أصبحت مطلقة لمرتين وهي لم تتعد بعد الثمانية عشر عاماً، حاولت الخروج من بيتها بعد مصادمات كثيرة مع أخيها، لكي تكسب قوتها من خلال فرصة عمل شريفة، أما صاحب العمل فقد حاول التحرش والتلميح برغبته بإقامة علاقة حب غير شرعية معها، بعد أن علم أنها مطلقة، فكل شيء في نظره متاح، وممارسة العلاقة غير الشرعية ليس هناك مايثبتها جسدياً. أما الأخرى فهي لاتزال تعاني الأمرين بسبب طلاقها من زوجها وعودتها إلى بيت أهلها، فقد فرت من بيت زوجها الذي كان لايوفر فرصة إلا ويضربها فيها، وفي بيت أهلها تمت معاملتها كخادمة، ومنعت من الخروج من بيت العائلة، لأنها امرأة مطلقة، وكانت نساء العائلة تنظر إليها وكأنها كتلة من الخطأ والخطيئة، وتلك هي النظرة في العديد من المناطق العربية. أما الأخيرة فقد جلست في بيت أهلها بعد طلاقها، ولكن نساء العائلة قررن التخلص منها فقط لأنهن يرغبن في الحصول على كل الممتلكات وهي تشكل عائقاً في ذلك، فدبرن المكيدة لها، وتم قتلها على خلفية مايسمى بشرف العائلة!!!. قد يتم النظر إلى العنوان على أنه شيء صارخ وغير منطقي، ولكن إلى متى سنبقى نغلف مشاكلنا بورق من السلوفان، ونستعمل المصطلحات التي توظف فقط لتحسين الصورة السلبية لغالبية مانتوارثه في عادتنا وتقاليدنا، وهنا أسألكم هل الظلم الذي قد يصل للقتل يحتاج إلى تحسين الصورة؟! هناك الكثير من النساء اللواتي يعشن في بيوت أزواجهن وهن شبيهات بالمطلقات، وترضى الواحدة منهن على العيش بتلك الطريقة فقط لأنها تخاف من أن تصبح مطلقة في نظر العائلة والمجتمع، وأطفالها. ومايجبر العديد من النساء المتزوجات على تحمل ظلم أزواجهن هو أبناؤهن، حيث يصبرن على الذل والضرب والتحقير وقلة القيمة، لكي لاتعيش يعيداً عن أولادها، وأيضاً لأنها لاتريد أن ينادى لبناتها عندما يكبرن “با يابنات المطلقة”، لأن ذلك قد يؤدي حسب العادات والتقاليد إلى عدم تقدم أحد الشباب لطلب الزواج من إحدى بناتها. وعندما تحاول المرأة المطلقة الخروج إلى سوق العمل، فإنها قد تتعرض للتحرش من قبل رئيسها أو زملائها أحياناً، لأنها امرأة مطلقة ولاتمتلك عذريتها التي أثبتتها في زواجها الأول، ويعتقد أولئك الرجال أنهم إذا وصلوا إلى مبتغاهم لن تكشف جريمتهم. وهناك بعض نساء العائلة اللواتي يعاملن المطلقة على أنها مجرمة ومنحرفة ومستعدة لممارسة الهوى مع أي رجل كان، وينظرن لها على أنها قد أوصمت العائلة بالعار، عار لاذنب لها فيه، فتعيش تحت أقدامهن ممنوعة من الحركة أو التنفس أو الرغبة أو حتى الموت إلا بإذنهن وحدهن. فأكثر ماتعانيه المرأة المطلقة غالباً هو معاملة أمها أو النساء الحاكمات في العائلة، حيث يتفنن في إذلالها، ويوجهن لها التهم، وأول تهديد يوجهنه لها دائماً هو أنها إذا لم تسمع مايقلن لها، سيخبرن رجال العائلة بأنها غير شريفة وأنها ستضع شرف العائلة المزعوم في التراب، وينقلب صدر الأم الذي أرضع وربى إلى عدو يحارب من أرضعه، وذلك تحت ذريعة الحفاظ على شرف العائلة. أما رجال العائلة، فغالباً ماينظرون للمرأة المطلقة وكأنها مارست الخطيئة وعادت إلى بيتها، فيعاملونها بقسوة وحدة، وتصبح كشيء أو كمرض أصاب بيت العائلة ولابد من استئصاله، ويكون الحل إما بإخفائها من محيطها أو بتزويجها لرجل طاعن في السن أو قتلها، وآخر الحلول أبسطها في نظرهم، فالقانون لايحاكمهم، فيقومون بالقتل تحت غربال شرف العائلة. والمشكلة الكبرى التي تعاني منها المطلقة غالباً هي أن المحيطين بها يعاملونها على أنها امرأة لاتستطيع الجلوس بدون الخلوة مع رجل، ففي كل حركة والتفاتة لها، يظنون أنها مارست الحب مع رجل، ويظل الشك يحيطها في كل لفتة وسهوة، والمصيبة الكبرى إذا طرأ عليها أي تغير في شكلها أو تصرفاتها، فتقع المصيبة وتبدأ الألسن في العمل تجاهها. وهناك النساء المتزوجات اللواتي يعاملن المطلقة على أنها خاطفة رجال، فهن يخفن من أن تقوم المطلقة بالزواج من أحد أزواجهن، فيقمن بتشويه سمعتها، ومنعها من دخول بيوتهن، فتبقى حبيسة قبر لا تخرج منه ولا يمكنها فيه سوى مزاولة حرية التنفس. وبين متاهات ومتناقضات ماسبق ذكره، تواصل المطلقة السير على خيط العادات والتقاليد، وقد تتمكن بعضهن من العيش بكرامة، أما البعض الآخر فتبقى أسيرة نظرات الشك والاتهام، ومرة أخرى أتساءل: لماذا يعامل المجتمع العربي المرأة المطلقة كعاهرة..؟ لماذا؟!