تمتلك بلادنا طبيعة سياحية ساحرة ومنها عيون المياه الحلوة التي عملت على إنعاش السياحة العلاجية في عدد من محافظات الجمهورية التي تنتشر فيها الحمامات الطبيعية ذات المياه المعدنية الحارة والتي تمثل وجهة سياحية للكثير من الأفواج السياحية والزوار بغرض الاستجمام والاستشفاء بمياهها الكبريتية الحارة فيما يلي نسلط الضوء على أشهر هذه الحمامات العلاجية التي تزخر بها بلادنا وطبيعة الأوضاع التي تعيشها والمعوقات التي تحول دون تطوير بنيتها التحتية الكفيلة بإحداث نهضة سياحية في مجال العلاج والاستشفاء بالمياه الحارة وآفاق التطور المنشود في هذا المجال. بحسب الاحصائيات الرسمية فإن بلادنا تمتلك ما يزيد على 08 حماماً طبيعياً تتوفر فيها المياه الحارة التي تستخدم للاستشفاء من عدة أمراض معدية وجلدية وأمراض المفاصل المعروفة بالروماتيزم وهناك الكثير من الحمامات الحارة الخالية مياهها من مادة الكبريت حيث تستخدم هذه المياه في علاج الكثير من أمراض الجهاز الهضمي حيث ينصح بها الكثير من الأطباء كما هو حال حمام جارف بمديرية بلاد الروس محافظة صنعاء الذي يمثل العلاج الناجع لأعراض عسر الهضم وانتفاخات المعدة علاوة على فاعلية الاستحمام بالمياه الحارة في علاج المسالك البولية والأمراض الجلدية وخصوصاً لدى كبار السن. أشهر الحمامات الطبيعية هناك الكثير من الحمامات الطبيعية التي تتمتع مياهها بدرجة حرارة عالية قادمة من تحت صخور الجبال دونما تدخلات بشرية يسبح لها العبد للخالق المعبود ومن أشهر هذه الحمامات حمام دمت السياحي الشهير وسمي بذلك نسبة إلى مدينة دمت المتواجد فيها وتضم المدينة العديد من الحمامات الطبيعية والتي تبلغ نحو ثمانية حمامات أشهرها حمام الأسدي وحمام الديوان وحمام الحساسية وحمام العودي وحمام الحسن وحمام البربرة العليا والسفلى وحمام الدردش وكلها تأخذ مياهها من ا لعيون المتدفقة من تحت الحرضة الكبرى التي تضم في داخلها المياه الكبريتية والتي تعد من أبرز المعالم السياحية في المنطقة. ومن الحمامات المشهورة في بلادنا حمام السخنة بمحافظة الحديدة والذي يرتاده الكثير من الزوار بغرض الاستجمام في مياهه الحارة وله موسم سنوي يشهد فيه إقبالاً مكثفاً كما هو حال حمام علي بمديرية المنار محافظة ذمار وحمام علي هو مركز المديرية وفيه العديد من الحمامات أشهرها حمام الإمام والذي تم إعادة ترميمه على نفقة المؤسسة الاقتصادية اليمنية وحمام الآنسي وحمام الجامع الكبير بالإضافة إلى العديد من الحمامات الطبيعية التي تمثل وجهة سياحية في غاية الجمال والروعة ساعدها في ذلك الطبيعة الزراعية الخضراء الآسرة والجذابة التي تمتاز بها منطقة حمام علي ويربط المنطقة طريق اسفلتي جديد 9 كم إلى الشمال من مدينة ذمار علاوة على الطريق القديم معبر بني سلامة المؤدي إلى محافظة الحديدة وعلى مقربة من منطقة حمام علي يقع حمام النايجة وهو حمام مياهه معتدلة نوعاً ما مقسم إلى قسمين نسائي ورجالي ويقصده الكثير من المواطنين والمسافرين للاستحمام . بالإضافة إلى حمام اللسي الواقع في مديرية ميفعة عنس بمحافظة ذمار وهو عبارة عن كهوف منحوتة في جبل اللسي تخرج منها أبخرة ساخنة مشبعة بالكبريت وبخار الماء يتم العلاج بواسطتها من كثير من الأمراض الجلدية مثل البرص ويقع إلى الشرق منه حمامات جبل اسبيل وهي حمامات تأخذ ذات الشكل وذات الطبيعة التي تمتاز بها حمامات اللسي. وتكاد تكون محافظة حضرموت من أكثر المناطق اليمنية احتضاناً للحمامات الطبيعية الحارة والتي تتوزع في معظم مديرياتها أكثرها شهرة حمامات الحامي والديس الشرقية وموبير وتبالة وكلها تمتاز بمياه طبيعية حارة تستخدم لعلاج العديد من الأمراض المفصلية والجلدية ، وهناك في لحج الخضيرة يوجد حمام شهير هو حمام الحويمي والذي يقدم خدمات علاجية للزوار والسياح بالإضافة إالى حمام رضوم بمحافظة شبوة وهناك الكثير من الحمامات الطبيعية المغمورة التي لا يتسع المجال لذكرها وهي جميعها تمثل ثروة سياحية فريدة تحتاج فقط لمن يستغلها ويوظفها التوظيف المناسب لتقوم بتأدية الدور المنوط بها على أكمل وجه. معوقات النهضة السياحية على الرغم من هذه الثروة الغنية في جانب السياحة العلاجية المتمثلة في الحمامات الطبيعية إلاّ أن تأثيرها مايزال محدوداً ومحدودا جداً حيث تفتقر هذه الحمامات إلى أبسط مقومات النشاط السياحي إذا ما استثنينا من ذلك حمام دمت حيث إن بقية المناطق فيها العديد من المعوقات السياحية أهمها انعدام مقومات النشاط السياحي من فنادق ومطاعم ومرافق سياحية تجذب السائحين وتشجعهم على الإقامة فيها والتمتع بطبيعتها الساحرة وحماماتها الطبيعية الحارة وهذه مشكلة مزمنة ما تزال حاضرة بقوة اليوم في وقت تقف المجالس المحلية والجهات ذات العلاقة عاجزة عن الترويج للفرص الاستثمارية المتاحة في القطاع السياحي ومقصرة في استكمال رفد هذه المناطق السياحية بالخدمات العامة الضرورية ومن غير المنطقي أن تستمر حالة اللامبالاة هذه تسيطر علينا إزاء التعامل مع قضية انعدام مقومات الجذب السياحي وهو الأمر الذي يفسر ندرة الأفواج السياحية التي تقوم بزيارة هذه المناطق. الاستنزاف الجائر للمياه الطبيعية الحارة ولعل من اللافت هنا الحديث عن مسألة هامة متعلقة بهذه الثروة السياحية الطبيعية حيث برزت في الآونة الأخيرة قضية انحسار المياه الطبيعية الحارة المتدفقة من العيون الصخرية بسبب قيام البعض طمعاً في الكسب الوفير من المال باستخدام الدينامو الكهربائية لسحب أكبر كمية من هذه المياه بغرض ملء الأحواض المخصصة للاستجمام في مدة زمنية بسيطة وهو ما أدى إلى تراجع كمية هذه المياه في الوقت الراهن وهو ما قد يعرضها للنضوب قريباً إذا لم يتم التدخل السريع والفاعل من قبل السلطات المختصة في مكاتب السياحة في المحافظات والسلطات المحلية في المديريات التي باتت اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالحفاظ على ما تبقى من هذه الثروة والعمل على استغلالها في تنشيط وإنعاش النشاط السياحي لما من شأنه الحصول على عائدات وموارد مالية تسهم في تطوير البنية التحتية في إطار وحداتهم الإدارية وهنا أيضاً لابد أن يكون لوزارة السياحة دور فاعل في الإسهام بدعم هذه المناطق السياحية الواعدة والحرص على التنسيق مع الحكومة والشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة على إقامة المشاريع الاستثمارية السياحية والترويج المتميز لهذه المناطق عبر وسائل الإعلام المختلفة وخصوصاً في هذه المرحلة التي تحولت فيها السياحة إلى صناعة مربحة تسهم في دعم الاقتصاد والتنمية والتطوير والتحديث وهو ما نأمل أن تنتهجه بلادنا في ظل امتلاكنا للمؤهلات السياحية من مواقع أثرية وتاريخية ومناظر سياحية خلابة وفلكلور شعبي متنوع وثروات سياحية فريدة تحتاج فقط للمسات بسيطة لتضفي عليها الألق والتميز والحراك السياحي المتميز ولتكن البداية من خلال استغلال طبيعة الحمامات الطبيعية العلاجية الحارة قبل أن تتحول إلى أطلال للذكرى.