نفس الستائر زهرية اللون والحائط الأبيض تحسّ من نصاعة لونه وجموده أنه إنسان لا يحسّ بشئ , أشيح بنظري وإذا بالتلفاز المقفل وعدة أجهزة كهربائية فوقه تخال أن لها سنين في سبات قاتم أراقب أكوام أوراقي وملابسي المبعثره هنا وهناك ووأنا مازلت أنتظرها بفارغ الصبر والثواني تمشي ببطء وكأنها كأيامي وسنيني تتحرك بوتيرة واحده كالآلة الصماء . هل هو الحب ؟ سؤال لم أعتقد يوما أنني سأسأله لنفسي وأنا من كنت أعتقد أنني مؤلف قاموس الحب. أحببت آلاف الفتيات وكتبت القصائد ونشرت الأبيات كالغسيل في منشر بيتي فكلّ يوم أغسل ثيابي مع قلبي لأنني كل يوم عاشق جديد ولكنني اليوم توقفت وتوقفت ثواني الساعة قبل دقائقها وسكن الصمت صدري وتوقفت حركة السير في شرياني نعم لقد توقف الزمن فقد جاءت وقلبت عالمي لم أعرف أن أتكلم وأنا من ألف الكلام وشربه مع حليب أمي ولم أعرف أن أتصرف وأنا أستاذ اللباقة ومعلمها لكل العصور , يداي تعرقان وعيناي تسمرت بوجهها فانتقلت مني لها أصبحت كالطفل في أول يوم بالحضانه , هل هو الحب ؟ لا أعتقد أنه كذلك لأن كل الزهور التي اقتطفتها من جذورها وزرعتها في جذعي على مر الأزمان كنت أدعوها بالحب ولكنها مختلفه فهي أنثى وفراشه وزهرة برّيه وسنابل قمح ذهبيه وضوء الشمس , لا ليست حبيبتي لا أعتقد أنها كذلك , فالحب عندي أقل سعرا منها والحب عندي أتناوله مع قهوة الصباح أو مع فطيرة محلاه فأنا أحب كل يوم إمرأه ولكن أنتي لستي إمرأه لا أعتقد ذلك ,لماذا تمتلأ الحياة بالنوارس البيضاء التي تحلق فوق البحر الأزرق كالفيروز حين تأتي من بعيد ولماذا تهوي النجوم وينكفأ نور القمر حين يشم رائحة عطرها ولماذا تتشح السماء بالربيع الأبدي ورائحة الياسمين تعبق بالأرض حين تقبل علي , هل هي ملاك السعادة والفرح معقول ذلك ولكن ماهو ليس بمعقول أنها إقتلعتني من أرضي الفاسده وزرعتني بين السحاب كالحلم فتذوقت طعم المطر وجعلت عروقي صافيه نقيه كالسماء هل هي حبيبتي ؟ صرت مجنونا وكتبت إسمها على جدران صدري بعد أن امتلأت جدران غرفتي بأحرف اسمها وقمت بحفر صورتها بين ضلعيّ بعد أن تهشمت الجدران من الحبر , فكرت كثيرا أن أصارحها بحبي لها ولكنني لا أعتقد أنه الحب فيا ترى ماذا سأقول لها ؟ إني أحبك !!! ما أسخفني أنا لا أحبها فعلاقتنا أعمق من كلمة ردّدها الملايين للملايين ورددتها أنا للآلاف , لا أعرف ماذا سأقول لها . جحضت عيناي وانعقد حاجباي ولفني سواد رهيب من القلق فلأول مرة بتاريخي الحافل بالمعارك والحروب مع القلوب والعيون والشفاة لا أعرف ماذا أقول وماالذي أشعر به تجاهها فوجدت نفسي وبيدي حقيبة سفر سوداء على سكة قطار فاتني ولم ألحق به تائه لا أجد الكلام وأنا من كنت أخبزه كل يوم لأذيقه للناس , يا أيتها اللامعقوله واللاعاديه واللاحبيبه . من تكون وبأي صيغة سأتحدث معها , تلحفت دمعاتي بين جنبات سريري هنا وهناك وأنا أراقب تلك الستائر الزهرية اللون والحائط الأبيض الجامد بلا قلب وأكوام أوراقي المتناثره هنا وهناك وملابسي المبعثره سألتهم نفس السؤال .لم يجبني إلا تصفيق باب النافذة من شدة رياح الشتاء , لأول مرة أحس بأنني كوكب بلا حياة يراقبني العلماء بدهشة ولا يجدون لي سببا ولا حلا , من هي ليست حبيبتي فلماذا يهتز كياني وينقلب وجودي وتورد أغصاني وتشتعل نيراني وأحضن السماء وأردد الأغاني مع البلبل والكروان حين أسمع حروف اسمها ولماذا تتصل بمعجزات الأرض بجمالها وتقترب من حدود الشمس بضيائها وتلامس حدود روحي مع حدود الشمس لأني أنا والشمس يجمعنا شئ مشترك وهو الاشتعال , الشمس تشتعل نارا وأنا أشتعل شوقا لرؤيتها ليست امرأه فقد قابلت آلاف النساء فهي مختلفه وهي مميزه .