الخوخة.. خيال يتعدى الوصف للطبيعة وللبحر والإنسان، وهي تمثل للزائر واحة العاطفة ومرفأ العقل، تجمع بين الوجه الحسن والخضرة وتحمل المحبة والتسامح ورحيق الجمال.. ومن يسافر إليها لا بد أن يتزين ببخورها الذي لا يشبه أي بخور ويغسل همومه ويستلهم معنى جديداً للحياة، وتبقى الخوخة فاتنة البحر الأحمر والصديقة التي لا تفارق محبيها وزوارها، يهيم بها كل من عانقها ويتمنى البعيد عنها وصالها على الدوام. رومانسية المكان تقع مدينة الخوخة على بعد 160كيلو متراً من الحديدة، وعلى بعد 28 كيلو متراً من حيس على خطي الحديدة وتعز بمحاذاة الساحل.. تتوسط مصبي وادي زبيد من الشمال ووادي رسيان من الجنوب.. وتعتبر أحد الموانئ اليمنية القديمة وبها أجمل الشواطئ والسواحل التي تظللها غابات من أشجار النخيل والدوم، كشاطئ أبو زهرة أحد أروع المشاهد السياحية التي خط لوحتها الخالق وغرس فيها روحانية غير مصطنعة رسمت ألوانها وظلالها بالطبيعة، تلك اللوحة تعكس الجمال الإلهي في «أبو زهرة» بين جنان خضراء يخترقها عذب فرات لا يلامسه الملح الأجاج.. تفصلها رمال ناعمة بالغة الجمال وتمتد عليها مسترخية زرقة البحر الهادئ، مكونة مناظر تتناغم معها أصوات الطبيعة مع أمواج البحر المداعبة فتخلق سيمفونية ترقص على أنغامها أسماك البحر التي تبدو من زرقة البحر بين آونة وأخرى لتلامس أضواء شمس الغروب. وفي الخوخة شواطئ خلابة أخرى كشاطئ القطابا، الكداح، الجشة، المحرق، الوعدة، العنيدة، موشج.. وتنفرد بمشاهد سياحية في اليمن والعالم حسب إشادة السياح القادمين إليها لغرض النزهة والاستجمام وممارسة رياضة الغوص البحري ومشاهدة الكائنات البحرية والشعب المرجانية ومغازلة الطبيعه الساحرة. وفي نهاية شهر يوليو من كل عام تأتي العديد من الأسر اليمنية لقضاء أجمل الأوقات ويقيمون فيها لأيام وفي مواسم الأعياد تنشط الحركة السياحية الداخلية ويزداد أعداد السياح الأجانب إلى اليمن الذين يفضلون زيارة الخوخة والتمتع بمناخها الرحب الهادئ ومياهها العذبة، وقد ساهم في ذلك توفير الإمكانات المتوفرة لرياضة الغوص إلى أعماق البحر بمساعدة مدربين يمنيين.. وتنظم قرية المخا السياحية رحلات بحرية قريبة إلى جزيرة حنيش وزقر، إضافة إلى تواجد الفنادق السياحية المؤهلة.. إن كل ذلك شكل دافعاً أمام ازدياد السياح إلى الخوخة في الآونه الأخيرة. ملتقى البحر بالتاريخ شكلت الخوخة ميناءً هاماً للصادرات اليمنية إلى جانب عدن والحديدة والمخا واللحية.. كما استقبلت التجار القادمين إلى آسيا بسفنهم المحملة بالبضائع لتكون محطة ترانزيت واستراحة لهم في رحلاتهم البحرية إلى أفريقيا وقارات العالم.. وقد عرف كثير من الرحالة الأجانب هذه المدينة.. حيث وصل إليها الرحالة البرتغال والانجليز.. ودونوا مذكراتهم عن جمالها وسحرها الطبيعي كما وصفوا طيبة أهلها وطراز منازلهم المصنوعة من القش. كما أوردها مؤلفون فرنسيون في كتاب: «القمر العربي» والذي احتوى على معلومات متنوعة وصور نادرة لهذه المدينة، إضافة إلى زبيد والحديدة وبرع وكمران. وقد جاءت في المعاجم..الخوخة، الخوهة، الهوهة، الخونة أربع كلمات كل منها بخمسة أحرف بضم الخاء المعجمة الأولى وفتح الثانية وسكون الواو ثم تاء التأنيث المربوطة. وجاءت في معجم القبائل اليمنية أنها من المدن التهامية على البحر الأحمر بالغرب الجنوبي من حيس ويصل عمرها إلى ثمانية قرون وعدة من الموانئ التي ظهرت في القرن السادس الهجري وامتازت بمياهها العذبة إلى جانب البحر وكثرة أشجار النخيل والدوم وصناعة الحصير. والخوخة في القاموس المحيط تعني الكوة والمؤدية بالضوء إلى البيت وتخترق دارين ليس بهما باب.. ويتداول أبناء الخوخة إلى اليوم عدد من الأساطير عن هذه المدينة كالأسطورة التي تفرض حضورها بين الناس ومرجعها إلى التسمية إلى شجرتين خوخ نبتتا كتوأم جوار مسجد العلامة المتصوف «الحسن بن أبي بكر الشيباني» المحور اسمه إلى البختيار لتصبح مكاناً لالتقاء الجمّالة التي تحمل السلع وتنقلها إلى مناطق عديدة بعيدة، وقد تسببت خوخة واحدة بعد انتهائها وانتقالها إلى عالمها الآخر إلى الزوال لتثبت تسمية الخوخة بخوخة وحيدة. والخوخة تعرف بتراثها المعماري القديم ويتميز جامع البختيار ببنائه المستطيل الشكل ولونه الأبيض ونوافذه الخشبية ونقوشه الجصية وعقوده الهلالية المنتشرة داخل جنبات الجامع.. ويعود بناء الجامع الجديد إلى عشرين عاماً.. والذي بني على انقاض الجامع القديم الذي يعود تاريخة إلى 800 عام. ومن القلاع التاريخية في الخوخة قلعة القشلي والقاهرة ويعود تأسيس بنائهما إلى العهد الرسولي وتقعان على ساحل البحر الأحمر.. وهناك العديد من المعالم التاريخية الأثرية التي تستحق الزيارة.