مَنْ ليس قادراً على الحبِّ، ولا على الصّداقَة ذلك الَّذيّ يراهن غالباً على الزّواجِ..هكذا يقول نيتشه، وأضيف بأنه ذلك الذي يراهن على الموت أيضاً..! “الخبر” 240 حالة انتحار في العام الماضي- فقط لا غير! ذلك ما تقوله إحصائيات وزارة الداخلية،وعلى اعتبار أنها جاءت أقل بفارق”18” حالة عن العام 2007 هذا ما سنعتبره مبعثاً للاطمئنان،وان بلغ الإطمئنان ذروته لن يغني مطلقاً عن طرح تساؤل بريء ك”لماذا ننتحر؟”..أو لماذا انتحر هؤلاء؟..وما الفئة العمرية التي ينتمي لها المنتحرون حديثاً،وأيضاً هل هم إناث أم ذكور؟..ذات الإحصائيات تقول بأن نسبة الإناث بلغت 56 حالة وفاة جراء انتحارهن،والأسباب كما ترجعها أغلب الدراسات إلى حالة الإجبار التي تمارس ضد الفتيات هنا، وتزويجهن ممن لا يرغبن،وإلى قضايا شرف تجبر الفتاة نفسها على أن تغطي ما يعتبره المجتمع جريمة بالانتحار والموت..قد يبدو في الإحصائيات أن الإناث كضحايا قليلات بعكس الذكور التي تشير الإحصائيات وقوعهم كضحايا للكثير من الاحباطات والممارسات المتعددة والتي لا تراعيهم في كثير من الأحيان،عندها يصبح اللجوء للموت أقرب الطرق لإثبات الوجود..والتأكيد للآخر على ذلك.و.بقدر الحمق الذي يغلف فعلاً كهذا إلا أن هناك أعذاراً تقف في الطرف الآخر إلى صف الضحية لتؤكد له صحة ما سيقترفه..وعده حلاً أنجع بين كثير من الحلول التي لم تصل بهم إلى طريق الحياة ربما فعل مكلف..لذا سنبدو في كثير من الأحيان لا نستحقها!.. من يتأمل الإحصائيات التي قذفت بها وزارة الداخلية يروعه حجم الموت والدمار الحاصل للنفس البشرية بفعل تهور الإنسان ذاته..وتعجله قدره..وبفعل حماقات أطراف تسعى لوأد حياة إنسان آخر لا يجيد فن القتل المجاني، وسفك الدم لأسباب واهية، ومتخلفة..تدرك ذلك حين يقتل شخص ما آخر لسبب أحمق وتافه،أو حين يوجه إنسان البندقية نحو صدره ، لشعوره بأن العالم كله يقف ضده، دون أن ينتبه إلى أنه وحده من يقف ضد نفسه..وليس هناك من هو متفرغ له..! أتساءل..من من أصدقائي الطيبين انتحروا؟..وبقدر سذاجة تساؤل كهذا..أليس حرياً أن أحصي ما تبقى من أصدقائي واحداً..واحداً..!! «الداخلية نت» أوضحت في إحصائيتها السابقة أن حوادث الانتحار خلال العام الماضي حدثت في 20 محافظة شملت 116 مديرية تصدرت القائمة محافظة تعز حيث سجلت فيها 28 حادثة انتحار..وتعز باعتبارها أكبر محافظات الجمهورية من حيث الكثافة السكانية تؤكد –أيضاً- تصدرها لكثافة الانتحار فيها..ولا تبعد المحافظة الثانية كثيراً عن تعز من حيث عدد المنتحرين فقد جاءت إب ثانياً ب26 حالة،ثم أمانة العاصمة ب24..وهكذا..والمحافظة الوحيدة التي لم يسجل فيها حالة انتحار واحدة هي الجوف..لتبقى الجوف بكراً حتى من الانتحار..! والسؤال..لماذا ننتحر؟ من منا لم تراوده فكرة الانتحار..لأتفه الأسباب..أظنكم سترفعون أصابعكم جميعاً..باستثناء كثيرين طبعاً..إنما الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها أن ثمة ما يمكن اعتباره دعوة داخلية للخلاااااص..دعوة يتجاوزها الراسخون في الحياة،ومن يستحقونها بالفعل!. الحياة مكلفة الثمن..وباهظة أيضاً..هل نستحقها؟.. لا شك في ذلك..ولكن سنستحقها أكثر حين نؤمن بها كثيراً..ولتكن دعوتنا للحياة..دعوة للاستمرارية..ودعوة للبقاء،لنجرب أن نحب أنفسنا قليلاً..قليلاً فقط..عندها سنحب الجميع..فالذات غالباً ما تكون انطلاقاً للآخر..فحين نحب ذواتنا..نحب الآخر..وهكذا... [email protected]