( الحلقة السابعة و العشرون ) عمران ( بفتح العين وسكون الميم وآخرها نون) : مدينة يمنية تاريخية عامرة منذ آلاف السنين حتى عصرنا الحاضر، وهي اليوم عاصمة لمحافظة عمران. تقع مدينة عمران في أعلى قاع البون شمال مدينة صنعاء التي تبعد عنها 50 كم، على الطريق الاسفلتي الذي يربط بين مدينتي صنعاء وصعدة وعند مفترق هذا الطريق المؤدي إلى مدينة حجة في الشمال الغربي. البوابة الشرقية لمدينة عمران، يكتنفها من الجانبين برجان أسطوانيان ويتوجها عقد مركزي منظر للمئذنة وجزء من القبة الضريحية في الجامع الكبير بمدينة عمران ترتفع مدينة عمران عن سطح البحر بنحو 2300 م. يعود تاريخ إنشائها إلى عصور ممالك الحضارة اليمنية القديمة. سميت مدينة عمران بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها الملك الحميري ذو عمران بن ذي مراثد بن ذي سحر. كان قصر عمران الذي أنشأه هذا الملك في مدينة عمران من القصور اليمنية المشهورة في أشعار العرب. وقد ذكره الحسن الهمداني في الجزء الثامن من كتابه الإكليل وفي كتابه صفة جزيرة العرب في القرن الرابع الهجري - العاشر الميلادي حيث يقول الهمداني " المشهور من محافد اليمن وقصورها القديمة التي ذكرتها العرب في الشعر والمثل (الأمثال) :محافد اليمن كثيرة الذي فيها من الشعر باب واسع وقد جمع ذلك كله الكتاب الثامن للإكليل ونذكر الآن المشهور منها ذكراً مرسلاً لأولها وأقدمها غمدان ثم تلفُم وناعط (في محافظة عمران ) وصرواح وسلحين بمأرب وظفار وهكر وظهر وشبام وغيمان وبينون وريام وبراقش ومعين وروثان وإرياب وهند وهنيدة وعمران والنجير بحضرموت ". ((صفة جزيرة العرب - ص 322 ، طبعة 1990، صنعاء)). ورد ذكر مدينة عمران وقصرها في النقوش اليمنية القديمة المكتوبة بالخط المسند. في العصر الإسلامي كانت مدينة عمران واحدة من أهم المحطات التي كانت تمر بها قوافل الحج المسافرة من صنعاء إلى مكة المكرمة والعائدة منها. تخطيط مدينة عمران القديمة : مدينة محاطة بسور من الحجر، كانت تتخلله عشرة أبراج تهدم إحداها، والباقي تسعة أبراج أسطوانية الشكل، تقدر المسافة التي تفصل بين كل برج وبرج من 60 إلى 80 م. أبواب مدينة عمران : ورد في بعض المراجع والمعاجم الحديثة بأن لمدينة عمران بابين فقط من هذه المراجع كتاب مجموع البلدان والقبائل اليمنية للحجري ومعجم المقحفي والموسوعة اليمنية، ومن خلال دراستنا الميدانية للعمارة في مدينة عمران، وجدنا بأن عدد الأبواب التي تفتح في سور مدينة عمران القديمة هي ثلاثة أبواب : البوابة الغربية وتسمى الباب الأعلى والبوابة الشرقية وتسمى الباب الأسفل، والبوابة الثالثة وهي الأصغر وتسمى باب الستر وتفتح في الجهة الغربية من السور ولا تبعد كثيراً عن البوابة الغربية. تعلو البوابتين الأولى والثانية حجرات وغرف خصصت لسكن حراس البوابة. تتميز مدينة عمران القديمة بعمائرها العالية التي يصل عدد الطوابق في بعضها إلى خمسة طوابق، شيدت غالبيتها باللبن، وبعض المنازل في مدينة عمران القديمة بنيت طوابقها الأرضية من الحجر والطوابق العليا من الآجر، وزينت واجهاتها بالمشربيات و بالزخارف الجصية الهندسية المنفذة حول النوافذ والقمريات التي تفتح في الواجهات الخارجية لهذه المنازل، كما زينت بأشرطة من الزخارف الهندسية في المناطق الفاصلة بين الطوابق. تتشابه بعض منازل مدينة عمران القديمة مع بعض المنازل في مدينة صنعاء القديمة من حيث البناء والزخرفة. تزخر مدينة عمران القديمة بالعديد من المعالم والمنشآت التاريخية مثل جامعها الكبير وسُبل الماء الموجودة فيها وسوقها القديم. الجامع الكبير بمدينة عمران : يقع الجامع الكبير بمدينة عمران القديمة في الجزء الشمالي الغربي من المدينة، ويعتقد أن هذا الجامع قد بني على أطلال معبد من المعابد الحميرية، وقد عثر بالقرب من الجامع على قطع ونقوش عليها كتابات بالخط المسند. منها قطعتان من الحجر أعيد استخدامهما في بناء الجدار الشمالي للحجرة الضريحية الملحقة بالجامع والتي تضم بداخلها ضريح مؤسس الجامع. ينسب البناء الحالي للمسجد إلى فاعل الخير مسعود بن سالم الذي أنفق على بناء الجامع سنة 1348هجرية - 1928ميلادية : يوجد نقش كتابي بخط النسخ المنفذ بالجص في الجدار الغربي نصه (( كان الفراغ بمن الله تعالى من بناء هذا الجامع المبارك في شهر شعبان سنة 1348 والجزء الشرقي شهر ربيع سنة))، وقد أجريت على الجامع أعمال توسيع في فترات لاحقة. التخطيط المعماري العام للجامع : بناء مستطيل الشكل يتكون من بيت للصلاة وفناء مكشوف ومئذنة وقبة ضريحية وبركة وأماكن للطهارة والوضوء. يتم الدخول إلى الجامع من مدخل يفتح في الجهة الجنوبية ويؤدي إلى فناء الجامع. هذا الفناء مكشوف أرضيته مبلطة بحجر الحبش، ويحيط بقاعة الصلاة من الجهات الغربية والشرقية والجنوبية. بيت الصلاة مستطيل الشكل بني على ثلاث مراحل : بنيت المساحة الشمالية أولاً وفي فترتين لاحقتين بنيت كل من المساحتين الوسطى والجنوبية. يتوسط جدار القبلة محراب مجوف يعلوه عقد نصف دائري الشكل. يغطي بيت الصلاة سقف مسطح ويتم الدخول إليه من باب يفتح في الجدار الغربي، وتتقدم هذا المدخل ظُلة صغيرة يحملها عمودان من الحجر ويغطيها سقف مسطح. تقع مئذنة الجامع في الجهة الجنوبية للمساحة الأصلية للبناء القديم وتتكون هذه المئذنة من قاعدة مستطيلة الشكل تنتهي من اعلى بشرفة مستديرة بارزة قليلاً عن سمت جدار القاعدة، يعلو الشرفة بدن مستدير ينتهي من أعلا بشرفة بارزة عنه مقامة على حطات من زخارف المقرنص. يعلو هذه الشرفة بدن صغير مستدير الشكل تغطيه قبة صغيرة. وعلى باب هذه المئذنة نقش كتابي على قطعة من حجر الحبش ذكر فيه اسم الأسطى حمود احمد الضلعي الذي قام ببناء هذه المئذنة.