتيجية العالمية للإدارة الأمريكية فالتنظيم دأب على التواجد في مناطق الاحتياجات الاستراتيجية ليكون ذريعة لعنوان اسمه الإرهاب الذي تخوض به الولايات المتحدة حروبها ضد الدول والمجتمع والثقافة الإسلامية.
اليمن واستراتيجية تصدير التطرف والإرهاب الديني :
يواجه اليمن اليوم تحدي التصدي للإرهاب ليس باعتباره التزاماً بتحقيق سياسة تجفيف منابعه باعتباره حاجة دولية بل لان خطر الإرهاب والتطرف الديني يشكلان تهديداً جدياً لاستقرار الدولة اليمنية والمجتمع اليمني، كما يشكلان بؤرة لتقسيم المجتمع بين المذاهب والمعتقدات التي تتقاسم أفراد المجتمع لتوزعهم في جبهات صدام تهدف إلى الغاء هيبة الدولة ونفوذها وسيطرتها كما ان هذا الخطر بات يستهدف الاستقرار والتنمية ويمثل هاجساً مؤرقاً لعملية النمو الاقتصادي فالاحداث التي جرت في صعدة والتفجيرات التي حدثت في مأرب وحضرموت جميعها تشير إلى ان اليمن قد دخل في دائرة الاستهداف الاستراتيجي بوسيلتي الإرهاب والضغط الأمريكي باسم الحرب على الإرهاب والغريب في الأمر ان السياسة الأمريكية تتقاطع وخيارات القاعدة في المناطق والدول التي تحددها أمريكا لكننا نفاجأ بأن التطرف والإرهاب يتناغمان مع هذه الاستراتيجية والمدهش في الأمر الحضور الكثيف والأنشطة الغامضة، والتعبئة المدروسة، وثقافة الكراهية والتحفز للهجوم الذي نستقرئ بعض تجلياته في هذا التوقيت وكأن الأصوليات التي تبدي تعارضات إعلامية فيما بينها، ونقصد الأصولية المسيحية والأصولية الإسلامية على اختلافهما، إلا انها تتكامل في خدمة بعضها وليس أدل على ذلك من حفاظ الولايات المتحدة الأمريكية على المكونات الرئيسية للقاعدة لأن القاعدة تخدم التطرف الاستراتيجي للمحافظين الجدد اكثر من خدمتها للمجتمعات الإسلامية والسؤال لماذ الآن ؟ ولماذا اليمن ؟ يبدو مشروعاً إذا لاحظنا ان احداث 11 سبتمبر قد شكلت ضغطاً على.
محددات وتجليات التطرف في اليمن
1 إذا كان التاريخ الإنساني قد قدم لنا الادلة الكافية على ان الصراع بين الإنسان واخيه الإنسان كان قديماً لكن دخول الدين كعامل مؤجج لمرجل الكراهية والبغض وشاحذ لنزاعات التدمير قد جعل الصراعات قاسية ووحشية بل انه لم يقم بتهديم الامبراطوريات ولم يكتف بالقضاء على الدول لكنه في الحقيقة دمر قدرة الإنسان في الثقة بنفسه ودمر صفاء إيمانه وعطل ملكاته وحول حياته إلى وهم يلاحق غاية الوصول إلى الآخر لنفيه من الوجود وكانت هذه النزعة التي تفتتن بانجاز الموت وصناعة الخوف وتقويض الاستقرار واحدة من الاسهامات التي شوهت صورة الإسلام الذي بات يفسر لا كما نعرفه كدين محبة ووئام وسلام بل دين يفسر نفسه بالعنف وتبهره وحشية الفتك والتدمير وهو أمر حوله إلى لا هوت مقلق للسلام الداخلي للمجتمع الإسلامي وعنصر يؤرق العالم من حولنا للتطرف الديني المستفيد من ثمرات العنف الذي لم يسهم في انتاجه قد جعل منه خطراً مراً وعاصفة لا تبقى إذا ما استفحلت شيئاً يمكن الاعتماد عليه للوقوف كدولة ومجتمع وليس العراق والصومال وافغانستان إلا ادلة على هزيمة خيار التطرف والإرهاب على بوابات الفوضى والفتك والعنف المجاني الذي يجتاح هذه المناطق وهو عنف اكدت التجارب المشهودة انه طائش ومحكوم بحوافز غير مدركة ويخدم غايات هي ضد الإسلام وضد المسلمين مما جعل التطرف الديني والإرهاب حالة من الهذيان العنيف الذي غالباً ما يضل طريقه نحو العدو الرئيسي بالنسبة للوهابية والاثنى عشرية ليتحول إلى طاقة تدمير لتماسك المجموعات الإسلامية التي تعمم نزعاتها العدوانية على مخالفيها من أبناء ديانتها وهو الحال الذي تفشى في المنطقة العربية بتوسع الحركات المتطرفة التي تعتنق فكرة تدمير اسرائيل لكنها تبدأ في تدمير الذات عبر فتاوى تكفير تجيز قتل المسلمين وقد كنت أحد الذين كشفت الأجهزة الأمنية ما بين ثلاثين مثقفاً يمنياً صدر بشأنهم حكم الاغتيال وهو حدث تكشف بعد ان قام متطرف يمني باغتيال امين عام مساعد الحزب الاشتراكي اليمني بتهمة التكفير والخروج عن معتقدات الجماعات المتطرفة التي تصمم وتعيد تصميم فهمها للإسلام يتوافق وحاجاتها السياسية للتوسع في التأثير على شكل إدارة السلطة والتحكم بمصير الشعب وقد كشفت تجربة الحوار مع العناصر المنتظمة في تنظيم القاعدة انها تستند في جموحها العنيف نحو المجتمع على نظرية دينية سياسية اتقنت وبإحكام رص مبرراتها وذرائعها نخب من رجال الدين حذقوا في انتقاء ما يعزز نشوء تيار عالمي جعل من افغانستان معملاً لانتاج وازدهار لاهوت عنف اجتاح العالم العربي والأوروبي متسلحاً بفكر تدميري.. المهم هنا ان هذا الفكر يضع العالم والحضارة الإنسانية والعقل الإنساني هدفاً دائماً لموجات عنفه وينفرد في تعزيز قوة حجته معتمداً على عدد قليل من نصوص القرآن وأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي كتبت في عصور متأخرة بعد موت النبي لتتولد عن ذلك ظاهرة مناهضة للحداثة والتقدم العالمي وتزعزع استقرار الدول واستقرار العلاقات الإنسانية وهي ظاهرة لا يمكن الانتصار عليها ما لم يعاد بناء منطق ينطلق من داخل الفكر الديني يخلق التصالح أولاً داخل المنظور الديني الواحد لدى المسلمين ثم يبني جسوراً بين منظومة الوعي الديني الذي يحرك طاقة ملايين البشر في الأرض فالوازع الديني بتجلياته وتحدياته العنيفة اضحى ايديوليوجية تهدد لا استقرار العالم فحسب بل استقرار كل مجتمع على حدة والخطر بات متنوع أما في هيئة اجساد مفخخة أو عمائم بيضاء أو سوداء محاطة بالرعب.
إذا كان التطرف والإرهاب لا يعرف وطناً وليس له جنسية محددة ولا دين ولا هوية وإذا كانت الحرب على الإرهاب والتطرف مسئولية العالم المشتركة دولاً وأدياناً ومنظمات ،وأشخاص فإن العلاج من هذه الآفة والمواجهة الرصينة لهذا التحدي يبدأ بأولئك الذين هم في قلب العاصفة الدموية العنيفة التي تستغل ثغرات إقليمية ودولية وتستخدم أدوات وطنية وتحيل العنف كواحدة من التقنيات تصدر من دولة إلى أخرى فإن المنطلق نحو التصدي يبدأ فردياً ووطنياً من خلال التركيز على جملة من المسائل وهي كالتالي:
1 استعادة جوهر الإسلام المختطف واستحضار الكمال المحمدي المصادر فالإساءة للإسلام في حقيقة الأمر لم تقتصر على تشويه الإسلام من خلال الرسوم الدنمركية ولكن مايلهم هذه الرسوم لتنال الرواج وتطعن في تسامح الدين الإسلامي هو استيلاءالنزعة المتطرفة على تراث العنف في كل الأديان اليهودية والمسيحية لتطبعها بطابع إسلامي لتدين هذه العقيدة وتبرأ الأديان الأخرى بأخذ هذه النماذج مثالاً معبراً عن الإسلام ، وهذا جهد يستلزم القيام بالعديد من الخطوات:
أولاً: أمام المسلمين مسؤولية ضبط شرعي وقانوني لمفهوم الجهاد الذي أصبح حقاً مباحاً لكل دعي ولكل جماعة ويوجه ضد المسلمين والدولة المسلمة بسبب نقص الاجتهاد وبسبب آخر تناسل مفرط للجماعات التي تمتلك حق التعبير عن الدين ، وبالتالي توحيدالمرجعية وتحديد معالم العقيدة في الموقف من الجهاد وتحديد محدداته وضوابطه وشروطه.
ثانياً: العمل على جعل المسجد مركز تنوير وميدان لازدهار العقل والمعرفة والتحرر من ارث التبرير واجترار خطب مضى عليها أكثر من تسعمائة عام وتحويله أي المسجد إلى بؤره حية ترتبط بقضايا الناس اليومية وتلتزم باحياء قيم التسامح وتوحيد رؤية الأمة والتخلص من كل صور الانقسام المذهبي فيما يتعلق بالنظر إلى الخطاب العام إلى الناس يوم الجمعة ،وهذا الأمر يتطلب من الدولة أن تستعيد الولاية فيما يتصل بقواعد بناء المساجد وشروطها وبناء مناهج إدارتها والأنشطة التي تتم داخلها بالقياس إلى شروط الكفاءة لدى الإمام أو الواعظ ووطنيته ومعرفته المعمقة بالفضيلة التي تواكب احتياجات هذا العصر ،وهذا الأمر يستدعي السيطرة الكاملة للدولة ورقابتها على المساجد عن طريق انشاء لجان احياء.
ثالثاً: إعادة النظر في قواعد عمل مراكز تحفيظ القرآن ومناهج التعليم الديني وشروط التأهل للإمامة عن طريق ادخال علوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات والفلسفة وبالأخص القضايا التي ترتبط بحركة التاريخ وتنتج علماً نافعاً منتمياً ومتكاملاً مع العلوم الأخرى حتى لاتكون الجامعات ومراكز تحفيظ القرآن معامل انتاج وعي احادي ،كما أن من المطلوب وضع برنامج يوسع مفهوم التعليم الديني وربطه بقيم الوطنية ومراقبة الدولة لمدى جدية تنفيذ هذا البرنامج.
رابعاً: تبنى استراتيجية ضد هجوم التطرف وتجفيف منابع الإرهاب عن طريق ترشيد الطاقة الاجتماعية وتنوير المجتمع بحقيقة الحياة التي تمتد من الميلاد حتى الموت والقائمة على إعادة ضبط وتوجيه دور المدرسة والإعلام من خلال تبني مناهج تعليم للتربية الوطنية وبرامج تثقيف تنفتح على قيم إيجابية وتؤصل في الشخصية قيم الإحترام للحياة الإنسانية وتوظف الطاقة العامة لخدمة النمو والتطور العام، وهذا لن يتأتى إلا من خلال بناء مكونات وجدان ووعي بإسلام وسطي، وتسامح ديني وحوار حضارات معمق وبناء ولاء وحب للوطن واستعداد نفسي وعقلي للحوار مع الآخر داخلياً وخارجياً.
المذاهب الإسلامية
أما أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور حمود صالح العودي فقد أكد في ورقة العمل التي قدمها للندوة بأنه يجب على كل الأوفياء والاتقياء من عقلاء الأمة أن يتدبروا كل ما قد لحق بالأمة العربية والإسلامية من جراء الفتن الطائفية والمذهبية، وأن يباشروا العمل الجاد لإخراج أنفسهم والأمة من فتنة سنة وشيعة وأن يتبعوا سنة الرحمن، وأضاف الدكتور العودي قائلاً: كما أن على كل الطيبين من السواد الأعظم من المسلمين على اختلاف مذاهبهم والذين عادة ما يذهبون وقوداً لهذه الفتن فيما بينهم أكثر من مدبريها بينهم، عليهم أن يتقوا الله في أنفسهم وأوطانهم وأن يتدبروا أمور دينهم بأنفسهم دون وصاية أو ولاية من أحد، وأن يعلموا بأن الدين لله وحده وأنه لا يوجد في الإسلام شرعاً قط من يحق له الوصاية أوالولاية على معتقدات وضمائر البشر بما فيهم أنبياء السماء فما بالنا بطواغيت وكهنة ودجالي الأرض، لقوله عزل من قائل: (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)، وقوله: «إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر» وقول الرسول عليه الصلاة والسلام (من قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم ماله ودمه وعرضه وحسابه على الله) (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) صدق الله العظيم.
سوق التطرف
وأخيراً أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالواحد الميتمي أكد في ورقته بأن العوامل الاقتصادية والاجتماعية الصعبة كالمجاعة والفقر وغياب فرص العمل والظروف غير الإنسانية كل تلك العوامل قد تستغلها قوى منظمة في أعمال عنف وإرهاب لمجتمعات لاتعرف العنف أو تناصره، فحركات العنف في سريلانكا والمتمثلة بمنظمة التاميل، والباسك في إسبانيا والحركات الانفصالية في جنوب اليمن وغيرها تستغل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية لتمرير أهدافها الخاصة وتعبئة الجمهور المستهدف وأضاف بأن الحرمان السياسي والثقافي من شأنه أن يولد نزاعاً عنيفاً مؤكداً في خلاصة ورقته بأن سياسة مكافحة الفقر والبطالة وتحسين دخول المواطنين ينبغي أن لا تكون مهمة إنسانية وأخلاقية، ولكن أيضاً جزء رئيس من مهام الأمن القومي في اليمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.