أسرة عارف قطران تكشف عن وضعه الصحي الحرج وتناشد بالكشف عن مصيره    اشتراكي تعز يدعو لمواصلة الاحتجاجات حتى تسليم كافة المتهمين باغتيال المشهري    عمران.. اعتقال شيخ قبلي وشاب في خمر    عاجل.. الرئيس الزُبيدي في مجلس الأمن: يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي عاملاً مساعداً لضمان حق الشعوب في تقرير مصيرها    الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين ترد على تقرير هيومن رايتس ووتش    زيارة الرئيس الزبيدي إلى الأمم المتحدة تحمل بُعدين متناقضين    نتنياهو يتوعد الحوثيين برد "قاسٍ ومؤلم" بعد سقوط مسيرة في إيلات    سريع يعلن عن عملية نوعية جنوب فلسطين المحتلة    وثائقي "الملف الأسود" .. يكشف عن نهب ممنهج لنفط اليمن    الإمارات تفوز على اليمن في كأس الخليج للناشئين    بحضور فريق التوجيه والرقابة الرئاسي.. غيل باوزير تؤكد تأييدها لقرارات الرئيس الزبيدي والبيان السياسي للانتقالي وتتأهب للأحتفاء بذكرى 14 أكتوبر    350 كشاف يشاركون غدا ايقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر بميدان التحرير    مليشيا الحوثي تختطف شيخا في عمران ومعلما في إب بسبب شعار ثورة 26 سبتمبر    مسيرة قادمة من اليمن تستهدف ايلات والاعلام الاسرائيلي يتحدث عن إصابات    عبدالله العليمي يدعو لآليات تمويل مرنة لدعم التنمية في اليمن    مقتل المتهم باغتيال افتهان المشهري.. مسمار جديد في نعش إخوان اليمن    موعد وتاريخ كلاسيكو برشلونة وريال مدريد في الدوري الإسباني    6 هزات أرضية تضرب الجراحي في الحديدة وصنعاء    إنشاء مركز ثقافي يمني في نيويورك بالولايات المتحدة    اجتماع للجنة الفنية المشتركة للبرنامج الوطني للطاقة المتجددة بصنعاء    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة    مسيرة حاشدة بجامعة صعدة إحياء لثورة 21 سبتمبر وتأكيداً على نصرة غزة    التدخل في مهام سالم بن بريك، سيشعل فتيل الفوضى غدا    الحديدة.. وفاة وإصابة 20 شخصا بصواعق رعدية في عدة مديريات    محافظة مأرب تحتفي بأعياد الثورة بمسيرة شبابية وكشفية بالموسيقى العسكرية    وزير النقل يرأس وفد بلادنا المشارك بأعمال الجمعية العمومية لمنظمة الطيران بكندا    الميناء العدني يشارك في البطولة العربية لكرة السلة بدبي بجهود ذاتية    انتقالي زنجبار ينظم ورشة عمل بعنوان "المعالجات والحلول لمكافحة المخدرات والحد من ظاهرة حمل السلاح.    محافظ شبوة يطلق برنامج تشجيع زراعة القمح في 8 مديريات    جريمة قتل اخرى بتعز ضحيتها امرأة والجاني يلوذ بالفرار    محافظ حضرموت يتفقد سير العمل بمؤسسة الاتصالات في الساحل    حملة لإتلاف المياه المعبأة مجهولة المصدر في المنصورة    العاقل يبحث خطط تطوير المكاتب الإعلامية في العاصمة و3 محافظات    مطالبة بتوفير جهاز غسيل الكلى في مديرية دمت    عمار المعلم .. صوت الوطن وروح الثقافة    تحذيرات من العواصف والصواعق الرعدية    رئيس إعلامية الإصلاح يعزي الكاتب الصحفي حسين الصوفي في وفاة والده    المعرفة القانونية للمواطن تعزز العدالة وتحمي الحقوق    بلباو وإسبانيول يكتفيان بالتعادل أمام جيرونا وفالنسيا    الليغا: ريال مدريد يواصل انطلاقته الصاروخية بفوز سادس على التوالي    جمعية الصرافين بصنعاء تعمم بإيقاف التعامل مع شركة صرافة    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    علامات تحذير مبكرة.. 10 أعراض يومية لأمراض القلب    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين وممثلي القطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    البقوليات وسيلة فعّالة لتحسين صحة الرجال والتحكم في أوزانهم    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    صحة بنجلادش : وفاة 12 شخصًا وإصابة 740 آخرين بحمى الضنك    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سُطيح التعكر
نشر في الجمهورية يوم 21 - 12 - 2008

أعشق القمم.. قمم السعادة وقمم الحب وقمم الخلود..وقمم النشوة المعربدة، وقمم المجد ، وقمم الجبال، وهذه الأخيرة إنما هي فيها حتى الثمالة عابثاً بضبابها،ومغازلاً لشموخها، وراقصاً مع موالاتها وجنونها اللذيذ، ومغنياً مع عصافيرها الموسيقية، وتبقى قمة جبل التعكر هي الشاهقة بالنسبة لزماني السائل، ومكاني المتجمد.
قمة التعكر المارد
كم عيوناً أطلت عليها؟
يستحيل التحديد ليس على مستوى البشر العاديين،ولكن حتى على الخارقين أيضاً،أولئك السليلوا زرقاء اليمامة، وأحصى بعين العقل نظراتي الطفولية التي نصت وكبرت متسلقة ذلك التعكر المارد الذي كلما حاولت أن أطاوله بسنيني يطاولني بسرمديته،فكما تكبر احاسيسنا وأعضاؤنا، وترحل أرواحنا، يرحل هو بعنقه الاسطورية نحو الله.. كنا نزور نخلان، وكانت السياني أشبه بشابة فقدت أسنانها، وفوقها النقيلين المشتق إسمها من نقيل السياني ونقيل البقر ونقيل قلعة مستلقية على كتف الجبل كعروسة أكملت استحمامها، وبقيت حدقات ذلك الطفل الذي هو أنا متعلقة بذلك المكان الساحر المسكون بالدهشة تنسج من خلاله حكاياتها الهلامية، فمن تلك البقعة الفان جوخية يولد المطر وينثر الضباب ريشه الناعم الجميل، وفي ذلك المكان الغاباتي المدهش يسكن الإله ،ويسكن عزرائيل، وتسكن بكارة الحياة الطازجة الشهية، غير أن تلك الصور والأخيلة لم تبرحن حتى اللحظة رغم السفر إلى قلب المكان، والترجح في أفيائه المخبوءة ككنز قاروني، ومحاولة الإمساك بخيوطه المتوهجة، رالتوغل في كهوفه المزدحمة بالعناكب والعنقاوات والأساطير التي تقشعر الرأس، وتحرق أسلاكه فتتصاعد رائحة مقززة، وتختلط نعقات البوم بهديل اليمام والحمام، فيما يتجمهر الماء في مظاهرة تسمى بالخرير.
من هو سَطيح؟
تتشاءب الأسئلة،ويتمطى الملل..تتطاول حواصل الأبخرة النفاذة،وتشتد سيقان الإمتطاء وسبق خطواتي الثابتة الطويلة الوالد عبدالجبار مهدي أحمد والكهولة تلبس فوديه، وسلسبيل حديثه يضيء انطفائي المتكرر، والعثرات تنزع اقدامي. فيتمنطق استفهامي:
üمن هو سطيح؟...ويردد الصدى طرقعات ارهاقنا ثم تهطل الإجابة كغيمة:
سطيح التعكر رجل «ذو كرامات كانت الصخور تنصاع لأوامره، فيشكلها كما يشاء، ويعجنها كما يريد، ثم أطلعني على مدافنٍ غاية في الإعجاز..كانت اجواؤها العميقة ملساء كأنها قُدت بسيف سحري، وكانت الهندسة الفريدة تسكن مدفن جهنم العملاق، وعقود من الإبداع المزخرف تتداخل في نظام معقد، وتتدحرج الدرجات نحو سُلم يسبح في غورٍ سحيق.ويستطرد عبدالجبار مبدداً دهشة الفضاء، وصمتي المضج بالقول:
لقد كان سطيح أشهر من نارٍ على علم ،وقد جاءت إليه هند بنت عتبة مع زوجها السابق لأبي سفيان، والذي رماها بالخيانة ،وحين وصلت بالقافلة لإثبات براءتها لزوجها الوقح، طمأنها سطيح بصدقها وكذب بعلها، ثم أضاف وزوجها أمامها وجهاً لوجه مطلعاً إياها على مستقبلها:سوف يأتي من نسلك ملوك عظام يقيمون الدنيا ويقعدونها ،فتهللت أسارير زوجها المشك بها، لكنها نهرته قائلة بغضبٍ حاقد:
والله لا أجعله من نسلك..وافترقت عنه فتزوجها أبو سفيان،فجاء منهما معاوية والدولة الأموية برمتها..ويلفنا الصمت من جديد وعيون عقولنا تتماهى في هذه القصة الحقيقية، وتطل من نافذة الذاكرة صفحات مسفوك عليها الحبر المتحدث عن سطيح في مختلف الكتب الحديثة والقديمة،ويدمدم الريح المتطارد مع الأرواح الهائمة في دوائر الكهوف المتماوجة ، وصفير مرهب يكاد أن يُترجم إلى كلمةٍ واحدة هي:النجدة.
لقاء مع نهر
قشر الليل تزداد سُمكاً، وشعب الجلب في أعين من زجاج، والمدى نجوم..كانت سائلة التعكر تصدر رنيناً خرافياً، والضباب ينيخ ركابه والأشجار داركولات وادعة، وأفلاك النفس تدور..
هل الجالس كالسائر؟
هل التجمد كالذوبان؟...ذلك الصوت البيتهوفوني يناديني بإلحاح ، فيجذبني بلا مغنطة،ويعزفني بلا أوتار ، وتكت ساعة الجدار فأخذني الوالد عبدالجبار إلى النهر، وبطارية الجيب الواهية تسبق فرحتنا، ثم قعدنا القرفصاء، وهسيس الكون أهداب خنفساء، ففتحت آذان مسجلتي الصغيرة بلا خجل أو حياء،وجعلتها تشرب سقسقة الشلال في لقاءٍ صحفي معه..كان أبلغ من لسان شاعرية، وأودع من ملاك كريم، واصخت..أصختُ السمع حتى نخاعه، ثم جعلت أستمع لقصص بن مهدي بلهجته النقيلينية الممتعة عن جن الماء وعنقاواته وغوله، والمتوحشة التي ابتلعت ضمداً من الثيران ورجالٌ كانوا يتناولون الغداء، والفدية التي قدموها لها حتى لاتكرر هذه البشاعة وعفريت دار سليم،والشخص الذي قتل الحردان فأخذته الجن لمحاكمته، لأنه قتل إبناً لهم، والحجج التي قدمها لشيخهم فحصل على البراءة، ثم أضاف قائلاً بأن الناس إلى زمن ليس ببعيد كانوا يلزمون منازلهم بمجرد ارتداء الفضاء لمعطفه الأسود الحالك كالحجر.
قمة التبت
ليت الأماكن التي نعشقهات نسكنها، وتلبسنا ونلبسها، وليت البشر الذين نحبهم بصدق نعيش وإياهم، وتتبخر الأمنيات و فيما تتسع دوائر الرحيل، ويتفصد الألم خطوطاً من دماء،ويبقى للأيدي حرية المصافحة والعناق..عناق الجبل الجبار، وزغردة الماء، وأزقة الحب المبذور حديثاً، والناس أولئك الناس التبتيون المشرئيون بالحمرة اللذيذة، ثم الإنسحاب من معركة الرحيل المنكسة الأعلام بلا دموع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.