تعد الصهاريج من ابرز المعالم الأثرية والسياحية في مدينة عدن وقد اختلفت المصادر التاريخية في تحديد الوقت الذي تم فيه بناء صهاريج الطويلة، فلم يجد الدارسون والباحثون الأثريون أي سند أو نقوش أو دلالة تشير إلى تاريخ بنائها، ولكن القول الغالب أن بناءها مر بمراحل تاريخية متعددة كان أولها في القرن الخامس عشر قبل الميلاد في عهد السبئيين وقد عاصرت الصهاريج مدينه عدن منذ قديم الزمان فقد أشار أليها صاحب كتاب ( الطواف حول البحرالاريتري ) في القرن الأول الميلادي... وذكروجود أماكن للتزود بالماء العذب في عدن ، وذكرها الهمداني كذلك، وأكد ألمقدسي وجود حياض عده،كما راءها ابن المجاور ، ومن بعده ابن بطوطة عندما زارها في القرن الرابع عشر الميلادي وأرخ ابن الديبع خراب بعضها وتقع هذه الصهاريج والتي تسمى أيضا بصهاريج الطويلة نسبه إلى منطقه الطويلة تقع في مدينة كريتر بمديرية صيره وتحديدا بوادي الطويلة على امتداد خط مائل من الجهة الشمالية الغربية للمدينة التي تقع أسفل مصبات هضبة عدن المرتفعة حوالي 800 قدم عن سطح البحر. وتأخذ هذه الهضبة شكلاً شبه دائري حيث يقع المصب عند رأس وادي الطويلة وتتصل الصهاريج بعضها ببعض بشكل سلسلة وقد شيدت على مضيق يبلغ طوله 750 قدماً تقريباً، ويحيط بها جبل شمسان بشكل دائري مع وجود منفذ يؤدي لمدينة كريتر.
وتعد هذه الصهاريج من المعالم الهامة في مدينة عدن كما إن لها وظائف مهمة فهي تعمل على خزن المياه العذبة لمدينة عدن والمحا فظة عليها إذ يقدر الباحثون أن عدد صهاريج الطويلة بنحو 50 صهريجا معظمها مطمور تحت الأرض أو أصابه الخراب، وما هو قائم منها لا يزيد على 18 صهريجا فقط وتستوعب نحو 20 مليون جالون
كما أن لها وظائف أخرى فهي تقوم بحماية المدينة من السيول وكوارث الأمطار بحيث تقوم بامتصاص حدة اندفاعها كما تقوم بحجز الحجارة والطمي المرافق للسيول كما تقوم بتغذية الآبار بالمياه الجوفية في المدينة وتعد هذه الصهاريج من أقدم المنشآت المائية في منطقه الجزيرة العربية التي عملت لاستغلال مياه الأمطار ومقاومة شحه المياه العذبة ، إلا أنها ومع مرور الزمن أهملت ودفنتها السيول حتى فترة الاحتلال البريطاني لمدينة عدن حيث قامت بالكشف عن الخزانات المدفونة وإعادة ترميمها كما أنها أضافت صهريجاً ضخما لم يكن موجودامن قبل وهو ما يعرف الآن بصهريج كوجلان.
ولقد صارت الصهاريج اليوم معلما تاريخيا ومزاراً سياحياً ومنتزهاً فريداً في مدينه عدن والتي لا يستطيع الزائر لها إلا أن يقف مبهورا أمام هذه الإبداعات التي قاومت الجفاف وحافظت على المدينة حية ومزدهرة تستقبل السفن على موانئها لتزودها بمياه الشرب العذبة قبل أن تبحرمن هناك لتشق طريقها في المحيط الهندي.
ولا تكتمل أي زيارة لمدينة عدن إلا بزيارة هذا الصهاريج الجميلة والرائعة وقد زرتها أنا شخصيا مع مجموعه من زملائي وأعجبتني كثيراً كما لفت نظري طريقة ربط الحجارة مع بعضها البعض وهي طريقة مختلفة عما هو مألوف بحيث تربط الحجارة بوصلات من الحديد بين الحجر والآخر وكأنها قطعه قماش وهو ما يدل على تطويع الإنسان للأحجار والحديد على حسب رغبته،